استبعد الطالب المتفوّق في كليّة الحقوق في جامعة سوهاج في مصر، محمود الطاروري، عن وظيفة النيابة العامّة، لأن والديه لا يمتلكان النفوذ الكافي. ويقول الطاروري إنه تقدم لشغل وظيفة وكيل نيابة خاصة، وبأنه استوفى كافّة الشروط. واجتاز الطاروري كل الاختبارات التي حددها المجلس الأعلى للقضاء بنجاح، ولكنه فوجئ بأن قرار تعيينه يتم تأجيله بدون أية أسباب. وحدثت بعدها أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013 فتوقفت كافة الأمور. وأشار الطاروري إلى أنّه فوجئ باستبعاد أكثر من 73 متقدماً بحجة أنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين. وطلب المجلس الأعلى للقضاء منهم التقدم إلى الوظيفة من جديد، وتم الرفض مرة أخرى، ولكن ليس لأسباب أمنية مثل المجموعة السابقة. فقد رفض الطاروري بحجة أن والديه لا يمتلكان مؤهلات علمية عالية، وبأن وضعهم المادي والاجتماعي لا يليق بوظيفة وكيل النيابة. تساءل الطاروري عن مجرى العدالة وتكافؤ الفرص، وتعجّب من سياسات دولة يفترض أن تكون قد شهدت ثورتين شعبيتين على الفساد.
كذلك، أكد أحد المستبعدين عن الوظيفة، وهو عبد الكريم النجار، أن والده مزارع ووالدته ربة منزل، وبأنهما بذلا كل ما لديهما حتى يتعلّم هو وأشقاؤه الخمسة. وأشار النجار إلى أنه اختار كلية الحقوق، لحلمه بتحقيق العدالة وإقامة القانون بين الناس. وقد فوجئ هو أيضاً برفضه عن الوظيفة، ليس بسبب عدم كفاءته وإنّما بسبب عدم حصول والديّه على درجات تعليمية كافية.
وقال عضو مركز الحق في التعليم والباحث في اقتصاديات التعليم، علي الشريعي، إن أزمة الـ138 متقدماً المستبعدين من التعيين في النيابة، ليست هي الأزمة الأولى ولا الأخيرة، ولا سيما أنَّ هناك العشرات من الوظائف التي يشترط بها حصول الأب والأم على مؤهل عالٍ، إضافة إلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وقال الشريعي إنَّ هذا الأمر يبعد أولاد الفقراء عن كثير من الوظائف الهامة، مثل السلك الدبلوماسي والقضاء والالتحاق بمدارس اللغات والمدارس الدولية والنيابة، وغيرها من الوظائف التي تعتمد على الواسطة، التي لا تتوافر إلا لأبناء الأغنياء.
وقال الشريعي، في تصريحات خاصّة لـ"العربي الجديد": "إن الفقر أدى إلى نسبة أمية في مصر لا تقل عن 24%، وبأنَّ أكثر من 50% من المصريين غير حاصلين على مؤهلات عليا، وبالتالي فإنّ تلك النوعيّة من الوظائف ممنوعة على نصف الشعب المصري. وإذا أضفنا نسبة الفقر، فإن أكثر من 75% من الشعب سيُمنَع عن تلك الوظائف التي أصبحت حكراً على أبناء الأثرياء والعاملين في تلك المهن". وأوضح أن الدستور كفل تكافؤ الفرص، ولكنّه لم يحدّد معنى واضحاً لذلك التكافؤ، وقال بأن الأزمة ليست في القوانين بقدر ما هي في الممارسات، وهيمنة هيئات بعينها على الوظائف العليا في مصر.
وسأل الخبير الاقتصادي، عبد المولى عبد الله، قائلاً: "كيف يمكن أن يكمل الفقراء في هذا البلد دراستهم العليا، والحصول على درجات علميّة ترضي طموحات القائمين على النيابة والقضاء في مصر؟". وشرح أنه حين يحصل الزوج على راتب لا يزيد عن 170 دولاراً شهريّاً، يدفع منهم ما لا يقل عن 70 دولاراً إيجاراً للسكن، ويدفع مواصلات ما لا يقل عن 30 دولاراً شهريَّاً، وما تبقى يصبح للطعام والشراب وتعليم أطفاله، كيف سيكون قادراً على تلبية المصاريف الجامعيَّة، التي لا تتخطي نسبة مشاركة المصريين فيها عن 30.1%؟ ولفت إلى ارتفاع الكلفة العامة للتعليم في مصر بالتزامن مع انهيار المنظومة الاقتصادية. وقال عبد المولى إنه بالرغم من ارتفاع نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم الجامعي عام 2014 إلى 12.7%، مقارنة بنسبة الإنفاق التي بلغت 12% عام 2012، فإن هذا لا يعد ارتفاعاً حقيقيّاً، خاصة مع تزايد أعداد السكان وانخفاض دخل الفرد، وانهيار المنظومة الاقتصادية، وتشريد العمال من المصانع.
