06 يوليو 2019
نصيحة للنساء
مصطفى العادل
باحث في اللسانيات العامة بكلية الآداب، جامعة محمد الأول-المغرب. باحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. الأمين العام للمركز العربي للبحوث والدراسات المعاصرة. رئيس قسم الأدب واللسانيات البينية بمركز مفاد.صدر له كتاب "المدارس اللسانية وأثرها في الدرس اللساني بالمغرب". يعرّف عن نفسه بالقول "كل لحظة تأتيك فكرة، يلهمك الله نورا لتعبر به عن معنى، فكن دوما مستعدا بسيف القلم كي لا تهزم في معركة الإبداع".
قال لي جدي يوما: "أتعرف ما الفرق، يا بني، بين رجلين، حقق أحدهما نجاحا في حياته واستطاع أن يغادر القرية، والآخر واصل على طريق أبيه يرعى الغنم لغيره، ويبني حياة غيره، في وقت تضيع فيه حياته وتذبل أيامه؟".
رفعت بصري، ونظرت إلى جدي، التزمت الصمت قليلاً، ففهم جدّي أنني لم أفهم شيئا، أو على الأقل لم أكن بعد في حاجة إلى استيعاب أي شيء. خيّم الصمت قليلاً، ثم استطرد جدي قائلا: "الفرق الموجود بينهما، يا بني، أنّ الفاشل وجد في طريقه حجارة كثيرة، فبنى أمامه جدارا، منعه عجزُ اقتحامه من الوصول إلى النجاح، فبقي بجواره يائسا تعيسا. أما الناجح، فقد استغل تلك الحجارة في بناء درجٍ متينٍ يستعين به صاعدا في سلّم التفوق والنجاح. هكذا، يا بني، استطاع أحدهما أن يحقق نجاحا كبيرا بينما بقي الأخر على حاله، بل تزداد تعاسته كلما نظر إلى الهلاك الذي بناه بيده، وصار بؤسا له في طريق الفلاح إلى المستقبل".
أنهى جدي قصته الطريفة، بينما بقي ذهني منشغلا بالجدار والرجلين، كنت أتأمل ذلك الرجل التعيس المسكين، حتى قادتني براءة الطفولة إلى البحث عن سبلٍ لإخراجه من إحباطه القاتل، ووددت في تلك اللحظة لو استطعت مساعدته لهدم الجدار وبلوغ النجاح. لقد ظهرت علامات الحزن على ملامحي، فاحتضنني جدي، وعلم أنني لم أفهم شيئا مما يسعى إليه، ولم أفهم من قصته إلا أنها قصة مؤثرة من دون أن أستوعب أنها من اختلاقه الخاص لهدف يعرفه.
قد تكون هذه القصة مصطنعة أيضا أيها القارئ العزيز، ما دام الهدف من وراء هذه المقالة هو توجيه رسالة إلى الجيش هناك في الواجهة، أقصد النساء، اللواتي تسلّلنا مرة أخرى إلى كلماتنا، واخترن الاختباء وراء أحرفنا، والتجسس المباشر لما نخطّه في سياق أوجاع الرجال. لكن، فليطمئن الجميع فاليوم تقودنا حقيقة مرة، ونحن نحاول أن نلقي بمزيج من الرحمة واللطف تجاه عالم النساء، خاصة الساذجات اللواتي ألقين سلاحهن في حرب العواطف وسمحن بكل شيء مقابل وعود كاذبة، وربما وعد زائف، النساء اللواتي توقفن عن التفكير في إنجاح حياتهن وتحقيق أحلامهن. سمِعت إحداهن وعدا بالزواج في زمن العنوسة، أكذوبة لو استفاقت من غفلتها لوجدت ذلك مجرّد حلم، حلم لا غير.
