كشف مصدر حكومي مصري، عن اعتراض بعض وزراء المجموعة الاقتصادية، على سياسة وزارة المالية في التوسع نحو الاقتراض المحلي والخارجي، محذرين من خطورة الاستمرار في هذا النهج، خاصة في ظل وصول الدين العام للبلاد إلى مستويات غير مسبوقة واستمر العجز المالي للبلاد عند حدود مرتفعة.
وتعتزم مصر طرح سندات جديدة خلال أيام بقيمة 1.5 مليار يورو، بينما اقترضت 4 مليارات دولار من خلال سندات دولية بالعملة الأميركية في فبراير/ شباط الماضي، كما اقترضت الحكومة بداية مارس الماضي مليار دولار من البنك الدولي، واقترض البنك المركزي منتصف فبراير ما يزيد عن المليار دولار عبر طرح أذون خزانة دولارية.
ولدى الحكومة خطة لطرح سندات بقيمة 20 مليار دولار أخرى خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وقال المصدر: "ثار الخلاف خلال اجتماع الحكومة الأسبوع الماضى بشأن الموافقة على بدء إجراءات إصدار السندات الجديدة باليورو، وبعض وزراء المجوعة الاقتصادية رأوا أنه من الخطورة الاستمرار على هذا النهج، خاصة أن الطروحات العالمية للسندات، لم تقلل من الاقتراض المحلي الذي نما بصورة كبيرة خلال العامين الماضيين".
وتضم المجموعة الاقتصادية وزراء التجارة والصناعة، الإسكان، الاستثمار، التعاون الدولي، الاتصالات، البترول، التموين والتجارة الداخلية، التخطيط، بجانب محافظ البنك المركزي.
وتتوقع وزارة المالية وصول الدين الخارجي إلى 84 مليار دولار في نهاية العام المالي الحالي 2017/2018، الذي ينقضي في 30 يونيو/حزيران، مقابل نحو 55.6 مليار دولار في نهاية نفس الشهر من العام 2016.
لكن مصادر أخرى توقعت وصول رقم الدين الخارجي لمصر إلى ما يقرب من 90 مليار دولار في نهاية يونيو المقبل، حيث اقترضت الحكومة ما يزيد عن 6 مليارات دولار في الربع الأول من العام الجاري ما بين سندات دولية وأذون خزانه وقروض مباشرة، كما اقتربت مصر من الحصول على شريحة جديدة من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.25 مليار دولار، وهذه المبالغ تضاف لدين خارجي بلغت قيمته 82.9 مليار دولار بنهاية ديمسمبر الماضي حسب بيانات البنك المركزي.
ولجأت الحكومة إلى طرح سندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار عقب تعويم (تحرير) سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، رغم الاتفاق على اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في نفس الشهر، مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي.
وباتت خدمة الديون تهدد الاقتصاد المصري مع ارتفاعها لمستويات تاريخية، إذ كشف مسؤول بارز في وزارة المالية في تصريح لـ"العربي الجديد" في الخامس والعشرين من مارس/آذار الماضي، عن ارتفاع كبير لمدفوعات الفوائد على الديون في الموازنة الجديدة التي ستبدأ في الأول من يوليو/تموز المقبل، بسبب تمادي الحكومة في الاقتراض، الأمر الذي سيدفعها لسداد رقم ضخم للدائنين يعادل حوالى 40% من إجمالي حجم الموازنة.
ولأول مرة في تاريخ مصر، تسجل أعباء خدمة الدين 540 مليار جنيه (30.7 مليار دولار)، بحسب مسودة مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي 2018/ 2019.
وقال المصدر الحكومي، الذي اطلع على اجتماع الحكومة الأسبوع الماضي: "بعض الوزراء طالبوا وزير المالية (عمرو الجارحي) بالحد من الاقتراض واللجوء إلى بدائل محلية، خوفا من تراجع التصنيفات الائتمانية لمصر، الأمر الذى يهدم مساعيهم لاجتذاب الاستثمارات".
وأضاف: "وزير المالية دافع عن رأية بأن الاقتراض المحلي وأسعار الفائدة المحلية مرتفعة للغاية، وهو ما يضيف عبئا إضافيا ويقوض خطط خفض العجز، ورأى أن تواجد مصر على الساحة العالمية يعطي انطباعاً أقوى على القدرة على السداد والجرأة فى اتخاذ القرار".
وتابع: "وزير المالية يرى الاقتراض الخارجي آمنا ولا قلق منه، فيما الفائدة المحلية وسحب سيولة البنوك لهما تأثير اقتصادي أكثر خطورة".
ورغم تفضيل الوزير للاقتراض الخارجي لمنع تفاقم الدين الداخلي، تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع الدين المحلي من 2.619 تريليون جنيه في نهاية يونيو/حزيران 2016، إلى نحو 3.3 تريليونات جنيه حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وفق بيانات وزارة المالية.
وقال مسؤول في وزارة المالية: "الاقتراض صعب ولكن لا بديل، فالاحتياجات كثيرة والإيرادات متواضعة، عانينا من تباطؤ الاقتصاد، مما أثر على النمو والإيرادات، الأمر الذي ضاعف من حجم الأزمة والاقتراض، وارتفعت الفوائد بصورة كبيرة وهو ما نسعى للسيطرة عليه".
ويبدو أن اعتراض بعض وزراء المجموعة الاقتصادية على الاستمرار في الاقتراض الخارجي، لن يثني وزارة المالية عن المضي في طرح المزيد من السندات في السوق الدولية.
وكشف مسؤول في إدارة الدين العام بوزارة المالية عن أن الوزارة تكثف اجتماعاتها حاليا مع بنوك الاستثمار المخول لها إدارة طرح السندات المقومة باليورو، مشيرا إلى أن الوفد المصري الذي سيشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن خلال الفترة من 16 إلى 22 إبريل/نيسان الجاري، سيستغل المناسبة للترويج لهذه السندات.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تعهد لدى ترشحه للفترة الرئاسية الأولى في 2014 بتقليص إجمالي الدين العام للدولة، منتقدا وصوله آنذاك إلى 1.7 تريليون جنيه، بينما تشير البيانات الرسمية إلى تجاوزه 4.3 تريليونات جنيه حاليا.