تواجه مصر تحديات عدّة في ملف المياه، خصوصاً في ظل العجز المائي الذي تعيشه البلاد وأزمة انقطاع المياه العذبة عن المحافظات بصورة يومية. ويعيش آلاف المصريين في القرى بلا مياه، معتمدين على وسائل بدائية، في حين يتوقّع أهل البلاد الآثار السلبية لمشروع سد النهضة الإثيوبي بعد الانتهاء منه، إذ إنّهم يحتاجون إلى ضعفَي كميات المياه بحلول عام 2025 المقدّرة حالياً بـ 55 مليار متر مكعّب سنوياً في ظل الزيادة السكانية.
وتوقّع البنك الدولي في تقرير أصدره أخيراً، مواجهة مصر "أزمة مياه مطلقة" بحلول عام 2025، نتيجة انخفاض حصة الفرد إلى ما دون 500 متر مكعب سنوياً، وذلك على خلفية محدودية موارد المياه العذبة المتجددة في مصر لاعتمادها على نهر النيل بنسبة 98 في المائة، الأمر الذي يؤثّر سلباً على الزراعة التي تحتاج إلى استهلاك 86 في المائة من المياه المستخدمة في البلاد. وأشار التقرير إلى أنّ الوفرة الثابتة نسبياً من المياه العذبة لا تتناسب مع النموّ السكاني السريع، وهو ما يتسبب في ندرة المياه. وشرح أنّ التعداد السكاني في مصر كان يبلغ 35 مليون نسمة عند الانتهاء من بناء السد العالي في عام 1970، بينما يتخطّى اليوم 100 مليون نسمة.
اقــرأ أيضاً
وأفاد تقرير البنك الدولي بأنّ التوسع الجغرافي للسكان في مصر يمثّل تحدياً إضافياً في سياق أزمة المياه، لأنّه يستلزم بنية تحتية أساسية باهظة التكلفة بهدف نقل المياه لمسافات طويلة أو تحلية مياه البحر، مشيراً إلى أنّ مصر تملك كميات كبيرة من المياه الجوفية في الخزان الجوفي النوبي بينما استغلال هذا الخزان مقيّد بإعادة تغذيته وعمق المياه. وقد أوصى التقرير بمراجعة تعريفات مياه الشرب، خصوصاً مع التناقص المستمر لنصيب الفرد من موارد المياه، وإعداد تدريب على التخطيط المالي الاستراتيجي للقطاع، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في مشروعات المياه بما في ذلك مشروعات التحلية، ومعالجة مياه الصرف الصحي.
وكان وزير الموارد المائية والريّ محمد عبد العاطي، قد صرّح أمام مجلس النواب قبل أيام بأنّ مصر تعمل على الاستفادة من كل مصادر المياه المتاحة في مواجهة الأزمة المائية التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أنّ ثمّة قراراً جمهورياً صدر بالفعل لإنشاء محطات تحلية للمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، بينما تعدّ الوزارة حالياً دراسات تجريبية للزراعة مع استخدام المياه المالحة. وأعلن عبد العاطي موافقة لجنة الزراعة والريّ في البرلمان على مشروع قانون الموارد المائية والريّ المقدم من الحكومة، لافتاً إلى أنّ حصّة مصر من مياه النيل ثابتة منذ عام 1870، عندما لم يكن عدد السكان يتجاوز 10 ملايين نسمة.
وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، صرّح رئيس مجلس النواب علي عبد العال بأنّ "حصة مصر من مياه النيل غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين"، متابعاً أنّ "مصر دخلت مرحلة الفقر المائي، وكل ما نقوم به حالياً هو تعظيم الموارد المائية". ويشرح أنّ "حصة مصر من مياه النيل ثابتة منذ زمن طويل، ولا تزيد هذه الحصة رغم ارتفاع عدد السكان"، مضيفاً أنّ "الموارد المائية المتاحة باتت لا تكفي، حتى لو استخدمنا المياه الجوفية كلها وتحوّلنا إلى نظام الريّ بالتنقيط".
وتشير دراسات حكومية في مصر إلى أنّ فاقد مياه الشرب يصل إلى نحو ستّة مليارات متر مكعّب سنوياً نتيجة سوء شبكة مياه الشرب وتسريبات المواسير، الأمر الذي يتسبب في انفجارات وخسائر مضاعفة في مياه الشرب. وتعاني شبكات مياه الشرب في مصر من سوء التشغيل والصيانة وانخفاض صلاحية الشبكات وعدم توفّر العمالة المدرّبة، في وقت لا تصل فيه مياه الشرب النقية إلى نحو 20 في المائة من السكان على أقلّ تقدير.
