نتنياهو في الهند: تعزيز العلاقات على حساب القضية الفلسطينية

نيودلهي

فايز الحق

فايز الحق
فايز الحق
صحفي هندي في نيودلهي.
15 يناير 2018
22AC857A-1C4B-4CCA-B8D6-89A4B5FB992E
+ الخط -


في وقت تتدهور فيه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة إلى الهند أمس الأحد تستمر ستة أيام، يلتقي خلالها المسؤولين الهنود ويتخللها توقيع اتفاقات تعاون في مجالات عدة، بما سيفتح المجال أمام توسيع التعاون بينهما في ظل وجود حكومتين متطرفتين تريدان تعزيز التقارب، وفق ما يقول خبراء ومراقبون، وسط تخوّف من أن يؤدي ذلك إلى انعكاسات على موقف الهند من القضية الفلسطينية. ويقوم نتنياهو بزيارته إلى الهند بعد زيارة نظيره ناريندرا مودي إلى إسرائيل في يوليو/تموز من العام الماضي، والتي كانت أول زيارة لرئيس وزراء هندي إلى إسرائيل بعد إقامة الهند علاقات دبلوماسية معها قبل ربع قرن، وكان لافتاً فيها أن مودي لم يزر رام الله مقر السلطة الفلسطينية بعدما اعتاد الزعماء على التوقف هناك، في محاولة لإظهار التوازن في العلاقات السياسية.

وكان نتنياهو قد أعلن قبيل مغادرته إلى الهند إن هذه الزيارة "تتيح فرصة لتعزيز التعاون مع قوة عالمية كبرى في مجالات الاقتصاد والدفاع والتكنولوجيا والسياحة"، مضيفاً أن "رئيس وزراء الهند صديق مقرب لإسرائيل وصديق شخصي لي، وأنا أقدّر مرافقته بنفسه لي خلال جزء كبير من الزيارة".
ويرافق نتنياهو وفد يضم 130 رجل أعمال إسرائيليّاً في مجالات الزراعة والمياه والصناعات الأمنية والصحة والصناعات الغذائية. وذكرت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، أن الطرفين سيوقّعان اتفاقات متعلقة بالأمن السيبراني، والتعاون في مجال الطاقة والفضاء، وإنتاج الأفلام. كما يُتوقع أن يستعرضا التقدّم المحرز في تنفيذ اتفاقيات التعاون في مجال التكنولوجيا والمياه والزراعة، والتي تم توقيعها خلال زيارة مودي في يوليو/تموز. وارتفع حجم التجارة الثنائية بين البلدين من 200 مليون دولار عام 1992، عندما أقامت الهند وإسرائيل علاقات دبلوماسية، إلى 4.16 مليارات دولار في 2016.

وخلال زيارته نيودلهي، سيعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعات مع الرئيس الهندي رام ناث كوفيند، ومودي، ووزير الشؤون الخارجية سوشما سواراج. وسيكون ثاني رئيس وزراء إسرائيلي يزور الهند بعد أرييل شارون عام 2003. كذلك سيقوم نتنياهو بزيارة مدينة مومباي التي تُعتبر العاصمة الاقتصادية للهند، وسيشارك في فعالية "شالوم بوليوود"، ويلتقي خلالها المخرجين الهنود ويدعوهم إلى تصوير أفلامهم في إسرائيل. كما سيزور نتنياهو إقليم غوجرات الذي كان ناريندرا مودي كبيراً للوزراء فيه قبل توليه منصب رئيس الوزراء للبلد، وشهد خلال حكمه أبشع أنواع العنف الذي قتل فيه ألفان من المسلمين الهنود عام 2002. وأثناء زيارته إلى غوجرات، سيسافر رئيس الوزراء الإسرائيلي ثمانية كيلومترات بالسيارة من مطار مدينة أحمد آباد إلى "سابارماتي آشرم" بيت المهاتما غاندي.


وتعليقاً على هذه الزيارة، قال الدبلوماسي الهندي الأسبق، تلميذ أحمد، الذي عمل كسفير للهند لدى بلدان خليجية عدة، إنه توجد محاور عدة للتعاون بين الهند وإسرائيل، لكن لا يمكن لنيودلهي أن تتخلى عن موقفها تجاه فلسطين. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "منذ البداية دعمت الهند حق الفلسطينيين على أراضيهم والقدس الشرقية كعاصمة دولة فلسطين المستقلة. ولا يمكن للهند تغيير موقفها هذا وإلا سيكون عليها أن تتخلى عن دعواها حول شطري كشمير اللذين تسيطر عليهما باكستان والصين"، مشيراً إلى تصويت الهند ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأمم المتحدة حول قضية القدس.

ولفت أحمد إلى أن الهند بلد ديمقراطي وتختلف آراء الزعماء حول القضايا الدولية، "فحتى خلال حكم رئيس الوزراء أتال بيهاري فاجبايي الذي ترأس أيضاً حكومة حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي، لم نر مثل التطرف الذي نراه اليوم في سياسة حكومة الحزب نفسه التي يترأسها ناريندرا مودي"، قائلاً إن "هذا الحماس الذي نشاهده اليوم من اليمينيين قد يتلاشى مع مر الزمان والتغير في الحكم، فالعلاقات الدبلوماسية والدولية لا تقام على المشاعر بل على أساس المصالح المشتركة".

أما أستاذ السياسة الدولية في الجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي، محمد صهيب، فلفت إلى وجود "علاقات وطيدة بين الطبقة العليا للهندوس والمتطرفين اليهود"، معتبراً أنه "لا يوجد فرق في الرؤية القومية من حزب المؤتمر وحزب بهاراتيا جاناتا للعالم، لأن هناك سيطرة من الطبقة العليا للهندوس عليهما"، مشيراً إلى أنه "عندما عقد حزب المؤتمر، مؤتمر العلاقات الآسيوية في العام 1946 وجّه دعوة إلى مندوبين اثنين من إسرائيل للمشاركة فيه، وبالتالي توجد علاقات قريبة ووطيدة بين الصهيونية ونخبة من المثقفين الهنود الذين قادوا حزب المؤتمر".

وأوضح صهيب أن الهند من البلدان الأربعة الأولى التي اعترفت بإسرائيل كدولة مستقلة مع الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا، قائلاً إن "هناك تقارباً في النظرة للعالم بين الطبقة العليا للهندوس والصهاينة، فكلاهما تياران عنصريان ومعاديان للإسلام والمسلمين والعرب، وكلاهما يتطلعان للهيمنة في منطقتيهما". ورأى أن "الفلسطينيين يواجهون الآن أبشع أنواع التمييز العنصري، لكن العالم، مع الهند، صامت حول هذا الموضوع كأنه ليس موضوعاً يجدر الاهتمام به"، معتبراً أن "الهند تحاول الوصول إلى تعريف جديد لهويتها والانتقال من الديمقراطية الشاملة لكل الثقافات، إلى ديمقراطية تهيمن عليها ثقافة الأغلبية".

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي بقيادة نتنياهو 14 إبريل 2024 (Getty)

سياسة

يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، ​​بعد ظهر اليوم الأحد، لمناقشة سلسلة من القضايا، أولها الهجوم المخطط له على إيران.
الصورة
اتخاذ تدابير أمنية بعد أن ضربت مسيرة مقر إقامة نتنياهو 19 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم السبت إنّ طائرة مسيّرة أُطلقت من لبنان باتجاه منزل نتنياهو في قيسارية ولم يكن موجوداً هو وعائلته فيه.