لم يكن متوقعاً، ربما، لدى مَن تعرّف إلى يحيى العبدالله مع شريطه الروائي الطويل الأول، "الجمعة الأخيرة" (2011)، أن يذهب المخرج الأردني الشاب إلى السينما التوثيقية في فيلمه الطويل الثاني، "المجلس"، الذي عُرض أخيراً في "مهرجان دبي السينمائي الدولي".
الحديث هنا ليس عن خيارات مخرج يتنقل، كما يريد، بين نوع وآخر، ويقدم حكاية، أو يلاحق أخرى، بالإطار الفني الذي يفضّل؛ إنما عن مشاهدٍ اكتشف تجربة عربية جديدة، مميزة، في السرد البصري الروائي.
ربما سجّل بعض الذين حضروا "الجمعة الأخيرة" في بيروت، قبل عامين، أو في مكان آخر، ملاحظتهم حول تجربة مقنعة على مستوى اللغة السينمائية، أضافوها إلى قائمة التجارب السينمائية العربية التي تستحق أن يتابعوها. افتراض كهذا لن يبدو مبالغاً به، خصوصاً وأن المنطقة لا تعرف حراكاً سينمائياً وولادات لتجارب كثيرة تدعو إلى التفاؤل.
على أي حال، فإن العبدالله لم يدخل الفن السابع من باب "الجمعة الأخيرة"؛ إذ كان سبق له أن وضع عدة أشرطة قصيرة لاقت ما تستحقه من ردود فعل. رغم ذلك، يبقى هذا الشريط، المبني على سيناريو متماسك سردياً ولغوياً (جاء المخرج إلى السينما من خلفية أدبية)، حجرَ الأساس، حتى الآن، في تجربته، التي يأتي فيلمه الجديد، "المجلس"، ليقنعنا أكثر بضرورة متابعتها، أو متابعة مقولتها البصرية، بغض النظر عن الإطار السينمائي الذي قد يختاره المخرج لها.