وقد ردت لجنة المتابعة على الأحداث الغاضبة والقمع الإسرائيلي للتظاهرات في القدس المحتلة والأقصى بإعلان إضراب عام ومفتوح، سرعان ما تحول إلى يوم غضب عارم. فقد شل الإضراب العام كافة القرى والبلدات الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب. وانطلقت تظاهرات منددة بانتهاك حرمة الأقصى، سقط خلالها، في اليوم الأول من الأحداث ثلاثة من الشهداء برصاص الشرطة الإسرائيلية وهم: رامي غرة، أحمد جبارين ومحمد جبارين.
اقرأ أيضاً: شهداء هبة القدس والأقصى إلى الواجهة
زاد سقوط الشهداء والعنف القاتل الذي لجأت إليه الشرطة الإسرائيلية في تفريق التظاهرات، الغضب الفلسطيني. وأعلن مرة أخرى عن إضراب مفتوح. استمرت المواجهات بين شرطة الاحتلال التي استخدمت العيارات النارية، ووحدات القناصة وبين الفلسطينيين حتى الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، ليبلغ عدد الشهداء 13 خلال أيام الهبة. إذ سقط في اليوم الثاني للهبة كل من أسيل عاصلة، علاء نصار، وليد أبو صالح، عماد غنايم، إياد لوابنة ومصلح أبو جرادات. وسقط كل من الشهيد محمد خمايسي ورامز بشناق في الثالث من أكتوبر، وسقط الشهيدان عمر عكاوي ووسام يزبك في الثامن من أكتوبر.
وقد حاولت الحكومة الإسرائيلية التنصل من جريمة الشرطة بتشكيل لجنة فحص غير ملزمة، إلا أن غضب الشارع الفلسطيني في الداخل اضطر حكومة إيهود باراك، يومها، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضي المحكمة العليا ثودور.
في غضون ذلك، حذرت قيادات في الداخل الفلسطيني، من محاولة اللجنة الرسمية تحميل الضحية المسؤولية، وتبرئة ساحة المجرمين.
وبالفعل فقد وجهت اللجنة يومها تحذيراً واتهامات بالمسؤولية لثلاثة من القادة الفلسطينيين في الداخل وهم رائد صلاح، عزمي بشارة وعبد المالك دهامشة، بأنهم أججوا المشاعر وحرضوا على العنف.
في المقابل، انتقدت اللجنة استخدام الشرطة العنف المفرط، وأوصت بفصل وتنحية عدد من الضباط العاملين في الشرطة، لكنها رفضت كلياً تقديم أي شرطي للمحاكمة.
شكلت أحداث أكتوبر هبة القدس والأقصى حدثاً مفصلياً في علاقة الداخل الفلسطيني بالسلطة الإسرائيلية، وزادت الهوة بين الطرفين إلى حد العداء السافر من الحكومة والجمهور الإسرائيلي، لدرجة فرض المقاطعة الاقتصادية على البلدات العربية.
في المقابل كانت هبة القدس والأقصى علامة فارقة في تعزيز الهوية الفلسطينية، ولا سيما أنها اندلعت أساساً لأسباب لا تتعلق بالمساواة المدنية، وإنما بالقضية الوطنية الأولى المتمثلة بمساندة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، ولا سيما بعد فشل قمة كامب ديفيد، ورفض الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الإملاءات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً.
اقرأ أيضاً رائد صلاح: سنواصل مواجهة خطط تقسيم الأقصى