04 نوفمبر 2024
نووي إيران في الكونغرس
عقد الكونغرس الأميركي عدة جلسات استماع حول الاتفاق النووي الإيراني. ناقش النواب الأميركيون فيها أربعة وزراء من إدارة الرئيس باراك أوباما (الخارجية والدفاع والطاقة والخزانة). وبعيداً عن تفاصيل ما دار في تلك الجلسات، بشأن محتوى الاتفاق النووي، توجد جوانب أخرى، يفترض أن تهم المواطن العربي في تلك المساجلة التي تابعها العالم على الهواء.
كان واضحاً أن نواب الكونغرس حضروا جيداً للمناقشة (Doing their home work) بمعلومات ومتابعات لكل جوانب الملف، بما فيها التصريحات والمواقف الإيرانية المتعلقة بالاتفاق. وبدا من الأسئلة التفصيلية، وتحميل إدارة أوباما كامل المسؤولية عن الاتفاق، أن النواب يعتبرون واشنطن الطرف الوحيد المقابل لإيران في الاتفاق. وعندما كان وزراء أوباما (خصوصاً وزير الخارجية جون كيري) يتجنبون بعض النقاط، أو يحيلون الأمر إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان نواب الكونغرس يعتبرون ذلك، صراحة، تهرباً من الإجابة، أو تخلياً عن مسؤولية واشنطن تجاه الخطر النووي الإيراني.
في المقابل، ركز الوزراء، في إفاداتهم، على أن هذا الاتفاق أفضل ما يمكن تحصيله. وكان جون كيري شديد الصراحة، عندما أوضح للكونغرس أن الاتفاق يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ولا ينهي البرنامج النووي الإيراني. حيث الهدف من المفاوضات، أصلاً، لم يكن حرمان طهران من قدرات نووية، وإنما الحيلولة دون الوصول بهذه القدرات، أو تطبيقاتها، إلى تصنيع رأس نووي.
وكانت إفادة كيري الأكثر وضوحاً في تأكيد ما سبق وتكشف في أثناء المفاوضات من رغبة محمومة لدى أوباما في إنجاز الاتفاق، ما وصفه خبراء متخصصون في المجال النووي، وكذلك بعض الساسة الأوروبيين، بإلحاح أميركي على التوصل إلى اتفاق، حتى وإن كان غير جيد. وانعكس هذا بوضوح على حدة الانتقادات وحساسية التساؤلات التي طرحها المشرعون الأميركيون، إلى حد دفع كيري إلى توجيه تهديد صريح للكونغرس، باعتزام أوباما استخدام الصلاحيات الرئاسية في إقرار الاتفاق حال رفضه في الكونغرس. وحاول كيري تخويف النواب بأن رفض الاتفاق يعني دعوة مفتوحة للمتشددين في إيران إلى قلب الطاولة، والمضي في تطوير البرنامج النووي من دون سقف محدد، في غياب أي قيود أو التزامات. وعندها، لن تمكن العودة إلى خيار التفاوض. ما يعني أن الاتفاق يمثل فرصة وحيدة وأخيرة، أو هكذا حاول كيري تصوير الموقف للكونغرس، وهو ما يناقض تصريحات أميركية خرجت بعد إبرام الاتفاق، لتؤكد أن كل الخيارات لا تزال مطروحة لمواجهة النووي الإيراني.
ما لم يقله كيري، وهو يتحدث عن اتفاق الفرصة الأخيرة، أنها بالفعل فرصة أخيرة لأوباما، لكي يحقق إنجازاً تاريخياً باسمه قبل مغادرة البيت الابيض. وهذا ما يبرر، من ناحية، تلهف واشنطن إلى إبرام الاتفاق. ويفسر، من ناحية أخرى، الانتهاء إلى اتفاق، يبدو في المجمل انتصاراً لإيران. وفي التفاصيل، أقرب لأطروحاتها واقتراحاتها أثناء التفاوض.
كشفت جلسات الاستماع التي عقدها الكونغرس الأميركي حقيقة موقف إدارة أوباما من النووي الإيراني. وجسّدت طبيعة العلاقة المتشابكة والمتوازنة، في التوقيت نفسه، بين الرئاسة والبرلمان في الولايات المتحدة. فالرئيس الذي يمكنه إقرار الاتفاق وإنفاذه، رغماً عن الكونغرس (بتأمين أصوات ثلث أعضاء الكونغرس بالإضافة إلى صوت واحد) احترم سلطة التشريع والرقابة التي تمثل الناخبين والرأي العام، وعرّض وزراءه لاختبار برلماني عسير.