وأنهى عبد المولى حديثه بمطالبة الدولة بضرورة إتاحة الفرصة لأبناء الفقراء للارتقاء من مراكزهم الاجتماعية، وتوفير تعليم مجاني حقيقي بدلاً من معاقبة الأسر التي تحمّلت عبء التعليم على نفقتها الخاصة.
كذلك، أكد أحد المستبعدين عن الوظيفة، وهو عبد الكريم النجار، أن والده مزارع ووالدته ربة منزل، وبأنهما بذلا كل ما لديهما حتى يتعلّم هو وأشقاؤه الخمسة. وأشار النجار إلى أنه اختار كلية الحقوق، لحلمه بتحقيق العدالة وإقامة القانون بين الناس. وقد فوجئ هو أيضاً برفضه عن الوظيفة، ليس بسبب عدم كفاءته وإنّما بسبب عدم حصول والديّه على درجات تعليمية كافية.
وقال عضو مركز الحق في التعليم والباحث في اقتصاديات التعليم، علي الشريعي، إن أزمة الـ138 متقدماً المستبعدين من التعيين في النيابة، ليست هي الأزمة الأولى ولا الأخيرة، ولا سيما أنَّ هناك العشرات من الوظائف التي يشترط بها حصول الأب والأم على مؤهل عالٍ، إضافة إلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وقال الشريعي إنَّ هذا الأمر يبعد أولاد الفقراء عن كثير من الوظائف الهامة، مثل السلك الدبلوماسي والقضاء والالتحاق بمدارس اللغات والمدارس الدولية والنيابة، وغيرها من الوظائف التي تعتمد على الواسطة، التي لا تتوافر إلا لأبناء الأغنياء.
وقال الشريعي، في تصريحات خاصّة لـ"العربي الجديد": "إن الفقر أدى إلى نسبة أمية في مصر لا تقل عن 24%، وبأنَّ أكثر من 50% من المصريين غير حاصلين على مؤهلات عليا، وبالتالي فإنّ تلك النوعيّة من الوظائف ممنوعة على نصف الشعب المصري. وإذا أضفنا نسبة الفقر، فإن أكثر من 75% من الشعب سيُمنَع عن تلك الوظائف التي أصبحت حكراً على أبناء الأثرياء والعاملين في تلك المهن". وأوضح أن الدستور كفل تكافؤ الفرص، ولكنّه لم يحدّد معنى واضحاً لذلك التكافؤ، وقال بأن الأزمة ليست في القوانين بقدر ما هي في الممارسات، وهيمنة هيئات بعينها على الوظائف العليا في مصر.
وسأل الخبير الاقتصادي، عبد المولى عبد الله، قائلاً: "كيف يمكن أن يكمل الفقراء في هذا البلد دراستهم العليا، والحصول على درجات علميّة ترضي طموحات القائمين على النيابة والقضاء في مصر؟". وشرح أنه حين يحصل الزوج على راتب لا يزيد عن 170 دولاراً شهريّاً، يدفع منهم ما لا يقل عن 70 دولاراً إيجاراً للسكن، ويدفع مواصلات ما لا يقل عن 30 دولاراً شهريَّاً، وما تبقى يصبح للطعام والشراب وتعليم أطفاله، كيف سيكون قادراً على تلبية المصاريف الجامعيَّة، التي لا تتخطي نسبة مشاركة المصريين فيها عن 30.1%؟ ولفت إلى ارتفاع الكلفة العامة للتعليم في مصر بالتزامن مع انهيار المنظومة الاقتصادية. وقال عبد المولى إنه بالرغم من ارتفاع نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم الجامعي عام 2014 إلى 12.7%، مقارنة بنسبة الإنفاق التي بلغت 12% عام 2012، فإن هذا لا يعد ارتفاعاً حقيقيّاً، خاصة مع تزايد أعداد السكان وانخفاض دخل الفرد، وانهيار المنظومة الاقتصادية، وتشريد العمال من المصانع.
وأنهى عبد المولى حديثه بمطالبة الدولة بضرورة إتاحة الفرصة لأبناء الفقراء للارتقاء من مراكزهم الاجتماعية، وتوفير تعليم مجاني حقيقي بدلاً من معاقبة الأسر التي تحمّلت عبء التعليم على نفقتها الخاصة.