07 نوفمبر 2024
نساء لبنان بعين الذكورية
في الحراك اللبناني، الذي شارك ويشارك فيه معظم أطياف الحالة اللبنانية، ولفتَ أنظار العالم، بسلميته وشموليته وبمطالباته العادلة، التي أكسبته تعاطفاً كبيراً من الجميع تقريباً، لاحظنا انتشار مقاطع فيديو وصور للمتظاهرات اللبنانيات، مصحوبة بتعليقات ساخرة، وأحياناً جارحة ووقحة أيضاً. في بداية الأمر، شارك معظمنا أصدقاءه مثل هذه المقاطع على سبيل المفارقة اللافتة، خصوصاً أننا كنا نقارن "شكل" المظاهرات اللبنانية بمظاهرات عربية أخرى سبقتها بالظروف والأسباب نفسها، وبالزخم نفسه. لكن بعد أكثر من أسبوع، وبعد اعتيادنا الشكل، ومحاولة ربطه بظروف الحياة اليومية للمواطنين اللبنانيين كما نعرفهم، وكما نراهم على الشاشات الواقعية، بدت الصورة تفصح عن ذكوريتها.
وعلى الرغم من أن هذه التظاهرات اعتادها المواطن العربي في العقد الأخير تحديداً، ودائماً كان يشارك فيها الرجال والنساء، إلا أن تظاهرات كثيرة أفضت إلى ثورات ناجحة اتخذت من المرأة أيقونة لها، كما حدث في الثورة السودانية. واختلفت الحالة اللبنانية، على صعيد مشاركة المرأة، كثيراً، وبالتحديد لدى المواطن العربي الذي تابع الأحداث عبر ما يصل إليه من مقاطع ومشاهد وصور، غالباً ما تكون منتقاة بشكل مقصود ومحدّد، أي إنها لم تكن مقاطع عشوائية كما كان يحدث في الثورات السابقة، ولم تكن تعتمد على نوعية المادة المكونة لها، بغضّ النظر عن الجنس، رجلاً أو امرأة مثلاً، كما حدث في أحداث الثورة المصرية التي تشاركنا فيها الصور التي رفع فيها المصريون، رجالاً ونساءً، لافتاتٍ مكتوبةً بخفة دم مصرية، وبأساليب بدت لنا غاية في الطرافة. أما المقاطع اللبنانية، فقد ركزت كثيراً على مشاركة النساء تحديداً، وتعمّد صانعوها أن تكون مرفقةً بتعليقاتٍ تزيد من ذلك التركيز، وتسلط كل الضوء عليه.
ولو قرأنا تلك المشاهد بالتعليقات المرفقة بها، لاكتشفنا أن أصحابها لا يقصدون تشويه الحراك اللبناني، كما فهم بعض المتابعين مثلاً، بل إن ما يعنيها هو المرأة وحسب، ففي العمق، تنطلق هذه التعليقات على المشاهد من فهم ذكوري بالغ التعقيد، ذلك أن من يتبنّونه ليس رجالاً وحدهم، بل نساء أيضاً، وبالتعليقات الساخرة نفسها التي تتكئ، في سخريتها، وبأفضل الأحوال في استغرابها، على المتظاهرات اللبنانيات اللواتي لم يتخلّيْن عن أناقتهن اللافتة، ومن ممارسات شاركت بها هؤلاء المتظاهرات رفاقهن من المتظاهرين، تعبيراً عن إصرارهم على البقاء في ساحات بيروت ومدن أخرى حتى تتحقق المطالب. ومن هذه الممارسات رقصة الدبكة التقليدية بطقوسها الحماسية الفرحة، فعلى الرغم من أن هذه رقصة مشتركة بين الجنسين، إلا أن التعليقات المصاحبة لها، سخرية وانتقاداً، وعلى أقل تقدير استظرافاً، طاولت النساء وحسب، فقط لأن النساء، أو معظمهن، أو معظم ما صور لنا منهن، كنّ يرتدين أزياءً رأى متابعون أنها لا تناسب الصورة النمطية لمن يشارك في التظاهرات والثورات في الشارع عادة!
صحيحٌ أن هناك حالاتٍ كانت لافتة بالفعل في مبالغتها الشديدة في التعبير عن مفارقة الجو العام للمظاهرات، وأي حراك جماهيري يحدث في الشارع، كالشابة التي ارتدت زي راقصة شرقية، وراحت تؤدي وصلة رقص ساخنة، وسط المتجمهرين على أنغام الموسيقى مثلاً، أو كالمرأة التي ظهرت بزيٍّ شبه عارٍ في برنامج تلفزيوني، أدت فيه وصلةً ذات إيحاءات جنسية صارخة، وهي تردّد مطالب قام من أجلها الحراك اللبناني، إلا أن هذه حالات قليلة وشاذة، وما كان ينبغي لها، أو لمثلها، أن تساهم بعض وسائل الإعلام العربية، عن قصد أو غير قصد، بتشويه صورة المرأة اللبنانية خصوصاً، والمرأة عموماً.
ولو قرأنا تلك المشاهد بالتعليقات المرفقة بها، لاكتشفنا أن أصحابها لا يقصدون تشويه الحراك اللبناني، كما فهم بعض المتابعين مثلاً، بل إن ما يعنيها هو المرأة وحسب، ففي العمق، تنطلق هذه التعليقات على المشاهد من فهم ذكوري بالغ التعقيد، ذلك أن من يتبنّونه ليس رجالاً وحدهم، بل نساء أيضاً، وبالتعليقات الساخرة نفسها التي تتكئ، في سخريتها، وبأفضل الأحوال في استغرابها، على المتظاهرات اللبنانيات اللواتي لم يتخلّيْن عن أناقتهن اللافتة، ومن ممارسات شاركت بها هؤلاء المتظاهرات رفاقهن من المتظاهرين، تعبيراً عن إصرارهم على البقاء في ساحات بيروت ومدن أخرى حتى تتحقق المطالب. ومن هذه الممارسات رقصة الدبكة التقليدية بطقوسها الحماسية الفرحة، فعلى الرغم من أن هذه رقصة مشتركة بين الجنسين، إلا أن التعليقات المصاحبة لها، سخرية وانتقاداً، وعلى أقل تقدير استظرافاً، طاولت النساء وحسب، فقط لأن النساء، أو معظمهن، أو معظم ما صور لنا منهن، كنّ يرتدين أزياءً رأى متابعون أنها لا تناسب الصورة النمطية لمن يشارك في التظاهرات والثورات في الشارع عادة!
صحيحٌ أن هناك حالاتٍ كانت لافتة بالفعل في مبالغتها الشديدة في التعبير عن مفارقة الجو العام للمظاهرات، وأي حراك جماهيري يحدث في الشارع، كالشابة التي ارتدت زي راقصة شرقية، وراحت تؤدي وصلة رقص ساخنة، وسط المتجمهرين على أنغام الموسيقى مثلاً، أو كالمرأة التي ظهرت بزيٍّ شبه عارٍ في برنامج تلفزيوني، أدت فيه وصلةً ذات إيحاءات جنسية صارخة، وهي تردّد مطالب قام من أجلها الحراك اللبناني، إلا أن هذه حالات قليلة وشاذة، وما كان ينبغي لها، أو لمثلها، أن تساهم بعض وسائل الإعلام العربية، عن قصد أو غير قصد، بتشويه صورة المرأة اللبنانية خصوصاً، والمرأة عموماً.