ثلاث سنوات مرّت على ذكرى أكبر مجزرة في تاريخ مصر الحديث. مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية، مباشرة على الهواء. يعرض "العربي الجديد"، أشهر مقاطع الفيديو، التي توثق للمجزرة، وما زال تداولها هو الأكثر، طوال السنوات الثلاث:
ورغم مرور السنوات، ما زالت الفيديوهات تحمل الوجع من المذبحة، التي لم تميز بين توجه وآخر، فحتى مصور قناة "سكاي نيوز"، مايكل دين، لم ترحمه رصاصات القاتل، وسقط مع آلاف ليسوا من بلده ولا دينه ولا جنسيته.
"منصة أحاطها الدخان والرصاص لم تكف عن التكبير..أسماء البلتاجي تلفظ أنفاسها الأخيرة..طفل ينادي أمه الشهيدة .. طفل يؤذن وسط الرصاص .. قناص لم يرحم حتى من يستسلم .. جرافة تكتسح الجثث .. مسجد رابعة يحترق"، كانت هذه أهم مشاهد ذكرى رابعة.
أسماء البلتاجي، زهرة رابعة وأيقونتها، تظل رمزا من رموز رابعة؛ فابنة القيادي في جماعة "الإخوان المسلمين"، محمد البلتاجي، لم تخطئها رصاصات القاتل، الذي لم يبال لحياة فتاة في عمر الزهور. ويبقى مشهد لحظات شهادتها الأخيرة بين النزيف والألم، هو الحاضر الأكبر، كما كانت صورة البلتاجي، وهو ينظر لحبيبته في كفنها، من أشهر النظرات في التاريخ بلا شك.
ولم يكن للرجال والبنات وحدهم أبطال مشهد فض رابعة، ولكن للأطفال أيضاً نصيب من البطولة، وكان منهم الطفل صاحب المقولة الشهيرة "ماما ماما ماتسيبنيش يا ماما ردي علي"، وهو يشاهد والدته مسجّاة أمامه، لكن للأسف الأم لم تستجب.. كانت قد ماتت.
طفل آخر، وسط الرصاص والدماء والأشلاء، التي يفقد الكبار صوتهم بسببها، نادى بعلو صوته نداء الحق "حي على الفلاح حي على الفلاح".
ولم تنفرد أسماء البلتاجي بمشهد النهاية، ولكن كان هناك مشهدان، لشاب، وعجوز، رغم فرق السنوات، جمعتهما الشهادة في رابعة، فالشاب الذي لم يجد حلا لآلام قدمه، وإصابات جسده، سوى تلاوة القرآن، لعله يجده مسكنا لما به من آلام.
وجاءت جرافة الموت العمياء، والتي لم تر على أي شيء تدهس، كمشهد يتجلى فيه الطغيان الذي يأتي فوق الجثث، حيث لم تبال الجرافة بالأحياء ونداءاتهم، ولا الأموات وحرماتهم، لتدهس على الإنسانية، في مشهد لا علاقة له بالإنسانية.
وكان ختام الاعتصام قاسيا، باللحظات الأخيرة لمنصة رابعة الشهيرة، والتي شهدت خطابات وكلمات المعارضين للانقلاب العسكري، ويسجل مقطع الفيديو استغاثات المعتصمين دون جدوى، والجثث تتساقط عليها، قبل أن تصمت، ولو إلى حين.
ومن أخطر مقاطع الفيديو، هو الذي كشف أكذوبة الممرات الآمنة، التي روجت لها الأذرع الإعلامية كثيرا، والتي كُشف أنها مجرد مصيدة للمعتصمين، وتصفية كل مشتبه به، وغير مشتبه به، وحسب مزاج القناصة، فلن يحاسبه أحد، فلم يقدم أحد للمحاكمة، حتى اليوم.
وجاءت المشاهد الأخيرة، التي كشفت حجم الجريمة، التي لم يمر مثيل لها في تاريخ مصر الحديث، وكان أولها مشهد الجثث المتراكمة داخل مسجد الإيمان، القريب من ساحة الاعتصام، وقد بدا التحلل على بعضها، وعجزت المستشفيات القريبة عن استيعاب الأعداد الضخمة للقتلى.