من منظور عربي، معالجة أوباما والكونغرس هذا الملف المهم، كشفت عورات نظم وسوءات حكام يجمعون كل السلطات، ويحقِّرون المجالس النيابية، حتى وإن لم تكن منتخبة بنزاهة. وإذ لا "نووي" لديهم، ولا شيء ذا بال، سوى أن الشعوب هي نور أعينهم، إذن، لا حاجة لهم بنائب يُناكف أو برلمان يناقش.
كان واضحاً أن نواب الكونغرس حضروا جيداً للمناقشة (Doing their home work) بمعلومات ومتابعات لكل جوانب الملف، بما فيها التصريحات والمواقف الإيرانية المتعلقة بالاتفاق. وبدا من الأسئلة التفصيلية، وتحميل إدارة أوباما كامل المسؤولية عن الاتفاق، أن النواب يعتبرون واشنطن الطرف الوحيد المقابل لإيران في الاتفاق. وعندما كان وزراء أوباما (خصوصاً وزير الخارجية جون كيري) يتجنبون بعض النقاط، أو يحيلون الأمر إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كان نواب الكونغرس يعتبرون ذلك، صراحة، تهرباً من الإجابة، أو تخلياً عن مسؤولية واشنطن تجاه الخطر النووي الإيراني.
في المقابل، ركز الوزراء، في إفاداتهم، على أن هذا الاتفاق أفضل ما يمكن تحصيله. وكان جون كيري شديد الصراحة، عندما أوضح للكونغرس أن الاتفاق يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ولا ينهي البرنامج النووي الإيراني. حيث الهدف من المفاوضات، أصلاً، لم يكن حرمان طهران من قدرات نووية، وإنما الحيلولة دون الوصول بهذه القدرات، أو تطبيقاتها، إلى تصنيع رأس نووي.
وكانت إفادة كيري الأكثر وضوحاً في تأكيد ما سبق وتكشف في أثناء المفاوضات من رغبة محمومة لدى أوباما في إنجاز الاتفاق، ما وصفه خبراء متخصصون في المجال النووي، وكذلك بعض الساسة الأوروبيين، بإلحاح أميركي على التوصل إلى اتفاق، حتى وإن كان غير جيد. وانعكس هذا بوضوح على حدة الانتقادات وحساسية التساؤلات التي طرحها المشرعون الأميركيون، إلى حد دفع كيري إلى توجيه تهديد صريح للكونغرس، باعتزام أوباما استخدام الصلاحيات الرئاسية في إقرار الاتفاق حال رفضه في الكونغرس. وحاول كيري تخويف النواب بأن رفض الاتفاق يعني دعوة مفتوحة للمتشددين في إيران إلى قلب الطاولة، والمضي في تطوير البرنامج النووي من دون سقف محدد، في غياب أي قيود أو التزامات. وعندها، لن تمكن العودة إلى خيار التفاوض. ما يعني أن الاتفاق يمثل فرصة وحيدة وأخيرة، أو هكذا حاول كيري تصوير الموقف للكونغرس، وهو ما يناقض تصريحات أميركية خرجت بعد إبرام الاتفاق، لتؤكد أن كل الخيارات لا تزال مطروحة لمواجهة النووي الإيراني.
ما لم يقله كيري، وهو يتحدث عن اتفاق الفرصة الأخيرة، أنها بالفعل فرصة أخيرة لأوباما، لكي يحقق إنجازاً تاريخياً باسمه قبل مغادرة البيت الابيض. وهذا ما يبرر، من ناحية، تلهف واشنطن إلى إبرام الاتفاق. ويفسر، من ناحية أخرى، الانتهاء إلى اتفاق، يبدو في المجمل انتصاراً لإيران. وفي التفاصيل، أقرب لأطروحاتها واقتراحاتها أثناء التفاوض.
كشفت جلسات الاستماع التي عقدها الكونغرس الأميركي حقيقة موقف إدارة أوباما من النووي الإيراني. وجسّدت طبيعة العلاقة المتشابكة والمتوازنة، في التوقيت نفسه، بين الرئاسة والبرلمان في الولايات المتحدة. فالرئيس الذي يمكنه إقرار الاتفاق وإنفاذه، رغماً عن الكونغرس (بتأمين أصوات ثلث أعضاء الكونغرس بالإضافة إلى صوت واحد) احترم سلطة التشريع والرقابة التي تمثل الناخبين والرأي العام، وعرّض وزراءه لاختبار برلماني عسير.
من منظور عربي، معالجة أوباما والكونغرس هذا الملف المهم، كشفت عورات نظم وسوءات حكام يجمعون كل السلطات، ويحقِّرون المجالس النيابية، حتى وإن لم تكن منتخبة بنزاهة. وإذ لا "نووي" لديهم، ولا شيء ذا بال، سوى أن الشعوب هي نور أعينهم، إذن، لا حاجة لهم بنائب يُناكف أو برلمان يناقش.