في تقرير حول "مشكلات المياه في مصر" أصدره في وقت سابق "مركز الأرض لحقوق الإنسان"، تبيّن أنّ استهلاك الفرد للمياه يبلغ في المتوسط 140 لتراً يومياً، وأنّ العاصمة القاهرة تستهلك ما يعادل 57 في المائة من جملة استهلاك مدن مصر مجتمعة و46 في المائة من جملة استهلاك القُطر كله. وأشار التقرير إلى أنّ ثمّة 30 مليون مصري لا يجدون المياه النقية ويشربون مياهاً ملوّثة أو غير الصالحة لاستهلاك الإنسان، ما أدّى إلى إصابات متزايدة بأمراض التيفود والفشل الكلوي والتهابات الكبد طاولت 20 في المائة من المواطنين.
اقــرأ أيضاً
مع غياب الدولة المصرية وعدم توفيرها المياه العذبة، خصوصاً في القرى، يلجأ الأهالي إلى طرق عدّة لتأمين ما يحتاجون إليه، منها نقل المياه بواسطة "الجراكن" (عبوات بلاستيكية) من مناطق مجاورة عن طريق استئجار تروسكل أو توك توك أو عربات كارو أو سيارات نقل وغيرها من الوسائل المتاحة، حتى يتمكنوا من توفير حاجتهم على الرغم من المشقة والتكلفة المادية الزائدة. كذلك يلجأ أهالي القرى وعدد من المدن، من بينها مدن تابعة للقاهرة الكبرى، إلى الطلمبات (المضخات) الحبشية لاستخراج المياه من الآبار الارتوازية لسدّ احتياجاتهم، على الرغم من تحذيرات الأطباء حول خطورتها على الصحة العامة، إذ إنّ تلك المياه الجوفية ملوّثة. يُذكر أنّ تكلفة تلك الطلمبات عالية وكذلك استخدام "مواتير المياه" لرفعها إلى الطبقات العليا، لكنّ مصريين كثيرين يرونها وسيلة لتوفير المياه في المنازل نتيجة انقطاع المياه أو عدم توفّرها أساساً. وفي حين يستخدم مصريون الفلاتر في محاولة لتنقية المياه من الشوائب، ثمّة آخرون يعتمدون على المياه المعدنية للشرب على الرغم من تكلفتها المرتفعة حفاظاً على سلامتهم.
وتوقّع البنك الدولي في تقرير أصدره أخيراً، مواجهة مصر "أزمة مياه مطلقة" بحلول عام 2025، نتيجة انخفاض حصة الفرد إلى ما دون 500 متر مكعب سنوياً، وذلك على خلفية محدودية موارد المياه العذبة المتجددة في مصر لاعتمادها على نهر النيل بنسبة 98 في المائة، الأمر الذي يؤثّر سلباً على الزراعة التي تحتاج إلى استهلاك 86 في المائة من المياه المستخدمة في البلاد. وأشار التقرير إلى أنّ الوفرة الثابتة نسبياً من المياه العذبة لا تتناسب مع النموّ السكاني السريع، وهو ما يتسبب في ندرة المياه. وشرح أنّ التعداد السكاني في مصر كان يبلغ 35 مليون نسمة عند الانتهاء من بناء السد العالي في عام 1970، بينما يتخطّى اليوم 100 مليون نسمة.
وأفاد تقرير البنك الدولي بأنّ التوسع الجغرافي للسكان في مصر يمثّل تحدياً إضافياً في سياق أزمة المياه، لأنّه يستلزم بنية تحتية أساسية باهظة التكلفة بهدف نقل المياه لمسافات طويلة أو تحلية مياه البحر، مشيراً إلى أنّ مصر تملك كميات كبيرة من المياه الجوفية في الخزان الجوفي النوبي بينما استغلال هذا الخزان مقيّد بإعادة تغذيته وعمق المياه. وقد أوصى التقرير بمراجعة تعريفات مياه الشرب، خصوصاً مع التناقص المستمر لنصيب الفرد من موارد المياه، وإعداد تدريب على التخطيط المالي الاستراتيجي للقطاع، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في مشروعات المياه بما في ذلك مشروعات التحلية، ومعالجة مياه الصرف الصحي.
