07 ابريل 2022
نتنياهو يصفع المنادين بالتطبيع
في وقتٍ تتزايد فيه أصوات عربية مختلفة، باتجاه تطبيع العلاقات بين دول عربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي انتقلت من حالة الخجل والسر إلى العلن، ويتحدث عنها الإعلام العبري منذ فترة ليست قليلة، تزامنًا مع الحديث عن اقتراب القيام بخطوات عملية بين إسرائيل وأنظمةٍ عربية في هذا الخصوص. وفي وقتٍ تتزايد فيه تغريدات بعض مؤيدي التطبيع وكتاباتهم على صفحات "تويتر" و"فيسبوك" بضرورة إقامة علاقات طبيعية وسلمية مع إسرائيل، بزعم عدم وجود خلافات بين دولهم وإسرائيل، وكأن احتلال الأراضي الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس، لم يعد يعني تلك الأصوات التي تنادي بالتطبيع مع اسرائيل. وعلى الرغم من أن المبادرة العربية التي أطلقها ملك السعودية الراحل عبدالله بن عبد العزيز، كانت قد اشترطت حلا للقضية الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة، قبل الحديث عن أي خطوات تطبيعية مع إسرائيل، إلا أن دعوات بعضهم إلى ذلك رسالة مفادها أن إسرائيل لم تعد تعتبر عدوا لتلك الأنظمة العربية، وأن فلسطين وشعبها ومقدساتها لم تعد قضيتهم.
في مقابل ذلك، جاء الرد الإسرائيلي على تلك الأصوات والدعوات، في قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإعادة السماح للوزراء اليهود وأعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى، بعد أن كان قد حظر عليهم ذلك قبل حوالي عام ونصف العام، بعد اندلاع الهبّة الفلسطينية التي تخللتها عمليات عديدة للمقاومة الفلسطينية، كالطعن والدهس وإطلاق النار، والتي انطلقت من شوارع القدس القديمة. وقد عزتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين المسجد الاقصى. وبعد مطالباتٍ فلسطينيةٍ وأردنية، تخللها سحب عمّان سفيرها في تل أبيب، رداً واحتجاجا على تلك الاقتحامات، ما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل، من أجل تخفيف حدّة التوتر بين إسرائيل والأردن، والتي انتهت بتعهد نتنياهو أمام الأردن، وبرعاية وزير الخارجية الأميركية آنذاك، جون كيري، بحظر اقتحامات الوزراء والنواب اليهود
الأقصى، ما دفع الأردن إلى إعادة سفيره إلى تل أبيب، على الرغم من استمرار اقتحامات المستوطنين اليهود العاديين المسجد، ما يعتبر تنصلاً وتراجعاً إسرائيلياً عن التفاهمات مع الأردن، والتي تم التأكيد عليها في اتفاقية وادي عربة للسلام في 1994. حيث أشارت دراسات إسرائيلية، وأخرى صادرة عن مؤسسات فلسطينية، إلى زيادةٍ في اقتحامات اليهود المسجد الأقصى في تلك الفترة بنسبة زادت على 40% مقارنة بالسنوات الماضية، فيما استمرّت السياسات الإسرائيلية والإجراءات الأخرى بتشديد وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ومنع مئات الألوف منهم، ومن ضمنهم عشرات من المرابطين والمرابطات المقدسيين من الدخول للصلاة في الأقصى، والاستمرار في ملاحقة موظفي الأوقاف العاملين في الأقصى، واعتقال بعضهم.
