وتأتي خطوات النواب الذي ينتمون إلى مختلف الأحزاب البريطانية الممثلة قبيل الإعلان عن نتائج عمل اللجنة الخاصة بالتحقيق في ملابسات مشاركة بريطانيا في غزو العراق. وسوف ينشر تقرير لجنة "السير شيلكوت"، الأربعاء المقبل.
وتشير التسريبات إلى أن تقرير لجنة "السير شيلكوت" سيوجه في نحو 2.6 مليون كلمة مطبوعة، مرفقة بـ1500 وثيقة، انتقادات شديدة لبلير، بوصفه المسؤول الأول عن قرار مشاركة بريطانيا في غزو العراق إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية.
وما يَرشح أو يُسرب من معلومات خلصت إليها لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون في عام 2009، يشير إلى اتهام بلير بسوء التخطيط والتقدير، لا سيما في ما يخص إدارة العراق في مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين، و"الكذب" في المعلومات التي قدمها للشعب البريطاني وممثليه في مجلس العموم في ما يخص أسلحة الدمار الشامل العراقية، وضرورة التحرك السريع لتدميرها.
وقد بدأ النواب بحشد الدعم المطلوب لمحاولة محاكمة بلير من قبل مجلس العموم باستخدام آلية برلمانية قديمة، لم تستخدمها السلطات التشريعية منذ عام 1806. ونقل موقع الصحيفة البريطانية عن مصدر برلماني قوله: "المساءلة القانونية غير بعيدة عن أذهاننا، ولكننا نحتاج أولاً للاطلاع على تقرير لجنة التحقيق ودراسته. هناك بالتأكيد شعور بأن بلير يجب أن يُحاسب بشكل صحيح بسبب تصرفاته التي قادت إلى حرب كارثية".
وذكرت الصحيفة أن عملية محاكمة بلير من قبل السلطة التشريعية قد تبدأ بطلب من نائب واحد، يقدم اقتراحا مشفوعا بأدلة، ثم تشرع لجنة من مجلس النواب بإعداد وثيقة "المساءلة القانونية". وإذا تمت إدانة بلير من قبل السلطة التشريعية، تحال القضية إلى السلطات القضائية تمهيداً لمحاكمة قضائية قد تؤدي إلى سجن بلير.
وبعد الاستماع لأكثر من 150 شاهداً، وأكثر من 200 اجتماع مع مسؤولين حكوميين، ومراجعة نحو 150 ألف وثيقة حكومية، ونحو 130 جلسة استماع، يُتوقع أن توجه لجنة "شيلكوت" انتقادات لكامل الفريق السياسي والعسكري الذي شارك بلير قرار الحرب، بما في ذلك وزير الخارجية آنذاك جاك سترو، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية "إم أي 6" السير ريتشارد ديرلوف، ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة، السير جون سكارليت، ووزير الدفاع، جيف هون، ووزيرة التنمية الدولية، كلير شورت.
وبحسب صحيفة "تايمز" البريطانية، فإنّ التقرير يتضمن انتقاداً حاداً لرئيس جهاز الاستخبارات "أم آي 6"، والذي ضلل رئيس الوزراء آنذاك توني بلير بشأن أسلحة الدمار الشامل التي زعم أن النظام العراقي كان يمتلكها.
وتوقعت الصحيفة إدانة بلير نظراً إلى أن تقرير "شيلكوت" تضمن أنه أبعد الخبراء ومجلس الوزراء لكي يصدر قراره بشأن الغزو. كذلك يتوقع أن يوجه التقرير، والذي استغرق إعداده سبعة أعوام، انتقادات للجيش البريطاني لفشله في إعادة الاستقرار للبصرة عقب الغزو.
وتضمن التقرير أيضاً تفاصيل حول غياب الخبرة العربية في وزارة الخارجية البريطانية والفشل بالتخطيط لإعادة الإعمار. ونقلت "التايمز" عن صديق لبلير قوله إن "رئيس الوزراء السابق تأثر بعمق بردود الفعل المعارضة لتلك الحرب، وأصبح في موقف دفاعي، كالأخرق".
ويُدافع بلير عن الاتهامات الموجهة له بالزعم أن الشرق الأوسط لم يكن ليصبح أكثر استقراراً لو تُرك صدام حسين في السلطة وهو قادر على تطوير أسلحة دمار شامل. والحجة الثانية أن إيران وتنظيم "القاعدة" هما المسؤولان عن "حمام الدم" المتواصل في العراق منذ 2003.
وكان بلير قد مَثل يوم 29 يناير/ كانون الثاني 2010 أمام لجنة التحقيق البريطانية لتقديم الحيثيات التي استند إليها للمشاركة في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وقتل فيها 179 جندياً بريطانيا، وقد دافع بقوة عن القرار الذي اتخذه عام 2003 بإرسال أكثر من أربعين ألف جندي بريطاني للمشاركة في حرب العراق، زاعماً أن تقييم المخاطر التي كانت تفرضها "الدول المارقة" تغير بشكل جذري بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول على الولايات المتحدة.