موسم الذرة المشوية... كفاح من أجل "لقيمات"

القاهرة

عبد الله عبده

avata
عبد الله عبده
07 اغسطس 2019
D4C33840-0E12-4686-A3E8-83737D7F2124
+ الخط -
منذ 30 عاماً مضت والحاجة صباح عبد الله الشهيرة بـ"أم رزق" ما زالت تجلس أمام قطعة من المعدن تُشعل فيها الحطب والفحم والأخشاب لشوي ثمار "كيزان" الذرة الخضراء، من الساعة الخامسة بعد العصر وحتى الثانية عشرة مساءً، حتى أصيبت بحساسية في عينيها جراء الدخان المنبعث.

تقول أم رزق، حول رحلتها مع بيع الذرة المشوية في حديثها لـ"العربي الجديد"، إن "الموسم يبدأ من أواخر شهر إبريل/ نيسان وحتى أغسطس/ آب من كل عام، ويصل سعر الثمرة الواحدة من مكان زراعتها في بداية الموسم إلى حوالي جنيهين (الدولار يعادل 16.6 جنيهاً تقريباً)، تنخفض فيما بعد إلى جنيه ونصف".

وتضيف "إنني أحتاج عبوة فحم كل 3 أيام بنحو 120 جنيهًا، بالإضافة إلى مصاريف المواصلات، إذ نشتري الذرة الخضراء من زراعات تنتج الذرة مبكراً، وتبعد عن منطقتنا نحو 25 كم، لذلك لم تعد تجارة الذرة المشوي مربحة كما كانت في سنوات مضت".

وأكدت أن ما تحصل عليه "في اليوم بعد حساب التكاليف لا يتعدى 40 جنيهًا، وأحيانًا أضطر للبيع بالخسارة، عندما تكون الثمار غير جيدة وهذا أمر لا يتم اكتشافه إلا عند تقشير الثمرة أو ما يطلق عليه شعبياً (كوز الذرة)".

وتشكو الحاجة صباح من تراجع مبيعاتها مقارنة بسنوات مضت، إذ انخفضت مبيعاتها من 150 ثمرة "كوز" لـ حوالى 70، مرجعة الأسباب لارتفاع الأسعار (بعد الشواء) إلى ثلاثة جنيهات، في الوقت الذي يعاني فيه غالبية الناس من تدهور أحوالهم المعيشية، بالإضافة إلى كثرة المتجهين للعمل في نفس المجال.

وعن ظروف معيشتها تضيف لـ"العربي الجديد": "حاليًا ليس لنا أي دخل سوى بيع الذرة المشوية، بالإضافة لعمل نجلي الكبير في أحد المصانع بـ 50 جنيهًا في اليوم، ولي ابن آخر يدرس في المرحلة الإعدادية، وهناك بنتان متزوجتان، وزوجي توفي منذ شهرين وكان يتقاضى 400 جنيه (حوالى 24 دولارًا) معاشاً من الضمان الاجتماعي، وأحاول الآن استرداده، لكن الأمر متوقف على تصحيح خطأ في قسيمة الزواج".


وتشير إلى أن اللحمة لم تدخل بيتها منذ فترة وفي حال تيسر الأمور تشتري نصف كيلو فقط، بالإضافة إلى أنها قاطعت الفراخ البيضاء عقب رفع أسعارها.

وعن علاقتها بالجمعيات الخيرية الموجودة في محيط سكنها، تؤكد الحاجة صباح أنها تتعفف عن الذهاب والوقوف على أبوابها، لكن من يأتي إليها بالمساعدة لا ترده.

وأعلن "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" في مصر (رسمي) ارتفاع معدل الفقر في البلاد خلال العام المالي 2017-2018 إلى 32.5 في المائة، مقابل 27.8 في المائة خلال العام المالي 2015-2016، فضلاً عن ارتفاع نسبة المواطنين القابعين تحت خط الفقر إلى 6.2 في المائة مقابل 5.3 في المائة، بما يمثل أكثر من 6 ملايين مصري.
وحدد البحث قيمة خط الفقر للفرد في السنة عند 8,827 جنيها (533 دولاراً تقريباً) والفقر المدقع عند 5890 جنيهاً في السنة وبما يعادل أقل من دولار يومياً.

وقال البنك الدولي في تقرير له في مايو/ أيار الماضي إن "30% من المصريين تحت خط الفقر، وإن 60% إما فقراء أو عرضة للفقر كما أن عدم المساواة آخذ في الازدياد". ويحدد البنك الدولي 1.9 دولار في اليوم تعادل حداً للفقر المدقع عالمياً.

دلالات

ذات صلة

الصورة

منوعات

دفعت الحالة المعيشية المتردية وسوء الأوضاع في سورية أصحاب التحف والمقتنيات النادرة إلى بيعها، رغم ما تحمله من معانٍ اجتماعية ومعنوية وعائلية بالنسبة إليهم.
الصورة
المهجر السوري سطام (عامر السيد علي)

مجتمع

تزداد مصاعب السوريين في شمال غربي البلاد، وكأن حرب النظام لا تكفيهم، بل تزيد الكوارث الطبيعية معاناتهم بعد رحلة التهجير القاسية، حتى باتت عائلات بكاملها مجبرة على العمل لأجل تأمين لقمة العيش، في ظل تدني الأجور وقلة فرص العمل، وتفشي الفقر.
الصورة
مخيم شاتيلا (العربي الجديد)

مجتمع

يشهد مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين حركية لا تخطئها العين خلال شهر رمضان، تزيد وتيرتها قبل موعد الإفطار، على الرغم من ضيق الحال ومظاهر الفقر والعوز.
الصورة
سوء تغذية (عدنان الإمام)

مجتمع

ترتفع أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية بنحو مطّرد في مناطق شمال غربيّ سورية، بسبب تفشّي الفقر وعدم توافر الغذاء المناسب للأطفال، الأمر الذي يجعل الأطفال عرضة للإصابة بالأمراض، ويضعف الجهاز المناعي لديهم.