وبعد تمرير مشروع القانون، الذي نشرت عنه معلومات قليلة في الصحف المصرية، فإن التشريع المصري المنظم لمسألة حل البرلمان سيعود إلى ما كان عليه في عصر الرئيس المخلوع، حسني مبارك، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وسيظل مجلس النواب منذ انتخابه مهدداً بالحل، إذا قبلت المحكمة الدستورية، أيّ طعن على نصوص القوانين، التي سينتخب المجلس على أساسها، وأبرزها قانون تقسيم الدوائر الذي تحيط به شبهات كثيفة بعدم الدستورية، وسبق للمحكمة الدستورية أن أبطلت نسخة سابقة منه في مارس/آذار الماضي.
وتعود إلى الواجهة عبارة "حكم حل مجلس الشعب في الدرج" التي قالها رئيس الوزراء الأسبق، كمال الجنزوري، ذات يوم لرئيس مجلس الشعب المحل، سعد الكتاتني، تمهيداً لحل مجلس الشعب، فعلياً، بحكم المحكمة الدستورية في 14 يونيو/ حزيران 2012 بعد أقل من 6 أشهر على انعقاده، ليصبح أقصر برلمانات مصر عمراً من بين المنتخبة ديمقراطياً، مع استبعاد آخر مجلس للشعب في عهد حسني مبارك والذي لم يصمد لأكثر من شهرين، ثم قامت ثورة 25 يناير 2011.
اقرأ أيضاً فلول مبارك: فرصة ذهبية لـ"العودة" من بوابة انتخابات البرلمان
ويشير الواقع، الآن، إلى أن مجلس النواب يجب ألا يكون كسابقه الذي انتخب في عهد المجلس العسكري، والذي شكل صداعاً للحكم العسكري الانتقالي آنذاك، إذ لم تحتمل السلطة استمرار وجوده في ظل رئيس جمهورية إسلامي، أيضاً، هو محمد مرسي، فتم التعجيل بنظر الطعن على قانون انتخابه، وقضت المحكمة الدستورية بانعدامه، واستأثر المجلس العسكري بالسلطة التشريعية حتى استعادها مرسي بإعلان دستوري في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2012.
هذه الأحداث تعود إلى المشهد السياسي الحالي، بعد أن قرأت الأحزاب القانون الجديد، وكأنه تهديد غير مباشر للقوى السياسية التي ستخوض الانتخابات ومفاده "إما برلمان هادئ مؤيد للسيسي، أو مصير مجهول للطعون الموجودة في الدرج قد ينتهي بحل البرلمان".
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر سياسية بأن وضع مشروع القانون تم بتنسيق شخصي بين السيسي وسلفه المؤقت، عدلي منصور، الذي عاد من ممارسة الحياة السياسية إلى منصبه كرئيس للمحكمة الدستورية بدون معارضة من قضاة المحكمة التي تصرّ في بياناتها أنها بعيدة عن السياسة، وذلك بعدما طالبه السيسي صراحة في حفل عيد العمال الأخير، وعلى الهواء مباشرة، بإيجاد حل لتقليل عدد الطعون على قوانين الانتخابات، بحجة أن الطعون على النسخة الأولى من القوانين والحكم فيها، هو مما أدى وحده إلى تأجيل الانتخابات التي كان مقرراً انطلاقها نهاية مارس الماضي.
وأضافت المصادر نفسها، أن منصور عرض على السيسي فكرة إلغاء المواعيد القصيرة التي كانت المحكمة الدستورية ملزمة بالفصل خلالها في طعون قوانين الانتخابات، وفتح الباب أمام تأجيلها إلى ما بعد انتخاب البرلمان. وهو ما وافق عليه السيسي على الفور، وأمر بإعداد قانون بذلك بمعرفة وزارة العدل.
ومن المتوقع، بحسب المصادر، أن تمضي الحكومة المصرية بسرعة في إجراء الانتخابات عقب شهر رمضان الذي يمتد من النصف الأخير من يونيو/حزيران إلى النصف الأول من يوليو/تموز.
وعن سبب تعجل السيسي الآن في إجراء الانتخابات، قالت مصادر حكومية أخرى إن وزيري الاستثمار، شرف سالمان، والخارجية، سامح شكري، قدما تقريرين للسيسي أكدا فيه أن عدداً من الشركات والدول الأوروبية التي تعهدت بتنفيذ مشروعات استثمارية كبرى في مصر، متخوفة من بدء العمل وضخ الأموال في السوق المصرية بدون وجود برلمان.
اقرأ أيضاً: انشقاقات الأحزاب المصرية ويد السلطة