أبو علي الشيشاني، هو أنس شركس، سوري الجنسية، انخرط في العمل الجهادي بعد انطلاق الثورة في سورية في 15 مارس/آذار 2011. يقود اليوم مجموعة مسلّحة غير معروفة الحجم والقدرات في جرود منطقة القلمون السورية (معقل مجموعات المعارضة السورية على الحدود مع لبنان). وبينما يتشارك كل من داعش والنصرة السيطرة على ميدان القلمون، بالإضافة إلى بعض الكتائب المحسوبة على الجيش السوري الحرّ، يقول عدد من المعنيين بالملف الجهادي في لبنان وسورية، إنّ "الشيشاني يحاول منذ أشهر التقرب من داعش فيفعّل عمله في القلمون منسجماً مع خط التنظيم".
مع العلم أنّ الشيشاني لم يعلن في التسجيل عن طبيعة علاقته بالتنظيمين الخاطفين، أو قدرته على التأثير في ملف العسكريين المخطوفين، لكنه أكد كونه "جندياً لدى الأمير البغدادي"، الأمر الذي يمكن تفسيره بكونه مقرّباً من التنظيم. وعلى ما يبدو فإنّ شركس يحاول لعب دور الوسيط والجامع بين "النصرة" و"داعش"، إذ دعا الطرفين إلى "ترك الشأن اللبناني والتفرغ لتحرير قرى القلمون من الاحتلال".
وبرز اسم الشيشاني قبل أيام قليلة، بعيد الكمين الذي استهدف دورية للجيش اللبناني في منطقة رأس بعلبك (شرقي لبنان)، قُتل فيه ستة جنود لبنانيين وأُصيب سابع. وأشارت مصادر أمنية، إلى أنّ "الشيشاني متورط بهذا الاستهداف بعد توقيف زوجته وأبنائه، في محاولة للضغط على الدولة اللبنانية للإفراج عنهم".
عند هذا الحدّ تنتهي المعلومات المتوافرة حول الشيشاني، وفق المصادر الأمنية والجهادية، في حين سيكون لدخوله على خط التوتر بين الجيش والمجموعات المسلّحة انعكاساته، تحديداً في ما يخص ملف العسكريين المخطوفين. فأعلن الشيشاني في التسجيل "عدم الترحيب بالموفد القطري في الجرود بعد الآن"، أي بعد توقيف عائلته. وأضاف أنه "بات مضطراً إلى التدخل في مسار المفاوضات"، في محاولته لربط ملف زوجته بالمخطوفين في أي عملية تبادل مقبلة.
يفتح إذاً هذا الإعلان الباب، أمام المزيد من التعثر في المفاوضات الجارية، إذ تتضارب المعلومات حالياً عن مصير الوساطة القطرية، بعد غياب الوسيط لفترة طويلة عن بلدة عرسال وعن لبنان. وقد حاول رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام دفع الوساطة القطرية قدماً، من خلال إتصاله الهاتفي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، متمنياً عليه "تفعيل الوساطة القطرية لمساعدة الحكومة اللبنانية على تحرير العسكريين ورفع المعاناة عن أهاليهم". فوصل الوسيط القطري، أحمد الخطيب، إلى بيروت، وأمضى ساعات قليلة فيها، ثم غادرها بعد لقائه عدداً من ضباط الأمن العام اللبناني.
وبعد أيام من اتصال سلام بأمير قطر، نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق في تصريحات صحافية، الحديث عن تضارب في خطوط التفاوض بين الحكومة والجهات الخاطفة "فالقناتان الرسميتان هما اللواء عباس إبراهيم والوزير وائل أبو فاعور المكلّف التواصل مع الأهالي".
وفي حين يحافظ الوزراء اللبنانيون على سرية المفاوضات، يسيطر القلق على أهالي المخطوفين المعتصمين في ساحة رياض الصلح قرب السراي الحكومي (مقر الحكومة اللبنانية). وتلقى هؤلاء خبر تهديدات الشيشاني بجدية خشية تعقيد ملف أبنائهم. ويُشير والد أحد العسكريين المخطوفين، حسين يوسف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "إطمئنان الأهالي لمسار المفاوضات الحالي، فالأمور مريحة، على الرغم من التكتم الشديد الذي تعتمده الحكومة والتصريحات السلبية لبعض الأطراف السياسية".