ترفع البيانات الرسمية حول البطالة في المغرب ووضعية فرص العمل الضغط على الحكومة المغربية، التي وعدت عبر مشروع الموازنة بالعمل على تحفيز سوق العمل الذي تأثر بتراجع معدل النمو الاقتصادي. وأفاد تقرير المندوبية السامية للتخطيط، حول وضعية سوق العمل في الربع الثالث من 2024، الصادر اليوم الاثنين، بأن البطالة وصلت إلى 13.6% على المستوى الوطني، مقابل 13.5% في الفترة نفسها من العام الماضي، مؤكدة أن البطالة طاولت 1.68 مليون شخص.
ويتضح من بيانات التقرير أن البطالة في المغرب ارتفعت في الأرياف من 7% إلى 7.4%، بينما استقرت في المدن عند 17%، غير أن معدل البطالة يبقى مرتفعا وسط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، حيث يصل إلى 39.5%، ويصل بين النساء إلى 20.8% والأشخاص الحاصلين على شهادة 19.8%.
وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أنه جرى بين الفصل الثالث من العام الماضي والحالي، توفير 231 ألف فرصة عمل بالمدن وفقدان 17 ألف وظيفة في الأرياف. غير أن سوق العمل شهد ارتفاع العمل -الشغل- الناقص من 9.6% إلى 10%، ليصل عدد المعنيين بهذا النوع من فرص العمل إلى 1.06 مليون شخص. والشغل الناقص هو المرتبط بعدم كفاية الدخل أو عدم التوافق بين الدراسة والشغل، ويساهم الشغل الناقص في شيوع أجور بالقطاع دون الحد الأدنى القانوني.
ويتجلى من تلك البيانات الصعوبات التي يجدها الاقتصاد الوطني في توفير فرص عمل في سياق متسم بتوقع انخفاض النمو الاقتصادي إلى 3.3% في العام الحالي، وهو معدل ينتظر أن يرتفع في العام المقبل، حسب توقعات الحكومة إلى 4.6%.
ولم تستطع الحكومة في عام 2024 محاصرة البطالة في المغرب التي قفزت من 12.4% في 2022 إلى 13.1% في 2023. بينما قفزت من 16.3% إلى 16.7% في المدن ومن 5.7% إلى 6.7% في الأرياف.
ويفترض في الحكومة توفير فرص عمل تستوعب جزءا من الشباب الذين يصلون إلى سوق العمل البالغ عددهم 300 ألف سنويا، بينما لا يتمكن الاقتصاد في المتوسط من توفير سوى حوالي 112 ألف فرصة عمل في العام الواحد. وقد ذهب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى أن التشغيل سيعود إلى وضعه الطبيعي ارتباطا مع التساقطات المطرية، حيث يتجلى أنه يستحضر تأثير الجفاف على النمو الاقتصادي وفرص العمل المتاحة، خاصة في الأرياف، علما أن قطاع الفلاحة فقد في الفصل الثالث من العام الحالي 124 ألف فرصة عمل.
أسباب ارتفاع معدل البطالة في المغرب
من جانبه، أكد الاقتصادي علي بوطيبة أن القطاع الزراعي ليس السبب الوحيد وراء ارتفاع معدلات البطالة في المغرب، خاصة في ظل استقرار مساهمة الزراعة في الناتج الداخلي الخام بحوالي 15%، علما أن القطاع شهد تراجع بعض السلاسل مثل تربية المواشي. وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الصعوبات على مستوى خلق فرص عمل في سوق العمل مرده إلى حرص العديد من المشاريع الاستثمارية على المردودية ما يفضي إلى عدم توفير ما يكفي من فرص العمل، خاصة للشباب.
وأكدت الحكومة بمناسبة عرض مشروع قانون المالية للعام المقبل على البرلمان، وقبل عامين من انتهاء ولايتها، تفعيل خريطة طريق ملموسة لإنعاش التشغيل عن إنجاز دراسة لمعطيات سوق العمل وإشكالية التشغيل، بهدف الخروج برؤية لتسريع وتيرة امتصاص البطالة في صفوف الشباب الذي يعتبر الأكثر تضرراً من ضعف النمو الاقتصادي وهشاشة فرص العمل المتاحة.
وقررت الحكومة تخصيص 1.4 مليار دولار في عام 2025، لتوفير فرص عمل وتحفيز دينامية الاستثمار في القطاعات الأكثر توفيرا لفرص الشغل، وتقوية الدعم للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، والتخفيف من تداعيات الجفاف على التشغيل بالوسط القروي. وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، بمناسبة عرض مشروع موازنة العام المقبل على البرلمان، على التوجه نحو إنعاش الاقتصاد المحلي عبر " تحفيز الاستثمار الخاص وتنزيل ميثاق الاستثمار، حيث سيجري التركيز على تسريع عملية المصادقة على المشاريع الاستثمارية، وعلى التحسين المستمر لمناخ الأعمال".
ويؤكد مراقبون دور الاستثمار العمومي الذي ينتظر أن يصل في العام المقبل إلى 34 مليار دولار في توفير فرص عمل جديدة، علما أن ذلك الاستثمار يهم المشاريع المنتظرة في الطاقات النظيفة والسياحة وتطبيق البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، وتنفيذ المشاريع الضخمة المرتبطة بالاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030.
وتوصلت المندوبية السامية للتخطيط، في بحث مؤشر ثقة الأسر الذي أجرته خلال الفصل الثالث من العام، إلى أن 82.2% من الأسر تتوقع ارتفاعا في مستوى البطالة خلال الـ12 شهرا المقبلة، بينما لم تتعد نسبة الأسر التي تترقب انخفاضها 5.8%.