يأتي الدعم المتزايد لحملة الاستفتاء الثاني في ظل جمود المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول الحدود الإيرلندية، والتهديد المتكرر بالتصويت ضد الصفقة المتوقع أن تأتي بها رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى البرلمان، إضافة إلى ارتفاع احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وبينما كانت تيريزا ماي قد أعلنت مؤخراً عن رفضها لفكرة الاستفتاء الثاني، إلا أن انسداد أفق المفاوضات، أو فشل البرلمان في تمرير الصفقة قد لا يتركان أمام ماي خياراً آخر سوى منح الشارع البريطاني القرار النهائي حول بريكست.
يُذكر أن العاصمة البريطانية لندن قد شهدت قبل نحو أسبوع مظاهرة ضخمة قُدّر عدد المشاركين فيها بنحو 700 ألف شخص للمطالبة باستفتاء ثان على بريكست، وهي الأكبر منذ الاحتجاجات على غزو العراق عام 2003.
وتمكنت الحملة من حشد دعم العديد من السياسيين البريطانيين، ومن مختلف الأحزاب البريطانية، وإن كانت هذه الشخصيات بعيدة عن مراكز صنع القرار في الحزبين الرئيسيين، المحافظين والعمال.
وبينما يرفض حزب المحافظين فكرة الاستفتاء الثاني، فإن حزب العمال مستعد لتبنيه في حال فشلت كافة الخيارات الأخرى، كما صدر عن مؤتمره السنوي الذي عُقد الشهر الماضي.
من جانبها، قالت النائبة عن حزب المحافظين، آنا سوبري، والمعارضة للبريكست، أن "واقعية بريكست، وهي الفوضى وعدم التوصل إلى اتفاق تجاري، ليست ما صوت مؤيدو البريكست لصالحه، ولذلك فإننا نرى المزيد منهم يطالبون بالقول الفصل، صفقة أو لا صفقة، مع الحفاظ على البقاء في الاتحاد الأوروبي كأحد الخيارات".
أما تشوكا أومونا، النائب عن حزب العمال فعلق بقوله "مع تكشف ملامح مأساة بريكست، وتوصل المزيد من الأفراد إلى النتيجة بأنه مهما كان خيارك عام 2016 فإن أحداً لم يصوت لصالح هذه الفوضى، فإن الدعم لمنح الجمهور الكلمة النهائية في ازدياد. ولا يمكن للأحزاب الرئيسية تجاهل هذه الحقيقة".
وكانت رئيسة الوزراء تيريزا ماي قد قالت الأسبوع الماضي في كلمة أمام البرلمان البريطاني أن 95 في المائة من تفاصيل اتفاق بريكست قد تم التوافق عليها، ولا تزال الحدود الإيرلندية فقط تقف عائقاً أمام إتمامه.
وجاءت كلمتها تلك بعد قمة بروكسل الأوروبية والتي كانت الموعد المقرر لاختتام المفاوضات، بينما ينتظر ألا تختتم مفاوضات بريكست قبل القمة الأوروبية المقبلة منتصف ديسمبر/ كانون الأول.
وكان الرد الأوروبي على تصريحات ماي على لسان غي فيرهوفشتات، العضو في البرلمان الأوروبي، عندما قال "قد تكون مفاوضات بريكست عند 90 أو 95 أو 99 في المائة ... ولكن طالما لا يوجد حل للحدود الإيرلندية، وطالما لم تتم حماية اتفاقية الجمعة العظيمة، فإن تقدم المفاوضات لنا في البرلمان يعادل صفراً في المئة".
عززت هذه التصريحات من الاعتقاد باحتمال انهيار المفاوضات، ونهايتها بسيناريو عدم الاتفاق، أو بقبول رئيسة الوزراء بتنازلات لن يوافق عليها حزبها.
وحتى إن تمكنت ماي من التوصل إلى صفقة مع الكتلة الأوروبية، فلا يبدو حالياً أنها ستتمتع بالأغلبية في مجلس العموم، نظراً لاستعداد حزب العمال للتصويت ضدها، إضافة إلى المتمردين من حزبها.
ويدفع هذا الواقع السياسي البريطاني العديد من النواب إلى تأييد تخويل الشارع لاتخاذ القرار عن طريق الاستفتاء الثاني.
وكانت بريطانيا قد صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016 بأغلبية تقرب من 52 في المائة من الأصوات، وينتظر أن تخرج من الاتحاد في مارس/ آذار المقبل.