أولئك الذين خطّطوا ونفّذوا اعتداءات "الجمعة الأسود" في باريس استهدفوا أساساً مئات من الشبان الفرنسيين الذي كانوا بصدد عيش الحياة كما تعوّدوا عليها في بلادهم. بعضهم كان متحلّقاً حول طاولة يشرب أو يتقاسم طعام العشاء. بعضهم كان يشرب محتفلاً بنهاية الأسبوع مع الأصدقاء. والبعض الآخر كان يرقص على أنغام فرقة لموسيقى "الروك" في مسرح "باتكلان".
ما استهدفه الإرهابيون في الواقع هو نمط العيش الفرنسي بانحيازه الصارخ لثقافة الفرح والمتعة. أيضاً، كان المستهدف ثقافة الاختلاط بين الجنسين والمساواة بين الرجل والمرأة وحرية المعتقد ومبدأ الاختلاف المقدّس.
ما الذي تركه لنا هؤلاء القتلة إذن من "حلمنا الفرنسي"؟ نحن الذين هاجرنا منذ عقود بحثاً عن ثقافة إنسانية وقيم متشبّعة بالحرية والجمال؟ نحن الذين هربنا من قيم الاستبداد والبشاعة في بلداننا العربية بحثاً عن حياة أكثر رأفة؟ نحن الذين قضينا أجمل أيام عمرنا في تلك المقاهي والمطاعم والمسارح التي استهدفتها آلة القتل الجهنمية؟
كما شارك هؤلاء في إجهاض حلمنا العربي، هاهم الآن يجهزون حتى على أحلامنا الهشة في وطن الهجرة.
اقرأ أيضاً: أنا أيضاً اسمي الصالحي