"الثلث المُعطل" هو أكثر ما يخشاه ائتلاف "دعم مصر"، المحسوب على النظام المصري الحاكم، ويقوده لواء الاستخبارات السابق سامح سيف اليزل، في ظل إعلان أكبر ثلاثة أحزاب لها كتل برلمانية الانسحاب من الائتلاف، ما مثّل ضربة موجعة له.
ويعد الانسحاب كذلك مؤشراً على انهيار تحالف الدولة في مواجهة الأحزاب التي يقودها رجال الأعمال، والتي كانت جزءا من قائمة النظام "في حب مصر" إبان الانتخابات النيابية.
وانسحب من الائتلاف كل من أحزاب، "المصريين الأحرار" (65 مقعداً)، ويقوده الملياردير نجيب ساويرس (صاحب قنوات أون تي في)، و"مستقبل وطن" (52 مقعداً)، الذي يموّله إمبراطور صناعة الحديد أحمد أبو هشيمة (مالك مؤسسة اليوم السابع)، و"الوفد" (42 مقعداً)، ويرأسه صاحب شركات الأدوية السيد البدوي (مالك فضائيات الحياة).
ويبلغ الثلث المُعطل 199 مقعداً من إجمالي 596 مقعداً، حصد الأحزاب منها 243 مقعداً، والمستقلون 325 مقعداً، فضلاً عن 28 مقعداً تنتظر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتعيين في البرلمان، المنتظر انعقاد أولى جلساته مطلع الأسبوع المقبل.
وقال مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" إن بعض قيادات قائمة "اليزل"، أجرت اتصالات مكثفة على مدار الساعات الماضية برؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب المنسحبة، داعيةً إياها إلى اجتماع لوضع حلولٍ للنقاط الخلافية، والوصول إلى اتفاق جديد يرضي كل الأطراف، بما يتضمنه من صياغة لائحة جديدة للائتلاف، تتضمن رؤى الأطراف المنسحبة.
اقرأ أيضاً: مصر.. رئيس اتحاد طلاب يهدد طالبة بالسجن
ورحب حزب "المصريين الأحرار"، على لسان متحدثه الرسمي شهاب وجيه، بانسحاب "مستقبل وطن"، معلناً التنسيق مع الحزب تحت قبة البرلمان، وإجراء اتصالات الفترة المقبلة مع الأحزاب المدنية، التي تتخذ نفس موقف الحزب، دون الدخول في ائتلافات أو تحالفات، بهدف توحيد الأحزاب المدنية.
وقال وجيه، في مؤتمر صحافي للحزب، منذ قليل، إن "ائتلاف دعم مصر" يتعامل على اعتبار أنه "الحزب الحاكم"، وهذا ما ظهر واضحاً في لائحته المعلنة، مضيفاً أنه كان محاولة لإنتاج "حزب وطني جديد".
وأشار وجيه إلى أن إعلان ائتلاف "اليزل" خوْض انتخابات المجالس المحلية "تخطّى فكرة الائتلاف داخل مجلس النواب، وتحوّل إلى الحزب السياسي، الذي يريد الهيمنة على أركان الدولة، وهو ما يعد انتهاكاً واضحاً للدستور والقانون".
وكان حزب "مستقبل وطن"، الذي يرأسه فتى النظام المدلل، الشاب محمد بدران، قد لحق بحزب المصريين الأحرار، بعد أن أعلن انسحابه من ائتلاف "اليزل"، وقال بدران -خلال الاحتفالية التي أقامها الحزب لنوابه- أمس الأحد، إنه "لن يسمح لنواب الحزب أن يشاركوا في توزيع التورتة.. وحد يقول لهم يمين يمين.. شمال شمال".
اقرأ أيضاً: مصر: "موجة يناير الثورية" توحّد أطراف الصراع داخل "الإخوان"
"مصر بتاعتنا، غير مصر بتاعتهم"، حسب تصريح بدران، المعروف بعلاقته الوطيدة بمدير مكتب الرئيس الحالي، اللواء عباس كامل، الذي جاء مع السيسي من المخابرات الحربية، موجهاً حديثه للواء "اليزل"، الذي جاء من المخابرات العامة، ليبدو في خلفية المشهد وجود صراع بين الأجهزة المخابراتية، التي كان لها دور رئيسي في تشكيل القوائم الانتخابية، وتشكيلة مجلس النواب الجديد.
وتعقد الهيئة العليا للحزب، اجتماعاً مع نوابه، مساء الإثنين، لعرض حيثيات قرار الانسحاب من ائتلاف "اليزل".
كما أجمعت الهيئة العليا لحزب "الوفد" في اجتماعها، مساء الأحد، على رفض الانضمام لائتلاف "دعم مصر"، وتشكيل ائتلاف جديد تحت قبة البرلمان، والتواصل مع أكبر عدد من النواب المستقلين والحزبيين، للانضمام للتحالف.
