في أواخر 2012، جمعني نقاش جاد بصديقة سابقة حول أسباب رفضها لبقاء الرئيس المنتخب الذي كان يحاول حكم مصر وقتها محمد مرسي. كنت متفقاً مع ضرورة معارضته، لكني لم أكن حينها أفهم مبررات الكراهية، خصوصاً أننا كنا بعد الثورة نحاول التخلص من ميراث طويل من الضغائن المتبادلة زرعه النظام السابق في المجتمع.
تجادلنا حول المشكلات، فلم تستطع أن تقنعني بأي تبرير، لا سياسياً ولا اقتصادياً، إذ كانت كل مبرراتها تمييزية.
كانت ترى نفسها أكثر حداثة من أفراد الجماعة التي ينتمي إليها مرسي، وأن مظهر وملابس زوجته، وزوجات وأبناء مساعديه لا تشبه مظهرها ولا ملابسها، وبينما هي تحب لحية بعض الرجال، إلا أنها تكره تلك "اللحية الإخوانية" كما سمّتها.
واجهتها بما في انتقاداتها من استعلاء وعنصرية، ففاجأتني بمبرر جديد صاعق؛ قالت: "هؤلاء سيمنعونني وغيري من ارتداء (البكيني)، فهل ترضى أنت بهذا! ألا تحب أن تشاهدني بالبكيني"؟
عندها توقفت عن النقاش تماماً، إذ كنت مقتنعاً وقتها، أن غضبها نابع من كراهية مفرطة لمحاولات دمج الملتزمين، أو المتزمتين دينياً في المجتمع، لكني اكتشفت لاحقاً علاقتها بأجهزة أمنية كانت مسؤولة عن تدبير الانقلاب على الثورة بزعم التخلص من حكم الإخوان، واستعادة الجيش السيطرة على الحكم في البلاد.
تذكرت هذا النقاش مؤخراً مع عودة تفجر الحديث حول حظر ارتداء النقاب في مصر، وسعي نائبة مجهولة مع نائب محسوب على الأجهزة الأمنية إلى استصدار قانون بحظر ارتدائه من البرلمان، بزعم أن إخفاء وجه المرأة يمثل مخاطر أمنية على المجتمع.
الحديث نفسه تكرر سابقاً عبر شخصيات يجمعها الولاء للنظام والنقمة الواضحة على كل معارضيه، وخصوصاً من يصطلح على تسميتهم "تيار الإسلام السياسي".
قبل أكثر من عامين، نقلت صحيفة "تليغراف" عن مسؤول كبير في الشرطة البريطانية أن نقاشاً رسمياً جرى حول السماح للشرطيات بارتداء "البرقع"، وإن لم يتم إقراره، علماً أن الشرطيات المسلمات يسمح لهن بارتداء غطاء الرأس (الحجاب) منذ سنوات.
اقــرأ أيضاً
الأصل أن ملابس النساء ملك لهن، وتحكمها قراراتهن النابعة من حريتهن الشخصية، فضلاً عن بعض القيود المجتمعية والدينية، فإن كنت ترفض محاولات إلزام من يقررن كشف أجزاء من جسدهن بتغطيتها، فعليك رفض محاولات إلزام الأخريات اللواتي قررن تغطية مساحات أكبر من أجسادهن بتعريتها.
بعض من يدعون الحداثة في بلاد العرب يصرون على أن التعري حق أصيل للنساء، وهؤلاء أنفسهم يعتبرون الحجاب تخلفاً، متجاهلين الحق في الاختيار وفق قواعد المساواة التي يبشرون بها.
تجادلنا حول المشكلات، فلم تستطع أن تقنعني بأي تبرير، لا سياسياً ولا اقتصادياً، إذ كانت كل مبرراتها تمييزية.
كانت ترى نفسها أكثر حداثة من أفراد الجماعة التي ينتمي إليها مرسي، وأن مظهر وملابس زوجته، وزوجات وأبناء مساعديه لا تشبه مظهرها ولا ملابسها، وبينما هي تحب لحية بعض الرجال، إلا أنها تكره تلك "اللحية الإخوانية" كما سمّتها.
واجهتها بما في انتقاداتها من استعلاء وعنصرية، ففاجأتني بمبرر جديد صاعق؛ قالت: "هؤلاء سيمنعونني وغيري من ارتداء (البكيني)، فهل ترضى أنت بهذا! ألا تحب أن تشاهدني بالبكيني"؟
عندها توقفت عن النقاش تماماً، إذ كنت مقتنعاً وقتها، أن غضبها نابع من كراهية مفرطة لمحاولات دمج الملتزمين، أو المتزمتين دينياً في المجتمع، لكني اكتشفت لاحقاً علاقتها بأجهزة أمنية كانت مسؤولة عن تدبير الانقلاب على الثورة بزعم التخلص من حكم الإخوان، واستعادة الجيش السيطرة على الحكم في البلاد.
تذكرت هذا النقاش مؤخراً مع عودة تفجر الحديث حول حظر ارتداء النقاب في مصر، وسعي نائبة مجهولة مع نائب محسوب على الأجهزة الأمنية إلى استصدار قانون بحظر ارتدائه من البرلمان، بزعم أن إخفاء وجه المرأة يمثل مخاطر أمنية على المجتمع.
الحديث نفسه تكرر سابقاً عبر شخصيات يجمعها الولاء للنظام والنقمة الواضحة على كل معارضيه، وخصوصاً من يصطلح على تسميتهم "تيار الإسلام السياسي".
قبل أكثر من عامين، نقلت صحيفة "تليغراف" عن مسؤول كبير في الشرطة البريطانية أن نقاشاً رسمياً جرى حول السماح للشرطيات بارتداء "البرقع"، وإن لم يتم إقراره، علماً أن الشرطيات المسلمات يسمح لهن بارتداء غطاء الرأس (الحجاب) منذ سنوات.
الأصل أن ملابس النساء ملك لهن، وتحكمها قراراتهن النابعة من حريتهن الشخصية، فضلاً عن بعض القيود المجتمعية والدينية، فإن كنت ترفض محاولات إلزام من يقررن كشف أجزاء من جسدهن بتغطيتها، فعليك رفض محاولات إلزام الأخريات اللواتي قررن تغطية مساحات أكبر من أجسادهن بتعريتها.
بعض من يدعون الحداثة في بلاد العرب يصرون على أن التعري حق أصيل للنساء، وهؤلاء أنفسهم يعتبرون الحجاب تخلفاً، متجاهلين الحق في الاختيار وفق قواعد المساواة التي يبشرون بها.