تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم.
■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
- بدأت مع نهاية المرحلة الجامعية، نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، بترجمة نصوص بلاغية من الفرنسية والإنكليزية إلى العربية.
■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
- آخر ما ترجمته نصوص لعبد الفتاح كيليطو وأخرى حول تجربته الفكرية، نُشرت تباعاً في كتابين هما: "عبد الفتاح كيليطو: متاهات الكتابة" (2013)، و"عبد الفتاح كيليطو: مسار" (2015)، وحالياً أنا بصدد إنهاء كتاب المفكرة الفرنسية المعاصرة ماري جوزيه موندزان بعنوان "مصادرة الكلمات والصور والأزمنة.. من أجل راديكالية مغايرة".
■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
- تتجلى أبرز العقبات في أن مهنة المترجم في العالم العربي تفتقد لعناصر مركبة ومتداخلة، أهمّها: المأسسة والاعتراف بالترجمة كجزء من فعل الكتابة النقدية والفكرية والإبدعية، ثم التكوين الأساسي، وهو ما يجعل من النشاط الترجمي مجالاً للكثير من الفوضى والتفاوت في الكفاءة اللغوية والثقافية.
■ هناك قول بأن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
- ليس هناك من يحرّر ترجماتي بعد الانتهاء منها، غير أن صيغاً للتعاون من أجل المراجعة والتدقيق اللغويين تبقى قائمة مع الناشر أو مع أصدقاء من المختصين في المجال.
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
- في أغلب الأحيان يتم اختيار عناوين الكتب إما باقتراح من الناشر ضمن استراتيجيته العامة أو بالتوافق معه حول العنوان الملائم الذي قد أقترحه باعتباري مترجماً.
■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
- ليس هناك أي توجه سياسي في اختياري للأعمال التي أترجمها. لكن إذا فهمنا من الاعتبارات السياسية، الخلفيات الفكرية والثقافية والإنسانية الثاوية في فكر الكاتب، فوقوفي عندها ينحصر في اليقظة من الانخراط في ترجمة أعمال لا تستجيب لقناعاتي الفكرية أو يختفي وراءها توجه أيديولوجي ذو نزوعات غامضة. وعموماً، فإن كافة العناوين التي ترجمتها تعود إلى كتاب ومفكرين منخرطين في فكر تنويري أو أنجزوا قراءات عميقة للفكر الإنساني قديمه وجديده.
■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟
- بعض الكتب لا أعرف مؤلفيها مباشرة، وهناك كتب تربطني مع كاتبها علاقة جيدة، مثل عبد الفتاح كيليطو أو ماتفيجيفيتش الذي ترجمت كتابه "تراتيل متوسطية" منذ عشرين سنة. وعموماً، فالعلاقة بين المترجم والكاتب ينبغي أن تكون علاقة حوار وتعاون، خصوصاً حين يتعلق الأمر بكتّاب صنعوا لأنفسهم، من خلال توجه فكري، بنية أسلوبية ومعجمية متفردة.
■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
- هي علاقة تعاون وتصالح وأحياناً علاقة توتر، لأنني أستعمل المناخ النفسي واللغوي نفسه في الكتابة سواء تعلق الأمر بما أؤلفه أو بما أترجمه.
■ كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
- أعتقد عموماً أنها وضعية تحتاج إلى تطوير وإلى كثير من الموضوعية والابتعاد عن الخلفيات السياسيوية والأيديولوجية من أجل إعلاء شأن المترجم الجاد والاعتراف بجهوده التي تحتاج إلى تثمين شامل يضع للفعل الترجمي المكانة التي يستحقها.
■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
- مشاريع الترجمة ذات الطابع المؤسسي أساسية من أجل الحد من الفوضى النسبية، خصوصاً في الخيارات الاستراتيجية التي يحتاجها الكتاب العربي المترجم. وأعتقد أن ما ينقصها هو الكم المحدود في العرض والإكراهات المادية، فضلاً عن الانفتاح على المترجمين غير المعروفين إعلامياً رغم تمتعهم بكفاءة عالية في الترجمة.
■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
- ليست لي طقوس معينة في الترجمة، لكنني أتبع قواعد أساسية، هي: القراءة القبلية والتعرّف على التوجه الفكري والأسلوبي للمترجم من أجل التحكم وتدبير الصعوبات اللغوية والثقافية التي تفرضها عملية الانتقال من لغة إلى أخرى، أي من ثقافة إلى أخرى.
■ كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
- لم أندم على ترجمة أي نص. كل ما ترجمته كان مفكَّراً فيه ومتوافقاً عليه مع الناشر.
■ ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟
- حلمي أن تُقرأ النصوص الأساسية من مختلف العلوم والآداب داخل اللغة العربية وكأنها مكوّن متأصل في بنيتها، كما أنني آمل أن يُعترف للمترجم بقيمة العمل الذي ينجزه، لأن العربية تحتاج إلى كم أوفر مما هو موجود الآن في ما يترجم سنوياً بالمقارنة مع ورش الترجمة في المجتمعات المتقدمة. حلمي كذلك أن أترجم نصوصاً تعزّز الوعي الثقافي المتنوّر في مواجهة أنواع النكوص الثقافية والفكرية التي يعرفها العالم العربي.
بطاقة
وُلد سعيد الحنصالي في الرباط عام 1963، وهو حاصل على الدكتوراه في الأدب العربي الحديث (2003) ويعمل حالياً أستاذاً في "معهد الدراسات والأبحاث للتعريب" في الرباط. من ترجماته: "تراتيل متوسطية" لـ بدراك ماتفيجيفيتش (1999)، و"كيف نفكر في الفن الإسلامي" لـ أوليغ كرابار (1997، بالاشتراك)، كما صدرت له مؤلّفات منها: "الاستعارات والشعر العربي الحديث" (2005)، و"نصوص من الثقافة المغربية الحديثة" (2017).