افتتحت مساء أمس، الدورة العاشرة من المهرجان المتوسطي لمدينة الحسيمة في المغرب، مراهنة في جديدها على جذب أكثر من 60 ألف زائر. وهو الرقم الذي اختتم به المهرجان دورة السنة الماضية.
حفل افتتاح المهرجان كان على وقع الموسيقى الريفية ذات الخصوصية العريقة في المغرب، إذ قدّمت فرقة "أزير" الشبابية عرضاً فنياً ميّزت غناءه المحاكاة الشعرية، قالت عنه مغنية الفرقة الرئيسية لينا الشريف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّه "يعكس الموروث المحلي في الريف المغربي، ويتحدث عن المعاناة الحياتية التي قد يتعرض لها أي كان، خصوصاً النساء، والغناء وحده يمكن أن يحمل كل الأوجاع".
وانتقل الغناء من منصّة دار الثقافة بالحسيمة إلى ساحة محمد السادس بالمدينة، وظلّ وفياً للموسيقى الشبابية الريفية عبر حضور لافت لفرقتي "ريف إكسبيرينس" و"أمين الخطابي".
ولأنّ المهرجان يحرص "على التنوع الثقافي عبر استضافة أصوات غنائية ومبدعين من البلدان المتوسطية كما من بقية مناطق المغرب التي تثمّن اختلاف روافد حضارته"، فقد حضر فنّ الفلامينغو الإسباني في حفل الافتتاح، مازجاً بين الغناء والرقص الاستعراضي، ليختتم الحفل بعرض استعراضي آخر للفنان المغربي الشاب محمد أزوكاح، بحسب تصريح مديره عبد اللطيف حدب في حديثه لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضاً: "المايوه الشرعي" ممنوع على شواطئ المغرب
عن هذا التنوع في البرمجة ما بين الغناء والرقص الاستعراضي، وانفتاح برمجة المهرجان على التشكيل والعروض والندوات الفكرية، وكانت من بينها ندوة عن التحديات الأمنية في ظلّ التهديدات الإرهابية، قال مدير المهرجان ورئيس جمعية "الريف للتضامن والتنمية المنظمة" بهذا الخصوص، إنّ "المهرجان يتبنى الانفتاح على كافة الأساليب التعبيرية وبكافة اللغات، إلى جانب التنشيط الفني والحضور الفكري، والهدف من ذلك هو خلق حركية على كافة الأصعدة بالمدينة تشدد على أننا مهرجان يدعو للتسامح ويعيش المتنوع والمختلف".
هذه الحركية تتحول إلى اقتصادية بالأساس، فالمهرجان يحوّل المدينة الهادئة بقية أشهر السنة في الشمال الشرقي من المغرب، إلى منطقة اقتصادية ديناميكية تخدم السياحة المحلية وتدعم النشاط السياحي الداخلي، خصوصاً أنّ دورة المهرجان الحالية استقدمت تعاونيات مغربية من مناطق البلاد كافّة لمعرض الصناعة التقليدية والمنتوجات الطبيعية.
اقرأ أيضاً: فاس: العاصمة الروحية التي أنجبت أشهر سياسيي المغرب
ولم يسقط المهرجان الفنّ السابع من برنامجه، فقد حضرت السينما من خلال عرض فيلم "وداعاً كارمن"، لمخرجه ابن الحسيمة، محمد أمين بنعمراوي، في أوّل انتقال له من الأفلام الوثائقية القصيرة إلى الأفلام الطويلة.
ويحكي الفيلم قصة الطفل عمار، الذي يعيش الحرمان بعد هجرة والدته إلى بلجيكا مع زوجها الجديد، وتعوّضه كارمن الأربعينية الإسبانية، حنان الأم وتفتح عينيه على عوالم السينما والأدب، قبل أن تفجعه برحيلها إلى إسبانيا: "لكن ليس قبل أن تخلق روابط مستحيلة الانفصام بين جارتين هما المغرب وإسبانيا"، يقول بنعمراوي لـ"العربي الجديد".
اقرأ أيضاً: مهرجان مغربي يحتفي بالرقص الأمازيغي
ويضيف: "كان من الصعب التوصل إلى كاست ممثلين من الريف، خصوصاً أنّ معظمهم شارك في أعمال تلفزيونية محلية قليلة، لكنّ النتيجة كانت مذهلة. وهو ما يدفعني إلى توجيه دعوة قوية للعناية بالطاقات الإبداعية في ريف المغرب".
هذه الطاقات التي منحت فيلم بنعمراوي ثلاث جوائز في مهرجان الفيلم بطنجة هي "أحسن فيلم" و"أحسن دور ثانٍ" و"جائزة النقد"، كما منحته "جائزة الجمهور" في المهرجان المتوسطي في مدينة مونوبوليي الفرنسية، وجائزة "مهرجان الشاشات السوداء" في ياوندي بالكاميرون.