بق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في طريق عودته من لقائه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأربعاء الماضي، البحصة، ليعلن جهاراً ما كان معروفاً منذ عقود عن حقيقة نظام "الممانعة" السوري ومدى كونه فعلاً سداً أمام تهديد أمن دولة الاحتلال. قال نتنياهو، بما قل ودل، "لم تكن لدينا مشكلة مع أنظمة الأسد" جامعاً بين نظام الابن بشار وبين نظام والده حافظ الأسد. وليقطع الشك باليقين، أضاف نتنياهو "على مدار 40 سنة لم تطلق رصاصة واحدة على هضبة الجولان".
يعكس هذا الاعتراف من نتنياهو نفسه، حقيقة العلاقة السائدة بين سورية وإسرائيل على مدار الأربعين سنة الماضية، العلاقة الفعلية بعيداً عن الدعاية التي روج لها الطرفان على مدار السنوات السابقة. لكنه اعتراف يرفض مؤيدو الثورات المضادة والنظام الدموي في سورية سماعه، وقد جعلوا، منذ أول صرخة أصدرها الشعب السوري مع انطلاق ثورته، آذانهم من طين ومن عجين كي يستطيعوا مواصلة دعمهم للنظام الإجرامي الذي قتل من السوريين ما لم تقتله حتى دولة الاحتلال نفسها خلال حربين.
كما يؤكد الاعتراف مجدداً مقولات الثورة والمعارضة السورية عن الدعم غير المباشر الذي قدمته تل أبيب لبقاء النظام، وهو دعم لا يمكن تجاهل مساهمته في بقاء النظام، بدءاً من مقترح التسوية الذي بلوره وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، في العام 2013 بنقل ترسانة سورية الكيميائية إلى روسيا، بعد مجزرة الغوطة في ذلك العام لإنقاذ النظام من الضربة العسكرية الأميركية وانتهاء بالتفاهمات الإسرائيلية الأخيرة مع روسيا، ومنح إسرائيل نظام الأسد الضوء الأخضر لإطلاق عملياته العسكرية في درعا لتصفية المعارضة في طريقه للعودة إلى جنوب غرب سورية على الحدود مع إسرائيل، ليعود الحارس الأمين لهذه الحدود كما فعل طيلة أربعة عقود، دون أي محاولة لتحرير الأرض السورية المحتلة في الجولان. البحصة التي بقها نتنياهو لن تحرج أنصار نظام القتل السوري ولا أبواقه تماماً، مثلما لم يشعر أنصار الانقلاب العسكري في مصر بالحرج من سعي حكومة نتنياهو لانتزاع الاعتراف الأميركي بالانقلاب العسكري على الثورة المصرية. إنه تحالف الأنظمة القمعية مع الاحتلال للبقاء في الحكم على حساب مصالح شعوبها، الذي يفسر سر نجاح الثورات المضادة على الربيع العربي.