تبدي الفنانة ورد الخال تذمّرها من أقلام تهاجم الفنانات اللبنانيات، وتحصرهنّ في خانة "عارضات الأزياء"، في وقت كان بالكاد يغيب دخان المعارك التي شنت على تجربة المغنية هيفاء وهبي السينمائية في "حلاوة روح"، والذي بلغ حد مهاجمة بلدها لبنان، كون هذه الأخيرة ليست سوى صورة لمجتمعها.
والهجوم على وهبي، كان تتويجاً لمعركة يمكن تلخيص عنوانها العريض من تصريحات المهاجمين، بأنّ "الفنانات اللبنانيات يدخلن الساحة الفنية المصرية، ويستأثرن بأدوار البطولة فيها بأجسادهن لا بقدراتهن التمثيلية". إلى جانب تلك اللافتات، كانت تُرفع أخرى، تتعلّق بأداء الفنانات اللبنانيات، وبعض من تلك اللافتات جاءت من الأوساط الفنية السورية.
بكل الأحوال، الهجوم الذي يطال الفنانات اللبنانيات لا يأتي من فراغ، إلا أنّ هذا الهجوم يبقى عيبه التعميم، وسوء الخلط بين الفن والحالة الاستهلاكية منه، ورفع شأن الاستثناء، حتى لو بدا هو السائد، على حساب القاعدة. فحضور اللبنانيات في الوسط الفني، لم يقتصر على الإغراء وحسب، ووجود فنانات بإمكانيات تمثيلية متواضعة، لا يلغي أنّ هناك أيضاً من صنعن حضورهن المتميز.
لندع حالة الاستهلاك التي تصيب الوسط الفني اليوم، وهي حالة لم تصنعها الفنانات اللبنانيات من دون شك، وإن كان بعضهن جزءاً منها، ولننتبه إلى الفن بوصفه حالة إبداعية. ففي هذا الأخير، يبقى الأساس دائماً للقيمة الفنية لا للشهرة. ولنتذكر، أنّ ما من قيمة فنية أسقطت بالتقادم، وما من مادة للاستهلاك، إلا وجاء وقت تنتهي فيه صلاحيتها.
بعيداً عن ذلك الجدل، ستبقى مشكلة الفنانات اللبنانيات بالغالب تأتي من حالة التنميط التي خضعن لها، لأسباب تتعلق بطبيعة نصوص الدراما اللبنانية أو ما يعرف بدراما "بان آراب" (Pan Arab)، فضلاً عن كسل المخرجين في الدراما العربية وآلية التسويق الإنتاجي. تلك الثلاثية وتأثيرها على الفنانة اللبنانية، تبدو بوضوح اليوم في الدراما المشتركة.
ففي معظم تلك الأعمال، ستقوم الحكاية على ثلاثية مكوّنة من شابين يتصارعان على حب فتاة. وفي كل مرة، سيسند دور هذه الفتاة إلى ممثلة لبنانية، ودور الشابين، لممثل سوري وآخر لبناني أو مصري. وفي هذه الحكايات التي تعتمد غالباً أسلوب "سوب أوبرا" القائم على (الحكي)، سيكون مطلوباً أن تفوح رائحة العطر من المسلسل، وتكون حلقاته منصة لعرض رشاقة الممثلين وأناقتهم.
تحتاج الممثلة اللبنانية اليوم، لتؤكد أنّ موهبتها هي القاعدة، نصاً محكماً للتنفس ومخرجاً يضعها في مكان يظهر إمكانياتها التمثيلية، ولنتذكر أنّها أثبتت جدارتها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ومن منا لا يذكر ورد الخال في "أسمهان" وهي تؤدي دور أم لممثلين يقاربونها في العمر! وها هي كارمن لبس، تنافس بأدائها نجمات مصر في "سرايا عابدين"، فيما لم تكن غيداء نوري أقل حضوراً من الفنانات السوريات في "سنعود بعد قليل".