وأعلن رئيس الحزب السيد البدوي، وجود مشاورات منذ أسبوع حول إحياء تحالف "الوفد المصري"، الذي كان يضم 7 أحزاب في السابق، وتفكك لصالح "في حب مصر" خلال الانتخابات، منتقداً تطرق لائحة "اليزل" لتشكيل المجالس المحلية، وأمانات المحافظات، ورفض "الوفد" أن يكون جزءا من تأسيس حزب سياسي آخر.
وقال مصدر قيادي بـ"الوفد" لـ"العربي الجديد" إن قيادات الحزب تواصلت مؤخرا مع 20 من النواب المستقلين، لإقناعهم بتكتلهم الجديد، فضلاً عن التواصل مع أحزاب "الوفد المصري" السابقة، وفي مقدمتها، كل من حزب "المؤتمر" (12 مقعداً)، وحزب "المحافظين" (6 مقاعد).
اقرأ أيضاً: السيسي يستبق ذكرى الثورة: تشكيلات أمنية و"عفو" وتظاهرات مضادة
وفي سياق متصل، قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، إن حزبه (يملك ثلاثة مقاعد)، وافق على الاندماج مع كتلة "الوفد" في البرلمان، مضيفاً أنه "يجب تقليص عدد الأحزاب الحالية، البالغ عددها 106 أحزاب، إلى 10 أحزاب كبيرة فقط".
إلا أن الخلفية التاريخية لكل من "المصريين الأحرار" و"الوفد"، تؤكد صعوبة دخولهما في تحالف معاً. ففي انتخابات 2011، شكل الأول تحالف "الكتلة المصرية" مع أحزاب تميل إلى اليسار، مثل "المصري الديمقراطي" و"التجمع"، بينما اتجه "الوفد" للتحالف مع اليمين الإسلامي ممثلاً في "جماعة الإخوان"، قبل أن يترك التحالف، ويشكل قائمته منفرداً.
ويتراشق بين كل حين وآخر، كل من البدوي، وساويرس، في ظل اتهام الأول، لـ "المصريين الأحرار"، بشراء 8 نواب من حزبه خلال الانتخابات المنقضية، على خلفية استقالة عدد من نواب "الوفد"، والانضمام إلى "المصريين الأحرار"، وهو ما رد حزب ساويرس عليه، بأنه "أكثر تماسكاً، ومبادئهم تتفق معه".
فيما يحسم حزب "حُماة الوطن"، صاحب المركز الرابع في البرلمان (17 مقعداً)، موقفه النهائي خلال اجتماع هيئته العليا، غداً الثلاثاء، وهو الحزب الذي لم يمض على تأسيسه عامان، من خلال مجموعة من جنرالات المخابرات الحربية السابقين، وأبرزهم مدير المخابرات الحربية الأسبق اللواء كمال عامر، و مستشار مدير المخابرات الحربية اللواء فؤاد عرفة، ووكيل جهاز المخابرات اللواء حسام أبو المجد.
وقال نائب رئيس الحزب، اللواء محمد الغباشي، إن حزبه لم يحسم موقفه النهائي بشأن الانضمام للائتلاف "اليزل" من عدمه، لوجود بعض النقاط الخلافية، وأهمها اللائحة الحالية، التي تثير كثيرا من المخاوف لدى الأحزاب، خاصة فيما يتعلق بتأسيس الائتلاف لأمانات بالمحافظات المختلفة شأن الحزب السياسي، حسب تصريحه.
على جانب آخر، تأجل المؤتمر الصحافي للإعلان عن تكتل العدالة الاجتماعية، الذي كان مقرراً عقده، اليوم الإثنين، بسبب استمرار المشاورات مع عدد من النواب المستقلين بهدف الانضمام للتكتل البرلماني.
وأوضح رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، في تصريح خاص، أن التكتل وصل إلى 15 نائباً، ومكون من نواب "المصري الديمقراطي" الأربعة، ونائب حزب "التجمع" عبد الحميد كمال، فضلاً عن عدد من النواب المستقلين، أبرزهم، المخرج السينمائي خالد يوسف، وهيثم الحريري، نجل البرلماني المخضرم الراحل أبو العز الحريري، والنائبة المستقلة نشوى الديب.
وأضاف شكر أن هناك مشاورات تجري بالتوازي مع كتلة الأحزاب الداعمة للدولة المدنية، وفي مقدمتها حزب "الوفد"، بحيث يكون "العدالة الاجتماعية" جزءا منها، مشيراً إلى أن هدف التكتل يتمثل في "تفعيل مواد الدستور، والتشريعات الخاصة بالعدالة الاجتماعية".
اقرأ أيضاً: "الثوري لنساء مصر" يدعم حملة "البنات لازم تخرج"