شهد الأسبوع الماضي، من 29 أكتوبر/تشرين الأول، حتى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، زيارة لافتة للجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الدنماركي إلى طهران، يكشف مصدر خاص مشارك في الرحلة، لـ"العربي الجديد"، حيزاً واسعاً مما تخللته من احتفاء مستقبلي الوفد برئيسه، وهو أحد أعتى الشخصيات الصهيونية في الدول الإسكندنافية من حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف، سورن إسبرسن، صاحب كتاب "حرب الاستقلال الصهيوني"، والمعروف بمواقفه العنصرية بحق المهاجرين وكراهيته الشديدة للعرب والمسلمين.
وينقل أعضاء من الوفد لـ"العربي الجديد" جانباً مما دار في اللقاءات، وحيزاً من انطباعاتهم بناءً على ما سمعوه من المسؤولين الإيرانيين حيال سورية والنظرة إلى السعودية، وسط غياب إسرائيل عن مواقف المسؤولين الإيرانيين في البرلمان والحكومة. ورئيس الوفد الدنماركي الزائر للعاصمة الإيرانية، إسبرسن، معروف بين زملائه في البرلمان الدنماركي، أنه يرى في دايفيد بن غوريون مثله الأعلى، ويضع صورته في مكتبه ويستشهد دائماً به. ويرجح مصدر مشارك في اللقاءات أن يكون المنظمون الإيرانيون لزيارة الوفد الدنماركي على علم بالهوية السياسية لإسبرسن، لناحية كونه من أصدقاء دولة الاحتلال واليمين المتطرف.
ويضيف المصدر أنه "حين قلتُ إن روسيا وإيران ترتكبان جرائم حرب في سورية، ثار غضبهم، ومعهم السفير الروسي، ففوجئت بتدخّل حليف إسرائيل، سورن إسبرسن، لمحاولة تهدئة الأمور والادعاء أنه ليس ضد التدخل الإيراني والروسي في سورية، وهذا موقف مناقض تماماً للموقف الرسمي الدنماركي الذي يعبر عنه وزير الخارجية، كريستيان يانسن، وهنا تأكدت أننا أمام عملية نفاق وسياسة إيرانية لا يهمها من الشعارات السابقة ضد إسرائيل سوى استبدالها بالعداء للسعودية حصراً". ويسرب المصدر جزءاً مما دار خلال اجتماعات الوفد الدنماركي مع المسؤولين الإيرانيين، من نوع لغة التهديد والوعيد بـ"سوف نسحق الإرهابيين في سورية، وقبل أن يكون هناك رئيس جديد في البيت الأبيض". وحين طرح أحد أعضاء اللجنة سؤالاً عن من هم الإرهابيون في حلب؟ لم يتردد الإيرانيون والروس في الإجابة: "كل من يقاتل في حلب هو داعش". لكن حين واجههم النائب ناصر خضر، عضو لجنة الشؤون الخارجية، بحقيقة أنه ليس هناك وجود لتنظيم "داعش" في حلب، جاءه الرد من نوع أن "النصرة أخطر من داعش... وحلب سوف تسقط قريباً بهجوم واسع لينتهي العالم من الإرهاب"، وفق ما يقوله خضر لـ"العربي الجديد".
ومما دار في اجتماعات الوفد النيابي الدنماركي في طهران، والذي كان برئاسة إسبرسن، أن إيران تحاول التسويق لنفسها أمام الوفد الدنماركي والوفود الغربية، على أنها "عامل استقرار كقوة كبرى في المنطقة". لكن بمجرد طرح الأسئلة عن أسباب هرب آلاف الإيرانيين إلى الدنمارك والغرب كلاجئين، يعيد المتحدثون الإيرانيون الحديث ضد السعودية وخطاب الأقليات وضرورة زيارة مدرسة أرمنية في طهران "للاطلاع على إيران المسالمة والمتسامحة".
بعض الأطراف اليسارية التي شارك ممثل عنها في تلك اللقاءات ردت على سؤال "العربي الجديد" حول رأيها في ما سمعوه في طهران بالقول إن "البراغماتية والمصالح تتطلب فتح حوار مع إيران، وسؤالك يجب أن توجهه للعرب الغائبين تماماً وليس لنا". ورغم أن هذه الأطراف اليسارية تؤيد حقوق الفلسطينيين وتنتقد دولة الاحتلال إلا أنها لا تخفي موقفها بأنه "من الجيد أن يعم السلام بين إيران والإسرائيليين لتحييد الإسلاميين في الصراع". في مجمل اللقاءات التي استضافتها طهران، والتي اختتمت بلقاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ذهب الأخير إلى محاولة تهدئة الجو المشحون بالقول "نعم.. لقد أخطأ الأسد في البداية، لكن أي نقاش حول مستقبله مرفوض تماماً. الحل في سورية سيكون سياسياً، لكن بعد القضاء على الإرهاب، وبداية من حلب في قادم الأيام". ورغم ذلك، يفيد أحد المشاركين بما سماه "رعب إيراني من مجريات الأرض السورية وخسارة حزب الله شعبيته في العالم العربي". ويختصر المصدر المشارك في الزيارة انطباعاته بعد اللقاءات الإيرانية بأن "إسرائيل لم تعد تبدو أنها عدوتهم الأولى، بل السعودية، وهم يرون مشاركتهم في سورية كحرب ضد السعودية".