أفاد صحافيون مصريون مسؤولون عن الملف الأمني ومندوبي الصحف لتغطية أخبار وزارة الداخلية المصرية، بأن الوزارة أرسلت لهم بالخطأ "مذكرة تقدير موقف عن التعامل مع أزمة اقتحام نقابة الصحافيين في نهاية نشرة الإعلام الأمني".
وبدأت الأزمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية، عندما اقتحم حوالي ثلاثين فرد أمن، مقر النقابة، مساء الأحد الماضي، واعتقلوا الصحافيين عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة "يناير"، ومحمود السقا، الصحافي بنفس الموقع، على خلفية مواقفهما السياسية الرافضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، كما صادرت هويات أسر الصحافيين المعتقلين المعتصمين في النقابة، واعتدت على أفراد الحراسة.
واتهمت مذكرة تقدير الموقف، التي وصلت إلى الصحافيين بالخطأ، نقيب الصحافيين المصري، يحيى قلاش، وأعضاء بمجلس النقابة بـ"التصعيد من أجل مكاسب انتخابية"، ورأت ضرورة "ظهور مجموعة من الألوية السابقين على برامج التوك شو لتصحيح الموقف.. وإظهار الأمر للمواطنين بأن الصحافيين يصنعون دولة داخل الدولة ويرفضون تنفيذ أحكم القانون".
ولعلّ ما يشير إلى صحة تلك الوثيقة، ما تشهده وسائل الإعلام المصرية من حملات توجيه يقودها عدد من الخبراء الأمنيين ومساعد وزير الداخلية، اللواء أبو بكر عبد الكريم، الذي ظهر ضيفًا على كافة البرامج في الفضائيات المصرية خلال اليومين الماضيين، مقدمًا رواية وزارة الداخلية، وهو ما دفع نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، إلى الانفعال عليه، على الهواء مباشرة.
وأعرب قلاش، في مداخلة هاتفية لبرنامج "يوم بيوم" على قناة "النهار اليوم"، أمس الإثنين، عن اندهاشة مما وصفه بـ"الهراء" وترك الدولة لهذه الأزمة بهذه الطريقة، بدون أي تدخل حقيقي للحل.
وقال إن وزارة الداخلية لا تحكم مصر، وإن هناك دولة اسمها الدولة المصرية، والدولة المصرية تضيع بهذا التهريج، متابعًا: "أنا بضيّع وقتي في مداخلات مع ما يسمى باللواء أبو بكر وما يسمى بقيادات وزارة الداخلية، مش معقول الكلام ده. النقابة محاصرة برة وفيه بلطجية برة بيمنعوا دخول الصحافيين، وبيتكلم على القانون، أي قانون يا سيادة اللواء، أنت بتكلم نقيب الصحافيين مش نقيب عندك في وزارة الداخلية".
وأضاف نقيب الصحافيين: "مش معقول أنا واللواء أبو بكر عاملين نلف ورا بعض في البرامج، هو عمّال يقول إسطوانة مشروخة، وأنا عمّال أرد عليه بنفس الكلام وهو كأنه ما بيسمعنيش، مش معقول أزمة زي كده تترك لمسؤول الإعلام في وزارة الداخلية، لا يمكن لأزمة بهذا الحجم.. هذه أزمة سياسية لا بد أن يكون التدخل فيها سياسياً، ولا يمكن نقيب الصحافيين يضيع وقته طول اليوم علشان يرد على اللواء أبو بكر اللي بيقال ليه يقوله".
وجاء في مذكرة وزارة الداخليّة نصًا:
"بشأن: التعامل الإعلامي مع واقعة الادعاء باقتحام الأجهزة الأمنية مقر نقابة الصحافيين، لتنفيذ أمر ضبط وإحضار قبل الصحافيين عمر بدر ومحمود السقا.
- في ظل تصاعد الموقف من جانب نقابة الصحافيين بشأن ما تردد من ادعاءات حول اقتحام الأجهزة الأمنية لمقر النقابة لإلقاء القبض على الصحافيين عمر بدر ومحمود السقا... يجب التأكيد على العديد من النقاط على النحو التالي:
- التصعيد من جانب نقابة الصحافيين تصعيد متعمد من قبل نقيب الصحافيين، يحيى قلاش، وبعض أعضاء مجلس النقابة أصحاب التوجهات ومن أبرزهم "خالد البلشي - جمال عبد الرحيم - محمد عبدالقدوس - حنان فكري - وغيرهم"، من أعضاء المجلس، وذلك لتحقيق مكاسب انتخابية ولن يتم التراجع عن هذا الموقف في القريب العاجل إلا عقب تحقيق بعض المكاسب.
- يجب توقع شن حملة إعلامية "شرسة" على وزارة الداخلية من قبل كافة وسائل الإعلام، انتصاراً وتضامناً مع النقابة... وهنا يجب التأكيد على أن تلك الحملة لا يمكن إيقافها، فسوف يكون هناك تسابق من جانب الإعلاميين لإظهار التضامن مع النقابة انتصاراً للحريات، ومن يخرج عن هذا السياق سوف يتم اتهامه بالتنسيق مع الجهات الأمنية وما إلى ذلك من الاتهامات.
- يجب أن يكون للوزارة موقف ثابت وهو ما تم التأكيد عليه فى البيان الصادر عن الوزارة بشأن الواقعة، فلا يمكن التراجع عن هذا الموقف الآن، فالتراجع يعني أن هناك خطأ قد حدث وبالتالي لو كان هناك خطأ فمن المسؤول ومن يجب محاسبته؟".
- أن يتمثل الخطاب الإعلامي للوزارة خلال المرحلة المقبلة في التأكيد على أن ما حدث من أعضاء مجلس النقابة مخالف للقانون، وأن التستر على متهم مطلوب ضبطه وإحضاره من قِبل النيابة العامة يُعد "جريمة" تستوجب خضوع نقيب الصحافيين وكل من شارك في تلك الجريمة للقانون.
- استثمار البيان الصادر عن النيابة العامة بشأن الواقعة في تدعيم موقف الوزارة، والتأكيد على أن ملاحقة الصحافيين كانت بناءً على قرار صارد من النيابة العامة بشأن تورطهما في الإعداد لمخطط يهدف إلى إحداث فوضى في البلاد.
- التعامل المباشر من جانب الوزارة سوف يقابل بالرفض والتشكيك من قبل وسائل الإعلام، ولهذا يمكن الاستعانة ببعض الخبراء الأمنيين من السادة لواءات الشرطة بالمعاش والتنسيق مع بعض البرامج لاستضافتهم وشرح وجهة نظر الوزارة في الواقعة... على أن يتم اختيارهم بعناية فائقة نظراً للهجوم المتوقع عليهم في أثناء الحوار وتزويدهم بكافة المعلومات اللازمة حول الاتهامات الموجهة للصحافيين... بالتنسيق بين قطاعي الإعلام والعلاقات والأمن الوطني.
- يجب العمل على كسب تأييد الرأي العام لمواجهة موقف النقابة - وذلك من خلال الترويج لأن النقابة تسعى إلى أن تكون جهة فوق القانون لا يمكن محاسبة أعضائها- وهنا تجدر الإشارة إلى وجود قطاع من الرأي العام مؤيد بالفعل لموقف الوزارة ومنتقد لموقف النقابة، وهو ما يمكن البناء عليه لكسب تأييد الرأي العام ويجب هنا التفرقة بين الرأي الشعبي وما تردده وسائل الإعلام".