تسعى بعض الأحزاب التونسية إلى البحث عن توافق سياسي، بعد المفاجأة التي أعلنها رئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، باختياره حكومة كفاءات مستقلة.
ويبدو أن اتحاد الشغل دخل على الخط في محاولة منه لتقريب وجهات النظر، فهل ستتنازل الأحزاب التونسية لإنجاح مشاورات تشكيل الحكومة، حتى لا تكون سبباً في مزيد من تأزم الوضع؟ أم أنها ستواصل تمسكها بشروطها في حكومة حزبية، ما يدفع إلى سيناريوهات قد تكون مؤلمة للأحزاب ذاتها؟
ويواصل المشيشي، اليوم الأربعاء، لقاءه بالأحزاب والكتل البرلمانية في إطار مشاورات تشكيل الحكومة، إذ التقى كتلة الحزب الدستوري الحر، وكتلة الإصلاح والكتلة الوطنية، إلى جانب لقاءات أخرى منتظرة مع "تحيا تونس" وكتلة المستقبل. وكانت الردود والتصريحات الصادرة من بعض هذه الأحزاب داعمة لحكومة الكفاءات.
وقال رئيس كتلة الإصلاح بمجلس نواب الشعب، حسونة الناصفي، اليوم، إن كتلته تتبنى فكرة الأقطاب الوزارية لنجاعتها، معتبراً في المقابل أن "العناية بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية أهم في الوقت الراهن من إعادة هيكلة الحكومة".
وأكد الناصفي، في تصريح إعلامي، تأييدهم لفكرة تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، "بالنظر لما فرضه الوضع السياسي، والتجاذبات الحاصلة بالبرلمان، وغياب أغلبية قادرة بمفردها على تشكيل حكومة وتحمل مسؤولية الحكم، مضيفاً أن "ذلك من شأنه أن يوجه الأولويات نحو مناقشة البرامج بعيداً عن التجاذبات والمحاصصة، وفي علاقة شراكة مع كافة الفرقاء السياسيين دون إقصاء".
وفي السياق نفسه، أكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسى، مباشرة بعد لقائها هشام المشيشي، أن الحزب الدستوري الحر تفاعل إيجابياً مع مقترح رئيس الحكومة بتكوين حكومة كفاءات مستقلة تماماً، مضيفة في تصريح إعلامي أنها قدمت لرئيس الحكومة موقف الحزب و رؤيته لمختلف المجالات.
وقال النائب عن التيار الديمقراطي محمد عمار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المشاورات بينهم وبين رئيس الحكومة ركزت على التوجهات العامة؛ أي على البرنامج وليس على الشخصيات، مبيناً أن الوضع المالي والاقتصادي الصعب، وتأثيرات جائحة كورونا، جلها عوامل فاقمت الصعوبات التي تعيشها تونس، مبيناً أن "الحكومة يجب أن تضم كفاءات حقيقية لتكون صمام أمان وتساعد على حل الإشكاليات العالقة"، مضيفاً أن "المشيشي لم يقدم التركيبة الحكومية والتي على ضوئها سيتم تقييم الكفاءات وهل هي فعلاً قادرة على إنقاذ تونس خاصة خلال الأشهر القادمة".
وأوضح عمار أن "التيار مع بقاء بعض الوزراء من الحكومة المستقيلة، خاصة أولئك الذين نجحوا في مهامهم"، مبيناً أنّ "على الحكومة أن تنكب مباشرة في الإصلاح رغم التشرذم السياسي الحاصل، ورفض البعض لحكومة كفاءات مستقلة، ولكن على الأحزاب أن تقدم تنازلات حتى لو كانت موجعة بالنسبة لها، وأن تكون هناك هدنة سياسية من جميع الأطراف من منظمات وأحزاب والتركيز على إنقاذ تونس".
اتحاد الشغل يتواصل مباشرة مع رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية
وبيّن أنّ "هناك مشاكل حقيقية، وبالتالي لا بد من ترك المعارك الجانبية والتجاذبات بين الأحزاب والتفرغ للإصلاح"، مبيناً أنّ "اتحاد الشغل له رأي، وله منظوران، ومتداخل في عديد المنشآت والهياكل، ولأن الفترة القادمة تستوجب هدنة اجتماعية، فإن بإمكان اتحاد الشغل توفير الظروف الملائمة لمساعدة الحكومة على العمل".
وتابع أن "اتحاد الشغل يتواصل مباشرة مع رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية، وبإمكانه تذليل بعض الصعوبات إذ لابد من مراعاة كل الظروف والجهود للخروج من الأزمة الراهنة".
ويرى النائب عن حركة الشعب، خالد الكريشي، أن "حركة الشعب مع حكومة سياسية حزبية مطعمة بشخصيات كفاءات مستقلة، لتوفير سند برلماني يدافع عن الحكومة ويساعدها في إنجاح و تمرير القوانين، فحكومة كفاءات مستقلة سيكون حزامها السياسي منعدماً"، مبيناً أنّ "تمرير مشاريع القوانين سيكون صعباً دون وجود سند حزبي حول الحكومة".
وتابع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الدعوة لحكومة حزبية من أجل إنجاحها وديمومتها، ولكي لا يتكرر سناريو حكومة الفخفاخ"، مشيراً إلى أن "الدور الذي يقوم به الاتحاد مهم ومرحب به لتحقيق المصلحة العامة ولتقريب وجهات النظر، والعلاقة الجيدة بين الاتحاد ورئاسة الجمهورية، وبين الاتحاد وبقية الأحزاب، قد تساعد على حلحلة الأزمة".
ولفت إلى أن "الاتحاد سبق وتدخل في عديد الأزمات السياسية ولعب دوراً مهماً للخروج من الوضع الدقيق حينها، وبالتالي يمكن أن يلعب دوراً حالياً"، مؤكداً أن "حركة الشعب تنتظر تركيبة الحكومة، وستعقد مجلساً وطنياً لتحديد الموقف النهائي من الأسماء المقترحة ومدى استقلاليتها".
ويذكر أن المشيشي التقى في جولة ثانية من المشاورات، أمس الثلاثاء، بعدد من الكتل البرلمانية، وهي كتلة النهضة والكتلة الديمقراطية وكتلة قلب تونس وائتلاف الكرامة، وعبر ممثلوها، في تصريحات إعلامية، عن رفضهم تكوين حكومة كفاءات مستقلة.