وتربط الدول الخليجية المصدرة للنفط عملاتها بالدولار الأميركي من أجل استقرار تلك العملات واستيراد التضخم المنخفض من الخارج، وغالبا ما تتبع خطوات السياسة النقدية للمجلس الاحتياطي الاتحادي (المصرف المركزي الأميركي).
غير أن التوافق بين اقتصادات هذه الدول والولايات المتحدة تقلص خلال الآونة الأخيرة، إذ إن ربط العملة يجبر صناع السياسات في دول مجلس التعاون الخليجي على مواكبة قرارات مجلس الاحتياطي الاتحادي، حتى وإن كانت الأوضاع في الداخل تستلزم العكس.
وقال مدير إدارة البحوث والسياسة النقدية بمصرف قطر المركزي، خالد الخاطر، في ورقة بحثية مقدمة في مؤتمر للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، إنه "ربما يأتي التضييق في السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي في الوقت غير المناسب لدول مجلس التعاون. هناك قدر كبير من حالة عدم اليقين عن أسعار النفط وعن السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي".
ونبه الخاطر، في الورقة التي نقلتها وكالة "رويترز"، إلى أنه "إذا استمر انخفاض أسعار النفط في الأمد المتوسط فأكثر، وبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، فإن ذلك يمكن أن يسهم في التباطؤ الاقتصادي في دول مجلس التعاون، ولكن ذلك يعتمد على وتيرة ومدى عملية التضييق في السياسة النقدية.. متى تبدأ ومدى استمراريتها".
وأكد الخاطر، في الورقة البحثية، أنها تعرض رؤيته الشخصية باعتباره متخصصا في السياسات، ولا تمثل وجهة النظر الرسمية للمصرف المركزي القطري بأية حال من الأحوال.
وهبطت أسعار النفط نحو 70 دولارا للبرميل منذ يونيو/حزيران الماضي إلى أدنى مستوياتها في نحو 6 سنوات، حيث اقتربت في وقت سابق من الشهر الجاري من 45 دولارا للبرميل.
وقال الخاطر إن "انخفاض أسعار النفط وبقاءها تحت السعر التوازني لميزانيات دول المجلس لفترة تمتد إلى المدى المتوسط - عام 2017 أو أكثر - يمكن أن يؤجج وضع الدورة الاقتصادية بين الطرفين، أي يوسع الهوة".
ومن بين الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، وهي دول تتمتع باحتياطات كبيرة من النقد الأجنبي إلى جانب سلطنة عمان والبحرين وهما أقل ثراء. والكويت هي الوحيدة التي تربط عملتها بسلة من العملات بدلا من ربطها بالدولار مباشرة.
وتراقب الأسواق عن كثب اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي، الذي يعقد اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء، لتحديد سعر الفائدة للوقوف على مدى تصميم المركزي الأميركي على البدء في رفع أسعار الفائدة في منتصف العام، مع انخفاض أسعار المستهلكين بفضل تراجع أسعار النفط رغم الزخم الاقتصادي القوي.
وأكد الخاطر أن "قطر لا يزال لديها بعض المجال في الأجل القصير، وربما إلى المتوسط، لتحتفظ بسعر الفائدة عند المعدل الحالي، لأنها احتفظت بمعدل فائدة مرتفع مقارنة بالاحتياطي الفدرالي".
وأبقى مصرف قطر المركزي سعر فائدة الإيداع الرئيسي لليلة واحدة عند 0.75% منذ أغسطس/آب 2011، وهو ما يتجاوز سعر الفائدة لدى الاحتياطي الاتحادي الذي يتراوح بين صفر و0.25%.
ويرى الخاطر أنه "بغض النظر عن وضع الدورة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية، فإن المصارف المركزية في دول المجلس سوف تتبع الاحتياطي الفدرالي على أية حال وتحت جميع السيناريوهات كما دأبت على ذلك تاريخيا".
وأضاف: "هذا الإطار أحادي السياسة أحادي الأداة، الذي تم تبنيه قبل أربعة عقود من الزمن في دول المجلس، لم يعد مناسبا لإدارة الدورة الاقتصادية في دول المجلس، وعلى ما يبدو إننا مستمرون في تفويت الفرصة للانسجام مع الدورة الاقتصادية، وعلى ما يبدو كذلك أن التوافق في الدورة الاقتصادية مع الولايات المتحدة يضعف أكثر وأكثر".
وشدد على أن الحمل يكمن في "إعادة النظر في الإطار الحالي لإدارة الاقتصاد الكلي في المنطقة على المدى المتوسط إلى العقد القادم، من خلال تبني إطار أكثر مرونة للسياسة النقدية يسمح بتبني مزيج مناسب من السياسات الاقتصادية الكلية الثلاث - المالية والنقدية وسعر الصرف - لإدارة الدورة الاقتصادية بقدر أكبر من الكفاءة".
ولم يحدد الخاطر طبيعة الإصلاح المطلوب في السياسة بالضبط.
كان الخاطر قد أشار في عام 2013 إلى نظام العملة في سنغافورة، باعتباره نموذجا قد تدرس دول الخليج تبنيه.