اقرأ أيضاً: موجة اعتداءات عنصرية على فلسطينيي الداخل: طعن أربعة عمال
لم يستغرب المقدسيون دعوات بركات للإسرائيليين إلى حمل سلاح لتفادي ما أسماه بـ"الإرهاب الفلسطيني" المتصاعد، في القدس المحتلة.
ونقل عن بركات، وهو من أقطاب اليمين الإسرائيلي المتطرّف، قوله إنّ "لدى إسرائيل جيشاً قويّاً ومدرباً وجهاز شرطة قادراً على التعامل مع الأحداث، ومع العمليات الإرهابية، ومع ذلك ومن خلال التجربة، فإن مشاركة الإسرائيليين وحمل السلاح ساهم في إنهاء العديد من العمليات أخيراً. لذلك، فإن حمل السلاح بشكل يومي داخل مدينة القدس يدعم الأمن ويساعد الجيش والشرطة في مواجهة العمليات، التي يقوم بها الفلسطينيون".
لقيت تصريحات رئيس بلدية الاحتلال في القدس صدى لدى المقدسيين، الذين رأوا فيها دعوات لمزيد من جرائم القتل والكراهية التي يقترفها المستوطنون وأجهزة الأمن الإسرائيلية بحقهم، كما يقول عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، حاتم عبد القادر، لـ"العربي الجديد".
ووصف عبد القادر نير بركات بأنه أشبه برئيس عصابة أو مليشيا مسلحة، تعيد صورته، وهو يتجول في الأحياء المقدسية برشاشه، مشاهد من الغرب الأميركي المتوحش، لافتاً إلى أن أولى النذر ما حدث في الأمس من إطلاق رصاص على الفتاة، شروق دويات، من قبل مستوطن مسلّح، ثم الإدعاء بأنه تعرض للطعن قبل أن يطلق النار.
وفي الواقع، لا يحتاج الإسرائيليون في القدس أو غيرها لحمل السلاح، إذ إنهم مدججون بالسلاح فعلاً. لكن إطلاق مثل هذه الدعوات، تعني أنها تصريح لكل إسرائيلي بأن يقتل فلسطينياً، حتى ولو كان لمجرد الاشتباه.
المقدسيون، الذين باتت حركتهم مقيدة بفعل إجراءات الاحتلال وانتشاره غير المسبوق وتغول مستوطنيه، يعتبرون أنفسهم أحق بالشعور بالأمن والأمان وممارسة حياتهم الطبيعية التي ينغصها المستوطنون وحملات القمع والدَّهْمِ اليومية والتنكيل بالأطفال قتلاً واعتقالاً. هذا ما قاله المواطن، محمد دنديس، من سكان البلدة القديمة، الذي تعرض قبل يومين لاعتداء من قبل مستوطنين متطرفين في منطقة "ميئا شعاريم" في القدس الغربية بينما كان عائداً من عمله.
الإحساس بانعدام الأمن، دفع بسلطات الاحتلال، وتنفيذاً لقرارات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى مضاعفة إجراءات الأمن للمستوطنين في البلدة القديمة، إلى تركيب أجهزة فحص معادن يوم الخميس، عند بوابات البلدة القديمة، وفي شارع الواد، وعدد من محاور الطرق الرئيسية التي يسلكها مستوطنون، سواء إلى البؤر الاستيطانية المنتشرة هناك، أو إلى ساحة البراق حيث كانت سلطات الاحتلال قد وضعت هناك عدة بوابات لفحص المعادن.
وإذا كان رئيس البلدية، من خلال خروجه إلى جمهوره من الإسرائيليين مسلّحاً ببندقية رشاش، وإيعازه لأجهزة أمنه بنصب آلات فحص إلكترونية في قلب هذه المدينة، قد أراد أن يرعب المقدسيين، فإنه، ومن غير أن يقصد، بثّ الرعب في صفوف الإسرائيليين أنفسهم، الذين باتوا أكثر قناعة بأنهم فقدوا السيطرة على المدينة، وبأن رئيس البلدية بات جزءاً من مشهد تغلب عليه السكاكين والبنادق الرشاشة وآلاف من جنود الاحتلال، الذين لم يمنع انتشارهم المكثف من وقوع عملية طعن جديدة قرب مقر أكبر المؤسسات الأمنية الشرطية، وهي دار حكومة الاحتلال في القدس الشرقية، وقريباً من المقرّ العام لحرس الحدود الإسرائيلي في الشيخ جراح.
وفي هذا الإطار، يقول الناشط الحقوقي، موسى قوس، من سكان البلدة القديمة، لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث من إجراءات وقيود والانتشار المكثف والعقوبات التي تحدث الآن، وما بدر من نير بركات، وظهوره كمسلح، يسقط نظرية الأمن التي يتحدث الاحتلال عنها".
وتوقع قوس المزيد من التصعيد الميداني على ضوء استمرار تعديات مستوطني وجنود الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين، في البلدة القديمة وخارجها، عدا عن الخطوات الأخرى التي قررت حكومة الاحتلال تطبيقها، كإجراءات عقابية ضدّ المقدسيين، سواء بالاعتقالات الواسعة، أو الإبعاد عن المسجد الأقصى وعن القدس. يأتي ذلك فيما تتصاعد وتيرة التحريض على الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة عام 1948، خصوصاً ضد الحركة الإسلامية التي يتوقع أن تقرر حكومة الاحتلال إخراجها عن القانون مطلع الأسبوع المقبل، وقد استبقت ذلك بحملة واسعة من الاعتقالات.
اقرأ أيضاً: القدس تخرج عن سيطرة الاحتلال