ثمة حكاية، أشبه بحكايات قبل النوم، تُحكى في عُمان حالياً عن افتتاح أول مكتبة عامة للأطفال، كان على الأطفال أن ينتظروا نهايتها السعيدة. مكتبة تضم مبدئياً ما يقرب من عشرة آلاف كتاب وعنوان، إلى جانب زوايا "القصص السمعية" و"الخدمات التقنية" لذوي الاحتياجات الخاصة، وتطمح مستقبلاً أن تذهب للأطفال خارج العاصمة مسقط.
تتكون "مكتبة الأطفال العامة"، التي شهدت "العربي الجديد" حفل افتتاحها الإثنين الماضي، من خمسة طوابق، تتوزع كتبها على 28 قسماً أدبياً وعلمياً، في المعارف العامة وعلم النفس والفلسفة والأدب والطب والصحة، والاقتصاد المنزلي والدين والرياضيات والعلوم الاجتماعية، وكتب أخرى باللغات الأجنبية كالإنكليزية والفرنسية.
تقع المكتبة على شاطئ القُرم بـالعاصمة مسقط، حيث تطلّ نوافذها الزجاجية الواسعة من الداخل على البحر، ما يمنح الأطفال فسحة للتأمل والخيال باعتبارهما رديفين لمتعة القراءة، إلا أن تصميمها الخارجي قريب الشبه من تصاميم المباني التجارية في هذه المنطقة، وكذلك لونها الخارجي الأبيض الذي يشبه معظم المباني السكنية في العاصمة، فيما عدا الدوائر الزجاجية الملونة التي تقترب من عوالم الأطفال نوعاً ما، وهي كلّها عوامل أفقدتها بعداً جمالياً يشدّ الناظر إليها مثل "دار الأوبرا السلطانية" و"متحف الطفل" القريبين منها.
يقول سلطان السلامي، عضو مجلس إدارة المكتبة، لـ"العربي الجديد"، إن فكرة إنشاء المكتبة تعود إلى عام 2012 ، إلا أن الإعلان عنها جاء متأخراً، لأسباب تتعلق بأهمية اختيار الموقع المناسب، وكذا البحث عن مموّلين للمشروع لديهم الحس بأهمية وجود مكتبة للأطفال، ويضيف: "أنشئت المكتبة بدعم من مؤسسات أهلية بكلفة خمسة ملايين ريال عُماني (مليون و300 ألف دولار أميركي تقريباً)، ونأمل مستقبلاً مزيداً من الدعم لتكريس القراءة في وجدان الأطفال، وتوعية الأسر بأهمية قضائها جزءاً من أوقاتها بصحبة أطفالها بين أروقة المكتبة".
وعن ترتيبات انطلاق المكتبة وأوقات عملها، وخصوصاً أن الفترة الصباحية توقيت عملها المفترض، هو الوقت الذي يكون فيه معظم الأطفال والناشئة في رياض الأطفال والمدارس، أكّد السلامي أن المكتبة "تستهدف الفئة العمرية من 3 إلى 17 سنة، وتفتح أبوابها حالياً في الفترة الصباحية، لكنها سوف تعدّل برنامجها مع الإقبال المتوقع عليها، وستدشّن كذلك قريباً موقعها الإلكتروني كي يستطيع الجميع متابعة فعالياتها، وتطمح إلى إضافة مركز للابتكار، وآخر للواقع التخيلي، وتنظيم مسابقات وورش عمل في القراءة والكتابة".
الكاتب أحمد الراشدي، أحد المهتمين بأدب الأطفال والناشئة، والمشرف على المبادرة التطوعية "القرية القارئة"، أكد أن "المكتبة وإن جاءت متأخرة، إلا أنها تمثل مكوّناً معمارياً أساسياً لأي تجمع سكاني، له دوره ووظائفه الثقافية والحضارية، وهو توفير الكتاب، وتنظيم ورشات قراءة، ما يخلق صداقة حميمة تجمع بين الطفل والكتاب والمكتبة".
ويطمح الراشدي بأن "تتكاثر مكتبات الأطفال العامة في كل مدينة عُمانية؛ ويضيف: "من خلال اشتغالي بالعمل التطوعي في القراءة للأطفال لعدة سنوات، أرى أن الحراك الثقافي التطوعي للقراءة للأطفال، أثمر وعياً على عدة مستويات، منها توجه مجموعة من الكاتبات العُمانيات للكتابة في أدب الطفل، ووعي الأسرة العُمانية بأهمية القراءة للطفل وأثره في تشكيل خبراته اللغوية والحياتية، وتصاعد الوعي المؤسسي بأهمية ثقافة الطفل، من قبل المؤسسات الأهلية، مثل (الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء)، وكذلك المؤسسات الرسمية المعنية بالثقافة، مثل (النادي الثقافي)، فضلاً عن تخصيص (جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب) فرعاً لأدب الطفل".