حصدت قائمة "في حب مصر"، المحسوبة على النظام الحالي، جميع المقاعد المخصصة للقائمة المغلقة، البالغ عددها 120 مقعداً، في حين اقترب "المصريين الأحرار" من أن يصبح أكبر الأحزاب في البرلمان (كون قائمة في حب مصر عبارة عن مجموعة أحزاب) بعدما حصل على 41 مقعداً في المرحلة الأولى، ويخوض 52 من مرشحيه جولة الإعادة في محافظات المرحلة الثانية. ونجح 20 مرشحاً مسيحياً في الوصول إلى جولة الإعادة في 10 دوائر انتخابية في محافظات القاهرة، والقليوبية، والسويس، وبورسعيد في المرحلة الثانية، بعد حصد ثلاثة مقاعد فردية من إجمالي 23 خاضوا جولة الإعادة في المرحلة الأولى، فضلاً عن 24 مقعداً أخرى على قوائم "في حب مصر".
وتزيد الفرصة في الحصول على مقاعد إضافية خلال جولة الإعادة في المرحلة الثانية التي بدأت أمس الأوّل الإثنين خارج البلاد، وأمس الثلاثاء واليوم الأربعاء في الداخل، خصوصاً في القاهرة، التي يتنافس على مقاعدها 14 مرشحاً، نجحوا في الوصول إلى جولة الإعادة بفارق كبير عن منافسيهم في عدد من الدوائر.
في هذا الصدد، يقول الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبد الفتاح، إن المجتمع غير الديمقراطي يكون ولاء الناخب فيه أساساً للدين والطائفة والقبيلة، وهو ما ظهر بوضوح خلال الانتخابات التشريعية الجارية، مضيفاً أنّ السلوك الانتخابي للمصريين لا يزال يتحكّم به انتماؤهم العقائدي وليس برامج المرشحين وأفكارهم.
ويشير الباحث السياسي في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الاتجاهات الدينية ستظل مسيطرة على المزاج الانتخابي إلى أن يتشبّع المصريون بأدوات السياسة وآليات الديمقراطية، حتى يستطيع الناخب التقييم بناء على برنامج محدّد، بعيداً عن خلفية المرشح الاجتماعية أو الدينية أو الطائفية، كما الحال في الديمقراطيات المتقدمة.
اقرأ ايضاً الانتخابات المصرية: إقبال ضعيف وتأخر فتح اللجان بسبب القضاة
ويحمّل عبد الفتاح، وسائل الإعلام جانباً كبيراً من المسؤولية، معتبراً أنّها "موجّهة، وليست محترفة، ومسؤولة بشكل أو آخر عن تراجع الديمقراطية في البلاد"، وموضحاً أنّها عملت على "توظيف الدين بطريقة غير إيجابية، ما خلق حالة من الاحتقان، والحشد، والحشد المضاد، وهو ما ظهر جليّاً أيضاً في كافة الاستحقاقات الانتخابية التالية لثورة 25 يناير".
ويحمّل عدد كبير من المرشحين الخاسرين "التصويت الطائفي" مسؤولية خسارتهم. ويصف المرشح الخاسر عن دائرة المحلة الكبرى، رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، الحشد الطائفي لصالح بعض المرشحين بـ"اللعب بالنار"، مشيراً إلى أنّ تداعياته السلبية ستؤثر سلباً على المناخ العام المستقبلي في البلاد. ويضيف أنّ "التصويت الطائفي خطيئة ارتكبت في الانتخابات الأخيرة"، داعياً المسيحيين إلى إيقافها في جولة الإعادة، "وإلّا فالأمر سيهدد مبدأ الوحدة الوطنية، وسيكون له نتائج كارثية على الوطن".
ويوضح الشهابي أنّ هذا الحشد سيؤدي إلى تراكمات داخلية بين أبناء الشعب، وسيزيد الاحتقان، لافتاً إلى أنّ الدوائر التي ظهر فيها تصويت طائفي، "ستحتاج إلى حوار مجتمعي لتصحيح مفاهيم خاطئة في ما يخص مبادئ المواطنة". ويشير البرلماني السابق إلى أنّ "الحشد الطائفي يأتي بنتائج عكسية أحياناً، إذ يحشد أنصار حزب النور السلفي للتصويت للمرشح المنافس مكايدة للمرشح المسيحي، وهذا الأمر بدا واضحاً في خسارة 20 مرشحاً مسيحياً من أصل 23، خاضوا جولة الإعادة في محافظات المرحلة الأولى.
ويتّفق المرشح المسيحي المستقل عن دائرة الساحل في القاهرة، ماجد طلعت، مع كلام الشهابي، مبدياً تخوّفه من التصويت الطائفي في جولة الإعادة في الدائرة التي يتنافس فيها مرشحان مسيحيان في مواجهة آخرين مسلمين، مؤكداً أن التصويت الطائفي سيكون سيد الموقف خلال المواجهة في هذين اليومَين.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية، الدكتور قدري إسماعيل، أن التركيبة السكانية لبعض دوائر المرحلة الثانية تتحكم بشكل أساسي في توجيه التصويت لصالح مرشحين بأعينهم، وهذا ما يفسر وصول عدد من المرشحين المسيحيين لجولة الإعادة بفارق أصوات كبير عن منافسيهم. ويشير إسماعيل لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ وجود عدد من النواب المسيحيين المنتخبين داخل البرلمان أمر ضروري، قائلاً، "أن يأتوا (النواب) بالانتخاب أفضل من التعيين، خصوصاً أنّ هذا يشير إلى تغيُّر في ثقافة الناخبين".
اقرأ أيضاً مصر: إعادة الانتخابات على وقع أزمة ضحايا التعذيب