وكان وزير الموارد المائية والريّ محمد عبد العاطي، قد صرّح أمام مجلس النواب قبل أيام بأنّ مصر تعمل على الاستفادة من كل مصادر المياه المتاحة في مواجهة الأزمة المائية التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أنّ ثمّة قراراً جمهورياً صدر بالفعل لإنشاء محطات تحلية للمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، بينما تعدّ الوزارة حالياً دراسات تجريبية للزراعة مع استخدام المياه المالحة. وأعلن عبد العاطي موافقة لجنة الزراعة والريّ في البرلمان على مشروع قانون الموارد المائية والريّ المقدم من الحكومة، لافتاً إلى أنّ حصّة مصر من مياه النيل ثابتة منذ عام 1870، عندما لم يكن عدد السكان يتجاوز 10 ملايين نسمة.
وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، صرّح رئيس مجلس النواب علي عبد العال بأنّ "حصة مصر من مياه النيل غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين"، متابعاً أنّ "مصر دخلت مرحلة الفقر المائي، وكل ما نقوم به حالياً هو تعظيم الموارد المائية". ويشرح أنّ "حصة مصر من مياه النيل ثابتة منذ زمن طويل، ولا تزيد هذه الحصة رغم ارتفاع عدد السكان"، مضيفاً أنّ "الموارد المائية المتاحة باتت لا تكفي، حتى لو استخدمنا المياه الجوفية كلها وتحوّلنا إلى نظام الريّ بالتنقيط".
وتشير دراسات حكومية في مصر إلى أنّ فاقد مياه الشرب يصل إلى نحو ستّة مليارات متر مكعّب سنوياً نتيجة سوء شبكة مياه الشرب وتسريبات المواسير، الأمر الذي يتسبب في انفجارات وخسائر مضاعفة في مياه الشرب. وتعاني شبكات مياه الشرب في مصر من سوء التشغيل والصيانة وانخفاض صلاحية الشبكات وعدم توفّر العمالة المدرّبة، في وقت لا تصل فيه مياه الشرب النقية إلى نحو 20 في المائة من السكان على أقلّ تقدير.
في تقرير حول "مشكلات المياه في مصر" أصدره في وقت سابق "مركز الأرض لحقوق الإنسان"، تبيّن أنّ استهلاك الفرد للمياه يبلغ في المتوسط 140 لتراً يومياً، وأنّ العاصمة القاهرة تستهلك ما يعادل 57 في المائة من جملة استهلاك مدن مصر مجتمعة و46 في المائة من جملة استهلاك القُطر كله. وأشار التقرير إلى أنّ ثمّة 30 مليون مصري لا يجدون المياه النقية ويشربون مياهاً ملوّثة أو غير الصالحة لاستهلاك الإنسان، ما أدّى إلى إصابات متزايدة بأمراض التيفود والفشل الكلوي والتهابات الكبد طاولت 20 في المائة من المواطنين.
مع غياب الدولة المصرية وعدم توفيرها المياه العذبة، خصوصاً في القرى، يلجأ الأهالي إلى طرق عدّة لتأمين ما يحتاجون إليه، منها نقل المياه بواسطة "الجراكن" (عبوات بلاستيكية) من مناطق مجاورة عن طريق استئجار تروسكل أو توك توك أو عربات كارو أو سيارات نقل وغيرها من الوسائل المتاحة، حتى يتمكنوا من توفير حاجتهم على الرغم من المشقة والتكلفة المادية الزائدة. كذلك يلجأ أهالي القرى وعدد من المدن، من بينها مدن تابعة للقاهرة الكبرى، إلى الطلمبات (المضخات) الحبشية لاستخراج المياه من الآبار الارتوازية لسدّ احتياجاتهم، على الرغم من تحذيرات الأطباء حول خطورتها على الصحة العامة، إذ إنّ تلك المياه الجوفية ملوّثة. يُذكر أنّ تكلفة تلك الطلمبات عالية وكذلك استخدام "مواتير المياه" لرفعها إلى الطبقات العليا، لكنّ مصريين كثيرين يرونها وسيلة لتوفير المياه في المنازل نتيجة انقطاع المياه أو عدم توفّرها أساساً. وفي حين يستخدم مصريون الفلاتر في محاولة لتنقية المياه من الشوائب، ثمّة آخرون يعتمدون على المياه المعدنية للشرب على الرغم من تكلفتها المرتفعة حفاظاً على سلامتهم.