ربما سيصبح مصرف "رويال بنك أوف اسكوتلند" البريطاني، والذي يعرف اختصاراً باسم "آر بي إس"، أول مصرف بريطاني يأخذ فوائد على إيداعات كبار العملاء من شركات المتاجرة في العقود المستقبلية، أو ما يعرف بسوق الخيارات.
ويأتي ذلك في أعقاب خفض الفائدة البريطانية إلى 0.25% قبل أسبوعين.
ورغم أن الفائدة البريطانية لم تهبط بعد تحت الصفر مثلما هو الحال في منطقة اليورو واليابان وبعض الدول الأوروبية، إلا أن مصرف "آر بي إس" اختار أن يحذر زبائنه الكبار من أنه سوف سيقوم بأخذ فائدة على إيداعاتهم في بداية الأسبوع المقبل.
ولكن في المقابل، فإن مصارف كبيرة مثل "باركليز بانك" ومصرف "إتش إس بي سي" و"لويدز"، قالت إنها لن تأخذ فوائد على الإيداعات.
وكان مارك كارني، محافظ بنك إنكلترا (البنك المركزي)، قال حينما خفض سعر الفائدة في بداية الشهر الجاري، إنه يرغب في تفادي التداعيات السالبة للفائدة الصفرية التي حدثت في بعض الدول الأوروبية.
ويذكر أن بنك إنكلترا المركزي، خفض سعر الفائدة في بداية شهر أغسطس/آب من 0.5% إلى 0.25% لحماية الاقتصاد البريطاني من التداعيات السالبة من تصويت "بريكست"، الذي أقر رسمياً خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، في تقرير أمس، إن مصرف "رويال بنك أوف اسكوتلند ـ آر بي سي" سيقوم بفرض فوائد على كبار مودعيه من الشركات والأثرياء.
وحسب تقرير الصحيفة المالية البريطانية، فإن فرع بنك "آر بي سي" الاستثماري، كتب لعملائه يحذرهم بأنه سيقوم بفرض فوائد على ودائعهم، ابتداء من يوم الإثنين (غداً). وكانت بعض المصارف السويسرية وعدد قليل من المصارف الألمانية قد أجبرت المودعين على دفع فوائد على ودائعهم.
وبهذا الخطاب الذي اطلعت عليه صحيفة "فاينانشيال تايمز"، يكون مصرف "آر بي إس" أول مصرف بريطاني في التاريخ القريب يأخذ فوائد على أموال العملاء المودعة لديه. ولكن هنالك مخاوف، أن تحذو مصارف أخرى حذو مصرف "آر بي إس" في المستقبل.
وهو ما قد يهدد بهروب بعض الاستثمارات من بريطانيا.
وكانت المصارف المركزية التي خفضت الفائدة إلى أقل من صفر، في سابقة تاريخية، كانت تأمل عبر هذه الخطوة بإجبار المصارف على تحريك إيداعاتها من البنك المركزي، وتحريكها للإقراض على أمل تحريك الاقتصادات الراكدة.
وفي حال بريطانيا، فإن ما يستهدفه محافظ البنك المركزي البريطاني مارك كارني هو تحريك الأموال المودعة في البنك المركزي وأموال الشركات الكبرى والأثرياء نحو شراء سندات الخزانة البريطانية، التي شهدت عدم إقبال في المزاد الذي عقد أخيراً للسندات بأجل عشر سنوات.
ورغم أن معظم المصارف الأوروبية التي دفّعت عملاءها فوائد، قصرت أخذ الفوائد على إيداعات العملاء الكبار من الشركات، إلا أن مصرفاً صغيراً في ولاية بافاريا الألمانية بدأ يأخذ فوائد على إيداعات الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة.
وقال مصرفي بريطاني لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن مصرف "آر بي إس"، سيأخذ فوائد على ودائع الشركات التي تتاجر في سوق الخيارات والعقود المستقبلية، وليس الإيداعات العادية.
وأضاف المصرفي، أن البنك يحث عملاءه من شركات المتاجرة في السوق الآجل والخيارات المستقبلية، التي عادة ما تضع إيداعات ضخمة كرهن لتغطية صفقات الخيارات، على شراء السندات حتى تتفادى أخذ البنك فوائد عليها.
ورغم أن بنك إنكلترا، لم يخفض الفائدة تحت الصفر، ولكنه يسعى إلى تحقيق ذات الفوائد المتحققة من الفائدة تحت الصفر التي طبقتها المصارف المركزية الأخرى.
وتسعى المصارف المركزية عبر تبني الفائدة السالبة إلى تحقيق عدة أهداف اقتصادية ومالية، أولها: زيادة الإنفاق والاستثمارات في الاقتصاد. وذلك لأن الفائدة السالبة ستعني أن المصارف التجارية ستضطر إلى سحب إيداعاتها من المصرف المركزي أو تقليل حجمها حتى لا تتعرض لخسائر، لأن أية إيداعات مع المصرف المركزي ستدفع عليها البنوك التجارية نسبة فائدة. وبالتالي يستهدف المركزي تنشيط عمليات الإقراض للشركات والأفراد. ثانياً: زيادة حجم الاستثمار في الأعمال التجارية الجديدة وتوسيع الأعمال التجارية القائمة.
ثالثاً: دعم القوة الشرائية عبر دفع المواطنين للإنفاق أكثر، لأنهم سيحصلون على قروض رخيصة من المصارف التجارية وبنسبة فائدة أقل، هذا من جهة الحصول على الأموال. أما من جهة من يملكون الأموال، فإنهم سيضطرون لإنفاقها مادام ادخارها لا يجلب لهم منافع مادية، أو أن قيمتها ستتآكل ما دامت الفائدة سالبة.
رابعاً: تقود الفائدة السالبة إلى خفض قيمة سعر صرف العملة، مثلما حدث في السابق بالنسبة لليورو، والفرنك السويسري والكرونا الدنماركية. وخفض سعر العملة سيعني زيادة القدرة التنافسية لصادرات الدولة من جهة، كما سيرفع من التدفق السياحي من جهة أخرى. في هذا الصدد يلاحظ أن السياحة البريطانية ارتفعت بنسبة 18% في الشهر الماضي.