تراجع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن تعهده بعدم السماح للوزراء والنواب اليهود باقتحام المسجد الأقصى، بعد مرور أكثر من عام ونصف العام، وفي ظل فتوى صدرت عن نحو مئة حاخام يهودي بتحريم دخول اليهود المسجد الأقصى، طالما أن دخولهم هذا يعرّض حياة البشر للخطر، وفي ظل تحذيراتٍ كثيرة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من خطورة هذا القرار، الذي قد يؤدي إلى تأجيج الأوضاع الأمنية في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى هرولة بعض الأنظمة العربية باتجاه تطبيع العلاقة مع إسرائيل، والتي قطعت شوطا كبيرا في اعتبار المقاومة الفلسطينية إرهابا، واعتبار إسرائيل جارةً وصديقةً وشريكةً، في ما يسمى مواجهة ما سماه بعضهم الإرهاب الإسلامي، أو في مواجهة إيران. حيث توهم بعضهم أنه، في مقابل كل هذه المتغيرات السريعة في المنطقة، أن ترد إسرائيل وحكومتها بخطواتٍ من شأنها أن تدعم الأصوات الداعية إلى التطبيع معها، لا أن تصعّد من سياساتها، وخصوصا تجاه المسجد الأقصى، لما له من
حساسيةٍ بالغةٍ وكبيرة لدى العالمين، العربي والإسلامي، ليشكل قرار نتنياهو صفعةً قويةً، وبصقة كبيرة، في وجوه المتلهفين للتطبيع مع دولته. ما يعني أن نتنياهو أصبح مقتنعا بأن سياسات حكومته الاستيطانية والاحتلالية وتدنيس المقدسات الإسلامية لن تشكل عائقا أمام هرولة بعضهم باتجاه العلاقة مع إسرائيل، وعلى الرغم من المصلحة الإسرائيلية الإستراتيجية من تطبيع علاقاتها مع بعض الأنظمة العربية، إلا أنها تريد إيصال رسائل إلى أطراف إقليمية ودولية عديدة أن القدس الشرقية ومقدساتها جزء من الفضاء السياسي والسيادي الإسرائيلي، وممنوع الحديث عنها في أية مساع، ومنها تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، وذلك لأن المجموعة التي تسيطر على القرار السياسي الإسرائيلي اليوم هي تلك الجماعات الاستيطانية اليمينية القومية المتطرّفة، المستمرة في مشروعها لتقسيم المسجد الأقصى مكانيًا وزمانيًا. وتنتظر الفرصة المناسبة لهدم الأقصى، بحجة الهيكل المزعوم، والتي لا تأبه للردود الفلسطينية أو العربية، ولن تتجاوز حدود الشجب والإدانة، وأن الوصاية الأردنية على المقدّسات الإسلامية في القدس ما هي إلا حبرٌ على ورق، وأن إسرائيل هي صاحبة السيادة والقرار في كل ما يتعلق بالقدس ومقدساتها، لا بل إن العقلية الحاكمة في إسرائيل ترى مساعي بعض الأنظمة العربية إلى التقرّب منها والتطبيع معها من نتائج نجاح السياسات الإسرائيلية العدوانية المبنية، أولا وأخيراً، على استخدام القوة ضد الفلسطينيين خصوصًا والعرب عموماً، وأن الاستمرار في هذه السياسات سيؤدي إلى هزيمة أكثر لتلك الأنظمة. وبالتالي، استمرارها في مساعي التقرّب مع إسرائيل، حتى وإن كانت على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته ومقدّساته، في وقتٍ أصبحت فيه أنظمةٌ عربيةٌ ترى أولوياتها في العلاقة مع إسرائيل، والتخلي عن مسؤولياتها تجاه القضية الوطنية الفلسطينية. بل إن بعضها أصبح عبئا على الشعب الفلسطيني، في تواطئه مع إسرائيل، ومشاركته العلنية الظاهرة في الحرب على كل من يرفع صوته ضد إسرائيل.
في مقابل ذلك، جاء الرد الإسرائيلي على تلك الأصوات والدعوات، في قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإعادة السماح للوزراء اليهود وأعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى، بعد أن كان قد حظر عليهم ذلك قبل حوالي عام ونصف العام، بعد اندلاع الهبّة الفلسطينية التي تخللتها عمليات عديدة للمقاومة الفلسطينية، كالطعن والدهس وإطلاق النار، والتي انطلقت من شوارع القدس القديمة. وقد عزتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى اقتحامات المسؤولين الإسرائيليين المسجد الاقصى. وبعد مطالباتٍ فلسطينيةٍ وأردنية، تخللها سحب عمّان سفيرها في تل أبيب، رداً واحتجاجا على تلك الاقتحامات، ما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل، من أجل تخفيف حدّة التوتر بين إسرائيل والأردن، والتي انتهت بتعهد نتنياهو أمام الأردن، وبرعاية وزير الخارجية الأميركية آنذاك، جون كيري، بحظر اقتحامات الوزراء والنواب اليهود
تراجع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عن تعهده بعدم السماح للوزراء والنواب اليهود باقتحام المسجد الأقصى، بعد مرور أكثر من عام ونصف العام، وفي ظل فتوى صدرت عن نحو مئة حاخام يهودي بتحريم دخول اليهود المسجد الأقصى، طالما أن دخولهم هذا يعرّض حياة البشر للخطر، وفي ظل تحذيراتٍ كثيرة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من خطورة هذا القرار، الذي قد يؤدي إلى تأجيج الأوضاع الأمنية في القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، وتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى هرولة بعض الأنظمة العربية باتجاه تطبيع العلاقة مع إسرائيل، والتي قطعت شوطا كبيرا في اعتبار المقاومة الفلسطينية إرهابا، واعتبار إسرائيل جارةً وصديقةً وشريكةً، في ما يسمى مواجهة ما سماه بعضهم الإرهاب الإسلامي، أو في مواجهة إيران. حيث توهم بعضهم أنه، في مقابل كل هذه المتغيرات السريعة في المنطقة، أن ترد إسرائيل وحكومتها بخطواتٍ من شأنها أن تدعم الأصوات الداعية إلى التطبيع معها، لا أن تصعّد من سياساتها، وخصوصا تجاه المسجد الأقصى، لما له من