وجاء الكلام الروسي على لسان رئيس مركز حميميم لتنسيق المصالحة بين أطراف الأزمة السورية، الجنرال سيرغي كورالينكو، والذي قال إن "المجموعات المسلحة التابعة لجبهة النصرة وفصائل المعارضة، التي انضمت إلى التنظيم، قامت بإعادة ترتيب قواتها واستكمال حاجتها من الأسلحة والذخائر، وهي مستعدة الآن لتنفيذ عمليات هجومية". ورأى الجنرال سيرغي أن "صحة هذه المعلومات تدل عليها معطيات العسكريين الروس والاستخبارات السورية، وهذه الاستنتاجات والتقديرات تؤكدها، أيضاً، عمليات غير منقطعة لقصف مواقع الجيش السوري في الغوطة الشرقية، واستهداف أحياء سكنية في مدينة دمشق من المسلحين".
وكانت الوزارة الروسية قد دعت "إلى فرض نظام التهدئة في الغوطة الشرقية ومدينة داريا بريف دمشق لمدة 72 ساعة، اعتباراً من 24 مايو/ أيار، بغرض بسط الاستقرار في المنطقة".
وفي سياق ذي صلة، ذكر رئيس مركز حميميم لتنسيق المصالحة بين أطراف الأزمة السورية أن "تنظيم جبهة النصرة ينجز عملية تشكيل مجموعة قتالية تضم حوالي 6 آلاف من مسلحيه في محافظة حلب، من أجل محاصرة قوات الجيش السوري في محيط المدينة، من خلال شن هجوم واسع في جنوبها وقطع الطريق إلى مدينة نبل شمالاً"، معتبراً أن "تأزم الوضع في عدد من مناطق سورية جاء نتيجةَ سعي تنظيم جبهة النصرة والمجموعات المرتبطة به لإفشال نظام الهدنة"، لافتاً إلى أن القوات الجوية الروسية ستواصل شن ضربات على مواقع الجبهة.
وقال الجنرال الروسي: "نوجه لجميع الأطراف المعنية طلباً بوقف الأعمال الهجومية وعمليات القصف، والابتعاد عن المناطق التي تقع تحت سيطرة جبهة النصرة، وسيواصل الطيران الروسي شن ضربات عليها".
وأعرب مدير موقع "سورية سكاي"، آدم الشامي، من الغوطة الشرقية، في حديث لـ "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن "الوضع الميداني في الغوطة، وبشكل خاص بعد الاقتتال الداخلي الأخير، لا يسمح بانطلاق أي معركة قريبة، لما تسبب فيه من ضحايا بين الطرفين بين قتلى وجرحى، والحالة المعنوية للمقاتلين، فضلاً عن وجود أعداد من الأسرى لدى جميع الأطراف، واستهلاك كميات كبيرة من الذخيرة، إضافة إلى زيادة عدد العناصر الأمنية داخل الغوطة على حساب الجبهات. وفيما يخص "النصرة"، فإن تعدادها وإمكانياتها بالغوطة تكاد لا تذكر، فـ500 مقاتل لن يشكلوا أي تأثير فارق ولو قرروا الهجوم".
وعن التصريحات الروسية، اعتبر الشامي أنها تندرج "تحت ما يسمى الضربات الاستباقية أو العمليات التمهيدية، وجزء منها إعلانات سياسية أكثر منها ميدانية، ما يرجح أن الإعلان قد لا يتجاوز حدود التسويق"، لافتاً إلى تأثيرات الإعلان على الأرض، بحيث سيثير تخوف الأهالي من النصرة في مناطقهم ويدفعهم إلى التضييق عليها، "إضافة إلى أنهم يحاولون بإعلانهم أن يزيدوا الطين الداخلي في الغوطة بلة، على أساس أن الفصائل ذات أجندات مختلفة، وقد تستخدمه الفصائل المسلحة المتصارعة في مهاجمة بعضها بعضاً، فـ"جيش الإسلام" قد يعتبر أن "النصرة" ستجر الغوطة الى معركة فاشلة ومزيد من الخراب، وبالمقابل قد تتلقف "النصرة" وحلفاؤهها الخبر ويزداد إصرارهم على اتهام جيش الإسلام بالتخاذل".
وعن استهداف "النصرة" من قوات النظام والطيران الحربي الروسي، قال الشامي إن "قوات النظام والروس يشنون هجماتهم في ظل عمى استخباراتي، حيث إنهم يعتمدون على القصف العشوائي، الذي لا يستند إلى إحداثيات أو بنك أهداف، فهو قصف انتقامي".
من جانبهم، قلل العديد من الناشطين في الغوطة، في حديث مع "العربي الجديد"، من إمكانية أن تكون النصرة بالغوطة قادرة على شن هجومٍ هذه الأيام، كما ورد على لسان المسؤول الروسي، معتبرين أنها "لا تملك الإمكانات اللازمة لمثل هذه العمليات، إلا إذا نفذت بعض العمليات المحدودة عبر استخدام "الإنغماسيين" و"الانتحاريين".
يشار إلى أن الغوطة الشرقية تشهد منذ أسابيع قليلة اقتتالا داخليا بين "جيش الإسلام" من جهة و"النصرة" و"فيلق الرحمن" و"جند الأمة" من جهة أخرى، ما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، في حين تقدمت قوات النظام على حساب فصائل المعارضة، وسيطرت على معظم مساحات القطاع الجنوبي في الغوطة الشرقية، قبل أيام.