ارتفعت وتيرة التطورات السياسية والعسكرية في اليمن، كما ارتفعت وتيرة اللقاءات والمحادثات السياسية، في العاصمة السعودية الرياض، بين الأطراف السياسية اليمنية، بما فيها الجنوبية، في الوقت الذي لا زالت فيه المواجهات العسكرية على أشدها، في جنوب ووسط اليمن، لا سيما في عدن.
فقد كشف مصدر سياسي يمني لـ"العربي الجديد" أن "لقاءات سياسية مكثّفة تجري في الرياض هذه الأيام، بين مسؤولين يمنيين وسعوديين وخليجيين، وبعض البعثات الدبلوماسية الدولية، وتشترك في مجملها أطراف سياسية يمنية، وتناقش تدهور الأوضاع في اليمن". وقال المصدر إن "الأطراف السياسية اليمنية تُجري لقاءات ومناقشات، ومصالحات فيما بينها، وسط مساعٍ لإعادة الثقة بين أطرافها، بما فيها مع الأطراف الجنوبية، بعد موجة التصدّعات التي ضربتها خلال الفترة الماضية"، مشيراً إلى أن "كل الأطراف، بما فيها القيادات الجنوبية، باتت تدرك خطورة المرحلة، وضرورة توحيد الموقف والجبهة لمواجهة الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومن يقف خلفهما، لا سيما إيران". وأضاف المصدر أن "الخطر يهددنا جميعاً، لذلك نحن اليوم نعمل على تشكيل جبهة عسكرية وسياسية، وهناك شبه إجماع والأيام المقبلة ستكون كفيلة بإعادة لحمة الموقف السياسي اليمني الموحّد، تجاه التدخلات الإيرانية، ووقف الحرب الأهلية التي يقودها الحوثيون وصالح".
ولن تقتصر المشاورات والمحادثات على مجرد الاجتماع لمواجهة الحوثيين وقوات صالح، بل ستشمل النظرة المستقبلية للدولة اليمنية، وسط طروحات تتراوح بين قيام دولة جنوبية مستقلة، وأخرى تطالب بإقليمين، مقابل مطالبات بكونفدرالية حديثة. هذا الموضوع الأساسي الذي سيرسم مستقبل البلاد، سيكون حاضراً بقوة في محادثات الرياض، خصوصاً مع وصول جميع الأطراف التي ستشارك في هذه المشاورات، إذ لا زالت الرياض تنتظر وصول بعض القيادات السياسية والعسكرية المنشقّة عن صالح والحوثيين، فضلاً عن عدد من مشايخ القبائل اليمنية الكبيرة. في المقابل، قالت مصادر سياسية إن الرئيس الجنوبي السابق، علي سالم البيض، الذي وصل إلى الرياض، بدأ لقاءات مع قيادات وأطراف جنوبية، في سبيل توحيد الموقف الجنوبي، في إطار المصالحات أولاً، فتشكيل جبهة مشتركة ثانياً، وصولاً إلى تحديد ملامح سياسية تتعلق باليمن ما بعد انتهاء الحرب ثالثاً.
ورجّحت مصادر أن يتم تشكيل جبهات عدة لمواجهة الحوثيين ميدانياً، وبدعم من التحالف وعدد من الدول الغربية.
اقرأ أيضاً: مبادرة لعلي سالم البيض في الرياض
وفي المنحى السياسي، برز لقاء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بنائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة خالد بحاح في الدوحة، أمس الأربعاء. وقالت وكالة الأنباء القطرية إنه "جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، إضافة إلى بحث آخر مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية والسبل الكفيلة بوضع آلية تنفيذية لمخرجات الحوار الوطني".
وأطلع بحاح، أمير قطر، على تطورات الأوضاع في اليمن والجهود المبذولة من أجل حل الأزمة وعودة الاستقرار إليه، معربا عن شكره للأمير تميم على مواقف وجهود بلاده في دعم الشرعية ومساندة الشعب اليمني في هذه الأزمة، بحسب الوكالة.
من جهته، أكد أمير قطر على مواصلة دعم بلاده للشرعية في اليمن، ومواصلة بذل الجهود، من أجل الحفاظ على وحدة اليمن وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق في الأمن والاستقرار والسلام.
وكان بحاح قد التقى، الثلاثاء، رئيس الوزراء ووزير الداخلية القطري عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، حيث جرى خلال اللقاء استعراض الأوضاع الميدانية في اليمن، وخصوصاً الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه أبناء الشعب اليمني.
