بدأت المعارضة السورية، أمس الخميس، معركة السيطرة على مدينة إدلب، إذ قصفت المربع الأمني لقوات النظام السوري داخل المدينة، والحواجز المنتشرة على أطرافها، ما أدى إلى مقتل عدد من قوات النظام. وأفاد الناشط الإعلامي معاذ العباس، من داخل المدينة لـ"العربي الجديد"، بأنّ مقاتلين من عدّة فصائل معارضة، أبرزها "فيلق الشام"، و"جبهة النصرة"، و"حركة أحرار الشام" المنتمية لـ"الجبهة الإسلامية"، دكّوا صباحاً بصواريخ "جهنم" محلية الصنع، وقذائف الهاون، المربع الأمني داخل مدينة إدلب، وحواجز قوات النظام غربها، في حين أعلنت "الجبهة الإسلامية"، عبر صفحتها الرسمية على "تويتر" أنّ "ضرباتها على مقرات النظام في إدلب أوقعت عدداً من القتلى في صفوفه". ووفق العباس، فإنّ "قصف المعارضة لمقرات النظام في إدلب اليوم (أمس)، ما هو إلّا مؤشر لبداية معركة تحرير إدلب، والتي كثر الحديث عنها أخيراً، إلا أنه لم يعلن عنها حتى الآن رسمياً، ولربما تكون هذه الضربات تمهيدية وقد تستمر لعدّة أيام".
في المقابل، شنّ طيران النظام الحربي أكثر من عشر غارات على مناطق مختلفة في ريف إدلب، منها سرمين، تفتناز، أبو الظهور، وبليون. في حين ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على مدينتي خان شيخون والتمانعة في الريف الجنوبي. كذلك طال قصف بالمدفعية الثقيلة بلدة النيرب، "مما خلّف أضراراً مادية، من دون ورود أنباء عن وقوع إصابات"، كما قال الناشط الإعلامي أبو محمد الإدلبي، لـ"العربي الجديد".
إلا أن مدير إدارة عمليات الجيش الحر السابق، العميد أركان هاني الجاعور، رأى أنه من الخطأ في هذا التوقيت خوض معارك بهدف الدخول إلى المدن، لأنها ستؤدي إلى تدميرها من قِبل قوات النظام، وتهجير سكانها الذين لا تستطيع المعارضة تحمل عبء تأمين خدمات لهم، إضافة إلى أن مدينة إدلب لا تضم الثقل العسكري للنظام، معتبراً أن المعارك يجب أن تتركز على خطوط الإمداد خارج المدن.
اقرأ أيضاً: معركة تحرير إدلب: نحو شمال خالٍ من الأسد
ويستعد سكان مدينة إدلب، التي تسيطر عليها قوات النظام، للنزوح منها مع بدء تدهور الأوضاع المعيشية فيها في الفترة الأخيرة. ويقيم في المدينة نحو مليون نسمة، هم سكان المدينة الأصليون والنازحون الذين أقاموا فيها خلال السنوات الثلاث الماضية، بعد أن اضطروا إلى النزوح من مناطق ريف حماة الشمالي وجبل الزاوية في ريف إدلب ومدينة حلب، بسبب المعارك المستمرة في مناطقهم، وعمليات القصف العشوائي التي شنتها قوات النظام السوري على أحيائهم وبلداتهم. وتحدثت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد" عن قيام عدد كبير من أصحاب رؤوس الأموال في المدينة بنقل مدخراتهم المالية من مختلف المصارف العاملة في المدينة إلى المصرف المركزي الحكومي الذي يملك فروعاً في مختلف المحافظات السورية، ليتمكنوا، في حال اضطروا إلى النزوح من المدينة، من سحب مدخراتهم من المكان الذي سيتوجهون إليه. وأوضح الصحافي إبراهيم الإدلبي لـ"العربي الجديد"، أن الأوضاع المعيشية في المدينة تدهورت بشكل كبير منذ فرض "الهيئة الإسلامية" التابعة لقوات المعارضة، التي تسيطر على معظم ريف إدلب، حصاراً جزئياً على مدينة إدلب، حيث بدأت الهيئة بالضغط على قوات النظام، من خلال عملية قطع الكهرباء والمياه بشكل متقطع عن المدينة.
من جهة أخرى، أوضح الإدلبي أن الهيئة ضغطت على قوات النظام في المدينة، من خلال عملية تقليل ضخ المياه إلى المدينة من محطات مياه "اللج" في ريف إدلب، ما أدى إلى نشوء أزمة مياه في المدينة في الفترة الأخيرة. وأدى كل ذلك إلى عجز الإدارات الحكومية التابعة للنظام السوري في مدينة إدلب عن تأمين الخدمات في المدينة، ما أدى إلى استياء السكان، الأمر الذي دفع قوات النظام إلى التفاوض بشكل سري، بحسب الإدلبي، مع "الهيئة الإسلامية" لدفع مبالغ مالية للهيئة للتخفيف من حصارها الجزئي على المدينة.
في سياق متصل، عقد ممثلو برنامج الغذاء العالمي في مدينة غازي عنتاب التركية، اجتماعاً للمنظمات الإغاثية السورية العاملة في الشمال السوري، للتباحث بشأن تحضير الإمكانات اللازمة، للتصدي لأزمة النزوح الكبيرة المتوقعة، بعد بدء معركة سيطرة قوات المعارضة على مدينة إدلب.