وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب، إلا أن 39 بالمائة من النساء هن عاملات كادحات معيلات لأسرهن، وهو أعلى من المعدل العام للنساء العربيات العاملات في الداخل التي لا تتجاوز 28 بالمائة، فالغالبية العظمى عمّال وأجراء يتقاضون رواتب زهيدة من نساء ورجال.
وفي السياق، قالت سائدة العلي مديرة جمعية "بسملة"، وهي الجمعية الوحيدة في جسر الزرقاء تأسست سنة 2012: "نعمل على دعم النساء وترسيخ قيمة التطوع والمشاركة، ولا نحصل على أي تمويل فكل المشاريع تقام بالتبرع والتطوع، وتضم الجمعية 36 عضواً وأكثر من مائة ناشط".
وتابعت موضحة طريقة عملهم، "نعمل مع النساء العاملات اللواتي يمثلن شريحة مُهملة جداً بنسبة 15 بالمائة من النساء في وظائف خدماتية مثل السكرتارية وبائعات. والدخل الشهري زهيد جداً".
وأوضحت "العلي"، أن 90 بالمائة من العائلات تحت نسبة خط الفقر، وفق التقرير الأخير لمراقب الدولة، كما أن مظاهر التطور في المدينة بطيئة فأول مدرسة ثانوية بالقرية كانت سنة 1996، بالإضافة إلى الإهمال والتمييز من السلطات الإسرائيلية من بعد النكبة حتى اليوم".
وعلى الرغم من "العنصرية القومية" التي تعاني منها نساء قرية الجسر من طرف المجتمع الإسرائيلي وأيضاً التمييز الذي يطاولها من المجتمع الذكوري، بحسب مديرة الجمعية، فقد استطاعت أن تبرهن على قوتها وصلابة عزيمتها، وخرجت إلى العمل من أجل مساعدة زوجها، وفي بعض الحالات تحولت إلى المعيلة الرئيسية للأسرة، فبرهنت أن " الأمل يولد من عمق الفقر".
وتطرقت "العلي" إلى جهود الجمعية في دعم ومساندة 36 عائلة فقيرة بالإمكانيات المتاحة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب بالبلدة، وقالت "ندعم النساء معنوياً ومادياً. فنحن نلمس ونرى وجه الفقر في القرية".
وفي زيارة "العربي الجديد" لبيت لبيبة عماش (39 عاماً)، أم لأربعة أطفال تعاني من فقر شديد قالت: "لا أعمل منذ ثلاث سنوات لأسباب صحية. لم يكن عندنا كهرباء لمدة سنة ونصف السنة. لا يوجد عندي غذاء بشكل يومي، وأحياناً لا نجد ما يسد الرمق لأسبوع. أسرتي تساعدني بما تستطيع فوالدي لا يعمل، ووالدتي ضريرة. إخوتي جميعهم عندهم أولاد يساعدون عندما يستطيعون، اليوم مثلاً، ذهبت إلى بيت والدي جلبت بعض الطعام لأطفالي".
وتابعت بحسرة "عندما انقطعت الكهرباء كنت أشعل موقد نار أستعمله للإضاءة والطبخ وأغلي عليها مياه الاستحمام. يوجد عندي ثلاجة لكنها عاطلة. أحصل على طرود غذائية خلال شهر رمضان فقط. والشؤون الاجتماعية اشتروا لي هذه الخزانة".
وعبرت لبيبة عن رغبتها في أن يتحسن الوضع الاقتصادي، وأن ترى أبناءها يتابعون دراستهم بدل أن يلزموا البيت".
من جانبها، بدت الحاجة رشيدة نجار، (67 عاماً) وأم لـ 11 ابناً، أكثر تفاؤلاً في سرد حكايتها، وكيف استطاعت أن تتحدى كل الصعاب التي واجهتها، وتدرس وتشتغل مربية في رياض أطفال بمدينة عكا، وبعدها افتتحت أول روضة أطفال في القرية عملت بها لمدة 22 عامًا، "جميع أبنائي وبناتي متعلمون وغالبيتهم العظمى تخرجوا من الجامعات. طبعاً هذا كان يعتبر تحدياً ولكنني تعلمت وعملت وربيت أبنائي".