ميدانياً، لا زالت المواجهات مستمرة في عدد من مناطق جنوب اليمن، لا سيما في عدن ولحج والضالع، بين الحوثيين وقوات صالح من جهة، وبين "المقاومة الجنوبية" من جهة أخرى.
وفي تطور لافت، قامت قوات التحالف، في وقت مبكر من صباح أمس الأربعاء، بعملية إنزال جوي لكميات من الأسلحة والذخائر في مدينة تعز، لمساندة قوات "المقاومة الشعبية" في قتالهم ضد الحوثيين، كما ذكرت وكالة "الأناضول". وتُعتبر هذه أول عملية إنزال تقوم بها قوات التحالف لدعم "المقاومة الشعبية" في مدينة تعز، بعد قيامها بعمليات مشابهة في محافظات يمنية أخرى خلال الأيام الماضية.
ومع تواصل المواجهات، تظل عدن هي واجهة المشهد العسكري، مع استمرار عمليات القتل والقصف العشوائي من جانب الحوثيين وقوات صالح في مدينة خور مكسر، وسط اتهامات من قبل الأهالي لمليشيات الحوثيين بقتل أسرى وجرحى، واختطاف أطباء وطبيبات، واتخاذ قنصليات بعض الدول مقراً لهم لقصف الأحياء السكنية.
بينما واصلت طائرات التحالف غارات على عدد من مواقع يتمركز فيها الحوثيون وقوات صالح، لا سيما استهداف مخازن للأسلحة تابعة لهم في مطار عدن الدولي في مدينة خور مكسر وسط عدن.
وقال المتحدث الرسمي باسم "مجلس المقاومة في عدن" علي سعيد الأحمدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجبهات المنتشرة في أطراف مدينة عدن لا تزال صامدة ومستبسلة، وتمنع أي تقدم لمليشيات الحوثي وحلفائها، وباتت الاشتباكات يومياً كراً وفراً، مع قصف كثيف للطيران، ليل الثلاثاء وصباح الأربعاء، استهدف آليات ومواقع يتمركز فيها المعتدون".
وبالنسبة للأحياء المحاصرة، مثل خور مكسر والمعلا وكريتر، فأوضح الأحمدي أنه "نتيجة للصمود الأسطوري لأبناء عدن، فلم تجد قوات العدوان من وسيلة للضغط على المقاومة، إلا استهداف المدنيين بشكل مباشر، إما عن طريق القناصة المنتشرين، أو عبر القصف العشوائي على منازل السكان، بقذائف الهاون ومدافع الدبابات".
وعن "مجلس المقاومة" الذي تم تشكيله أخيراً، قال الأحمدي "إن مجلس قيادة المقاومة في عدن هو ثمرة لتنسيق مستمر بين قادة الجبهات الميدانيين في مدينة عدن، لتوحيد القيادة وتنظيم الجهود، والتنسيق عن طريق جهة واحدة مع التحالف العربي"، مضيفاً "هذا المجلس نابع من ميادين المقاومة، ولا يمثل أي توجه سياسي أو طيف حزبي، كما لا يلغي أي تشكيلات سابقة أو حتى لاحقة، فهو يعبّر فقط عن جبهات المقاومة، ودوره ينتهي بخروج الغزاة المعتدين، وعودة الشرعية إلى البلاد".
وفي جبهة الضالع، بوابة الجنوب الشمالية، لقي أكثر من سبعين من المسلحين الحوثيين وجنود صالح مصرعهم، على يد "المقاومة الشعبية"، أثناء محاولة الحوثيين حسم المعركة في الضالع، بعد وصول تعزيزات كبيرة لهم، وحاولوا التوغل من ثلاث جهات، حسب مصدر قيادي في المقاومة، قال لـ"العربي الجديد" إن "المقاومة نفّذت عمليات استباقية ضد الحوثيين وقوات المخلوع، من خلال هجمات مباغتة، ونصب كمائن لهم، أجبرتهم على الفرار، بعد تدمير دبابة ومدرعتين، وثلاثة أطقم، وأسر العديد من الجنود، فضلاً عن الحصول على غنائم من العتاد". ولفت المصدر إلى أن "عدداً من جثث المسلحين الحوثيين وجنود موالين للمخلوع، لا زالت مرمية في الطرقات".
اقرأ أيضاً: التحالف يقصف مطار صنعاء لمنع طائرة إيرانية من الهبوط