أريد من هذه الفتاة التي تقرأ الآن أن تتساءل مع نفسها: ماذا لو حققتِ مستقبلكِ ونجاحكِ أولا دون ربطه بشخص ما؟ ماذا لو حاولتِ التفرد في هذا العالم واستطعتِ تغيير الحقيقة التي تقول: تقبَّلي أيّ رجل يريدك لتحقيق النجاح، إلى حقيقة أخرى تقول: حقِّقي نجاحكِ لِتَخْتاري الرجل الذي تريدينه. معادلة بسيطة أيّتها المرأة الشريفة لكنّها تحتاج منك قليلا من الصبر والتعب، لأن التفكير السليم في زمن الرداءة يعد بدعة، ويصنّف صاحبه ضمن الحمقى؟، ويوصف بالجبن والسخافة.
أحلام ساذجة ستعترض طريقك في السعي إلى النجاح، أقصد أحجارا ضخمة هنا وهناك، وعود كاذبة من شباب متعطش إلى زمن الحب الجميل في أوطان العروبة التي قامت حداثتها على أركان الظلم، وانبعثت من رماد الطغيان. أحلام يراك ِ فيها الشابّ العاطل الفقير زوجة سعيدة؛ فيقوده اللهيب المشتعل بقلبه، ويهيئ له الكلام الحلو والشعر الرومانسي، لا لشيء إلا أنّه اطلع عليه في مقرّراتنا العربية الساذجة، ليعبّر عن الحب في واقع لا يعرف للحب والرومانسية معنى. والأَمَرُّ أنّ معظم من أحبّوا في عالم العواطف وبراكين العشق الفوَّار غالبا ما تختلف زوجة مرحلة الفقر عن زوجة مرحلة الغنى، مما يخلِّف حالات من النزيف الحادّ في صفوف النساء.
كلّ ما عليكِ الآن بعدما كسّرنا قليلا من كبريائنا وقمعنا شهامة العربي، هو المضيِّ قدما نحو النجاح. وعلى اللواتي اقتحمنا المعارك العاطفية ألا يتعمَّقن فيها كثيرا حتى يتَمَكَّنَ من مسح دموعهن بكل سهولة في اليوم الموعود، ومواصلة الطريق الشاقِّ، تجنُّبا للوصول إلى مرحلة الموت الذي لا قبر بعده ولا حياة.
رفعت بصري، ونظرت إلى جدي، التزمت الصمت قليلاً، ففهم جدّي أنني لم أفهم شيئا، أو على الأقل لم أكن بعد في حاجة إلى استيعاب أي شيء. خيّم الصمت قليلاً، ثم استطرد جدي قائلا: "الفرق الموجود بينهما، يا بني، أنّ الفاشل وجد في طريقه حجارة كثيرة، فبنى أمامه جدارا، منعه عجزُ اقتحامه من الوصول إلى النجاح، فبقي بجواره يائسا تعيسا. أما الناجح، فقد استغل تلك الحجارة في بناء درجٍ متينٍ يستعين به صاعدا في سلّم التفوق والنجاح. هكذا، يا بني، استطاع أحدهما أن يحقق نجاحا كبيرا بينما بقي الأخر على حاله، بل تزداد تعاسته كلما نظر إلى الهلاك الذي بناه بيده، وصار بؤسا له في طريق الفلاح إلى المستقبل".
أنهى جدي قصته الطريفة، بينما بقي ذهني منشغلا بالجدار والرجلين، كنت أتأمل ذلك الرجل التعيس المسكين، حتى قادتني براءة الطفولة إلى البحث عن سبلٍ لإخراجه من إحباطه القاتل، ووددت في تلك اللحظة لو استطعت مساعدته لهدم الجدار وبلوغ النجاح. لقد ظهرت علامات الحزن على ملامحي، فاحتضنني جدي، وعلم أنني لم أفهم شيئا مما يسعى إليه، ولم أفهم من قصته إلا أنها قصة مؤثرة من دون أن أستوعب أنها من اختلاقه الخاص لهدف يعرفه.
