كثيرون تساءلوا عن علاقة مصر بمجموعة العشرين، والتي تضم أقوى اقتصاديات 20 دولة في العالم وتسيطر على 90% من الإنتاج العالمي و80% من التجارة الدولية، وفيها ثلثا سكان العالم.
ومن هذا السؤال تولدت أسئلة أخرى من عينة: إذا كانت مصر ليست عضواً بمجموعة دول العشرين، لماذا إذن شارك المشير السيسي في اجتماع قمة زعماء المجموعة، الذي استضافته الصين بداية هذا الأسبوع؟
هل الاقتصاد المصري مرشح للانضمام لاقتصاديات دول مجموعة العشرين، مثل اقتصاديات دول ناشئة أخرى، منها تركيا والهند والأرجنتين والبرازيل، وهل بات الاقتصاد المصري، الذي يعاني من أزمات متلاحقة، قوياً لدرجة تبرر مشاركة وفد مصري رفيع المستوى في اجتماعات تبحث مستقبل وأزمات وتحديات اقتصاديات الدول الكبرى، ومنها مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى؟
وإذا كان القادة المشاركون في قمة العشرين قد بحثوا خلال اجتماعهم قضايا بالغة الأهمية، منها كيفية تفادي وقوع أزمة مالية واقتصادية عالمية جديدة، وآليات التعامل مع الأزمات القائمة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وسياسة الحمائية التجارية ووضع بعض الدول الكبرى قيوداً أمام حركة التجارة الدولية، وتأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على الاقتصاد العالمي، فما علاقة مصر بهذه القضايا الكونية؟
هل كان لدى وفد مصر في قمة العشرين مثلاً تصور عن كيفية التعامل مع أزمة بطء نمو الاقتصاديات الكبرى، أو سيناريو بمعالجة أزمة ركود الاقتصاد الصيني والحد من تأثيراته الخطيرة على الاقتصاد العالمي، أم أن الوفد شارك لأداء مهام أخرى منها التوسط لحل الخلافات العنيفة والعالقة بين أميركا والصين، حول النزاعات التجارية والسياسات الحمائية وتقنع دولاً بإزالة القيود المفروضة على حركة الأموال والاستثمارات العابرة للقارات؟
وما هي علاقة مصر بملفات من عينة مكافحة الجرائم المالية العالمية، ومنها الفساد وغسل الأموال القذرة وتمويل الإرهاب، أو بقضايا مالية ونقدية منها خطط التحفيز النقدي، الذي تطبقه البنوك المركزية العالمية منذ وقوع الأزمة المالية في عام 2008، أو أزمة انهيارات أسواق النفط منذ منتصف العام 2014؟
بالطبع لا توجد علاقة بين مصر وهذه الملفات التي تخص اقتصاديات مجموعة العشرين، ولم تكن لدى الوفد المصري المشارك أجوبة عن الأسئلة المتعلقة بكيفية التعامل مع أزمات الاقتصاد العالمي، فما سمعناه من المشير السيسي خلال مشاركته في القمة هو الحديث عن الإرهاب وكيفية مواجهته، وكذا عن استعادة الأموال المهربة للخارج رغم أن مشاركين في القمة أكدوا أن الموضوعين لم يكونا مدرجين على جدول أعمال قادة مجموعة العشرين.
إذن لماذا شاركت مصر في قمة مجموعة العشرين، التي عقدت قبل أيام بالصين، ولم تشارك في قمم سابقة أحدثها، القمة التي عقدت بتركيا منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؟
القصة ببساطة أن مصر شاركت في قمة العشرين الأخيرة، كضيف شرف، بدعوة من الصين، الدولة المستضيفة، وهناك دول كثيرة شاركت كضيف شرف، منها تشاد وكازاخستان ولاوس والسنغال وسنغافورة وإسبانيا وتايلاند، ومصر لم تكن استثناء.
وبالتالي فإن حديث بعض وسائل الإعلام عن عرض التجربة المصرية في مجال الإصلاح الاقتصادي والمالي والمشروعات الصغيرة ومكافحة الفساد على قادة دول مجموعة العشرين، هو نوع من الخرافات تشبه إلى حد كبير حكاية أسر قائد الأسطول السادس الأميركي، وتهديد باراك أوباما قبل مجزرة فض رابعة، وجهاز علاج الإيدز بالكفتة، وغيرها من الخرافات، التي يعيشها المصريون يومياً.
قمة العشرين لا تعرف سوى الأقوياء، ولا أعني بالأقوياء هنا أصحاب القوة العسكرية والنفوذ الأمني والسياسي، بل الأقوياء اقتصادياً ومالياً، فنحن نتحدث هنا عن اقتصاديات دول مثل ألمانيا وأميركا وبريطانيا واليابان والصين وفرنسا وإيطاليا وروسيا وكندا وأستراليا.
وحتى إذا تحدثنا عن اقتصادات دول ناشئة أعضاء بمجموعة العشرين نتحدث هنا عن اقتصادات دول، مثل تركيا والسعودية والهند وجنوب أفريقيا والأرجنتين والبرازيل والمكسيك، والتي حققت معدلات نمو عالية خلال السنوات الأخيرة مع طفرة في صادراتها الخارجية وجذبها استثمارات خارجية بمليارات الدولارت.