خصّت المؤسسة العامة للحيّ الثقافي، كتارا، في الدوحة علم الفلك الإسلامي بمعرض خاص تحت عنوان "الإسطرلاب"، الذي يفتح أبوابه حتى نهاية الشهر الجاري، مقدّماً مجموعة من الآلات التي اخترعها علماء الفلك المسلمون، إلى جانب مخطوطات نادرة وقطع من كسوة الكعبة المشرفة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم الشريف.
ويأتي المعرض ضمن مهرجان كتارا الرمضاني لهذا العام، الذي اتّخذ "القرآن والفلك" شعاراً له، ورمى إلى تسليط الضوء على الجانب العلمي والفنّي للحضارة الإسلامية، وذلك انسجاماً مع الشهر الفضيل.
أقيم المعرض بالتعاون مع مؤسسة "أثريات وفنون إسلامية وعالمية"، التي تهتمّ منذ 35 عاماً بجمع المخطوطات والقطع الأثرية الإسلامية النادرة، ثم ترميمها وصيانتها، وهي شاركت في المعرض عبر عدد من القطع التي يراها الجمهور للمرّة الأولى.
بين المعروضات عدد من آلات الاسطرلاب الإسلامية، العربية والأندلسية، أقدمها يعود إلى القرن الثامن الهجري، وهي مصنوعة من سبائك مختلفة (ذهب نحاس وفضّة..) وقد كان الاسطرلاب أو "ذات الصفائح"، كما سمّاها المسلمون، الآلة الأبرز في بحوث العلماء المسلمين الفلكيّة والعلميّة، إذ مكّنتهم من دراسة النجوم والاستدلال إلى مواقعها لرسم طرق السفر البرية والبحرية، وقد كان للإسطرلاب أهمّية كبيرة لدى المسلمين، وهم طوّروه عن الإغريق بسبب حاجتهم إلى تحديد أوقات الصلاة واتجاه مكّة (القِبلة) وأيضاً الملاحة وغيرها، لكنّ حضّ الإسلام على العلم كان له دور بارز في تطوير الاسطرلاب وتحقيق إنجازات في علم الفلك.
هناك نوعان رئيسيان من الاسطرلابات الإسلامية: العربية والأندلسية، وهي متوفّرة في المعرض، وبأحجام مختلفة، ولكن ليس بالأحجام الكبيرة التي اخترعها المسلمون، والتي كان يصل قطرها إلى عدّة أمتار، أو بحجمها الصغير الذي يصل إلى حجم ساعة الجيب. ويتميّز الاسطرلاب العربي بأنّه مسطّح، بينما الأندلسي كروي تحيطه الدوائر، وقد كان الاسطرلاب في زمنه بمكانة حاسوب فلكي.
إسطرلاب عربي ومخطوط طبي نادر
في المعرض أيضاً قطع نادرة من كسوة الكعبة الشريفة، مختلفة الأحجام، بعضها يصل إلى عدّة أمتار، تعود جميعها إلى العصر العثماني، وهي مزخرفة بآيات قرآنية، تمّت خياطتها بخيوط فضّية ونحاسية. وهي تظهر تمازج القرآن الكريم بالفنّ، تحديداً الخطّ والحياكة والزخرفة، فقد كانت الآيات القرآنية ملهمة الإنسان المسلم ومفجّرة إبداعه الفنيّ.
كذلك تميّز المعرض بعرض محمَل الحجّ، الذي كان يوضع على جمل، لنقل كسوة الكعبة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم قبيل موسم الحجّ من القاهرة إلى مكّة.
وفي شقّ آخر من المعرض نجد عدداً من المخطوطات النادرة التي تعود إلى 250 عاماً، أبرزها مصاحف مطعّمة بالزخارف المذهّبة بين الآيات، ومخطوط طبّي يفتتح بأحاديث نبويّة عن الطبّ والعلاج، وفيه وصفات لعلاج عدد من الأمراض.
مع أنّ معروضات المعرض معدودة، ولم ترصد رحلة تطوير المسلمين لهذه الآلة بشكل واسع، إلا أنّ إقامته تعتبر خطوة أولى لأجل تحقيق هدف أبعد، في وقت يسود فيه تشويه المسلمين وطمس حضارتهم وعلومهم.
قطع من كسوة الكعبة الشريفة (عثمانية)
محمل الحجّ (عثماني)