قد تكون هذه القصة مصطنعة أيضا أيها القارئ العزيز، ما دام الهدف من وراء هذه المقالة هو توجيه رسالة إلى الجيش هناك في الواجهة، أقصد النساء، اللواتي تسلّلنا مرة أخرى إلى كلماتنا، واخترن الاختباء وراء أحرفنا، والتجسس المباشر لما نخطّه في سياق أوجاع الرجال. لكن، فليطمئن الجميع فاليوم تقودنا حقيقة مرة، ونحن نحاول أن نلقي بمزيج من الرحمة واللطف تجاه عالم النساء، خاصة الساذجات اللواتي ألقين سلاحهن في حرب العواطف وسمحن بكل شيء مقابل وعود كاذبة، وربما وعد زائف، النساء اللواتي توقفن عن التفكير في إنجاح حياتهن وتحقيق أحلامهن. سمِعت إحداهن وعدا بالزواج في زمن العنوسة، أكذوبة لو استفاقت من غفلتها لوجدت ذلك مجرّد حلم، حلم لا غير.
أريد من هذه الفتاة التي تقرأ الآن أن تتساءل مع نفسها: ماذا لو حققتِ مستقبلكِ ونجاحكِ أولا دون ربطه بشخص ما؟ ماذا لو حاولتِ التفرد في هذا العالم واستطعتِ تغيير الحقيقة التي تقول: تقبَّلي أيّ رجل يريدك لتحقيق النجاح، إلى حقيقة أخرى تقول: حقِّقي نجاحكِ لِتَخْتاري الرجل الذي تريدينه. معادلة بسيطة أيّتها المرأة الشريفة لكنّها تحتاج منك قليلا من الصبر والتعب، لأن التفكير السليم في زمن الرداءة يعد بدعة، ويصنّف صاحبه ضمن الحمقى؟، ويوصف بالجبن والسخافة.
أحلام ساذجة ستعترض طريقك في السعي إلى النجاح، أقصد أحجارا ضخمة هنا وهناك، وعود كاذبة من شباب متعطش إلى زمن الحب الجميل في أوطان العروبة التي قامت حداثتها على أركان الظلم، وانبعثت من رماد الطغيان. أحلام يراك ِ فيها الشابّ العاطل الفقير زوجة سعيدة؛ فيقوده اللهيب المشتعل بقلبه، ويهيئ له الكلام الحلو والشعر الرومانسي، لا لشيء إلا أنّه اطلع عليه في مقرّراتنا العربية الساذجة، ليعبّر عن الحب في واقع لا يعرف للحب والرومانسية معنى. والأَمَرُّ أنّ معظم من أحبّوا في عالم العواطف وبراكين العشق الفوَّار غالبا ما تختلف زوجة مرحلة الفقر عن زوجة مرحلة الغنى، مما يخلِّف حالات من النزيف الحادّ في صفوف النساء.
كلّ ما عليكِ الآن بعدما كسّرنا قليلا من كبريائنا وقمعنا شهامة العربي، هو المضيِّ قدما نحو النجاح. وعلى اللواتي اقتحمنا المعارك العاطفية ألا يتعمَّقن فيها كثيرا حتى يتَمَكَّنَ من مسح دموعهن بكل سهولة في اليوم الموعود، ومواصلة الطريق الشاقِّ، تجنُّبا للوصول إلى مرحلة الموت الذي لا قبر بعده ولا حياة.
مصطفى العادل
باحث في اللسانيات العامة بكلية الآداب، جامعة محمد الأول-المغرب. باحث بمركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية. الأمين العام للمركز العربي للبحوث والدراسات المعاصرة. رئيس قسم الأدب واللسانيات البينية بمركز مفاد.صدر له كتاب "المدارس اللسانية وأثرها في الدرس اللساني بالمغرب". يعرّف عن نفسه بالقول "كل لحظة تأتيك فكرة، يلهمك الله نورا لتعبر به عن معنى، فكن دوما مستعدا بسيف القلم كي لا تهزم في معركة الإبداع".
مصطفى العادل