06 نوفمبر 2024
هل جاء دور إيران؟
أما وقد شارفت الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية على نهايتها، أخذ تركيز الإدارة الأميركية يتجه الآن نحو التحدّي الآخر الذي يواجهها في الشرق الأوسط، وهو إيران. وقد بدأت مظاهر هذا التركيز تتبلور بوضوح الأسبوع الماضي، مع كشف الرئيس، دونالد ترامب، عن استراتيجيته نحو إيران، والتي تزامنت مع انتهاء معركة الرّقة، وأعلن فيها رفضه إعادة التصديق على الاتفاق النووي، وعزمه استهداف برنامج إيران الصاروخي، وحرسها الثوري. ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، أوفد ترامب وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، إلى المنطقة، للعمل على تنفيذ المرحلة الأولى منها، أي حشد الحلفاء لتصعيد محتمل مع إيران.
حاول تيلرسون، خلال الزيارة، ضرب عصفورين بحجر واحد، فقاد من جهةٍ مسعىً بدا محل تشكك لكثيرين، لإخراج بغداد من تحت المظلة الإيرانية، ووضعها تحت المظلة السعودية، فجرى الاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتنسيق بين البلدين، الفكرة الأساسية من ورائه أن تموّل الرياض عملية إعادة بناء المدن المدمرة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا الموصل، في محاولةٍ لتعزيز مواقع رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في مواجهة المعسكر الموالي لإيران، بقيادة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، والذي سقطت الموصل في عهده. من جهةٍ ثانية، قام تيلرسون بمحاولة جديدة لرأب الصدع في الصف الخليجي، بعد أزمة حصار قطر. المفارقة أن حظه من النجاح في جمع السعودية والعراق كان أكبر من حظه في جمع السعودية وقطر.
وكان لافتا خلال ذلك كله مطالبة تيلرسون المليشيات الموالية لإيران بالاندماج في الجيش العراقي، أو حل نفسها، أو الرحيل عن العراق. كما طالب الوزير الأميركي حلفاء بلاده الأوروبيين بوقف كل أشكال التعاملات التجارية مع طهران، والانضمام للولايات المتحدة في فرض عقوباتٍ على نشاطات الحرس الثوري.
في الأثناء، بدأت إدارة ترامب تعود إلى التركيز على الوضع السوري، لمنع إيران من الحصول على "الكوريدور" اللازم، لتحقيق التواصل الجغرافي بين مناطق نفوذها في العراق وسورية، ومنها إلى لبنان، بعد أن بدا وكأنها تراخت عن ذلك، في ذروة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خشية فقدان دعم المليشيات الموالية لإيران في العراق. وكان لافتا إعلان إدارة ترامب أخيرا أن سياستها السورية تقوم على "منع طهران من بسط نفوذها في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، والتي تشمل دير الزور وجنوبها". وقد جاء هذا الكلام على لسان مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي، الجنرال هربرت مكماستر، والمولج بمهمة تنسيق استراتيجية مواجهة إيران، في محاضرته يوم 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، في معهد دراسات الحرب في واشنطن. وقد بدأت ترجمة هذا التوجه بتوفير دعم أميركي أكبر لوحدات حماية الشعب الكردية، للسيطرة على الجزء الأكبر من محافظة دير الزور، وكان آخرها الاستيلاء على حقل العمر، أكبر حقول سورية النفطية.
شعور موسكو بوجود تحرك أميركي-إسرائيلي مدعوم من دول خليجية لمحاصرة النفوذ الإيراني في سورية هو ما دفع، على الأرجح، وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى زيارة إسرائيل منتصف الشهر الجاري، في محاولةٍ، على ما يبدو، للتوصل إلى اتفاق حول طبيعة (وحدود) الدور الإيراني الذي يمكن أن تقبل به إسرائيل في سورية، للحيلولة دون توجيه ضربةٍ لمليشياتها هناك، توقع موسكو في حرج كبير. في هذا السياق أيضا، يمكن فهم تصريحات وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، الرافضة تسليم مدينة الرقة إلى قوات النظام السوري.
مع ذلك كله، لا تبدو فرص نجاح الجهود التي يبذلها مساعدو الرئيس ترامب لتنفيذ استراتيجية احتواء إيران كبيرة، فقد فشلت واشنطن في حمل السعودية على الاستجابة لدعوات الحوار لحل خلافاتها مع قطر، لسد الطريق على إمكانية استفادة إيران من الأزمة. كما أن دعم واشنطن الأكراد يهدد بتحويل الصراع في سورية من مواجهة قدّمها الإعلام الغربي للعالم باعتبارها "حرباً طائفية"، إلى حرب عربية - كردية، يجد فيها العرب في سورية والعراق أنفسهم أقرب إلى الموقف الإيراني، في مواجهة الأكراد المدعومين أميركياً. فوق ذلك، تغدو محاولات جمع عرب "الاعتدال" وإسرائيل في معسكر واحد، بذريعة مواجهة إيران بمثابة صاعق يهدّد "بخربطة" كل الاصطفافات الإقليمية، وإحداث نتائج عكسية، تفضي إلى تعزيز مواقع إيران، بدل عزلها.
حاول تيلرسون، خلال الزيارة، ضرب عصفورين بحجر واحد، فقاد من جهةٍ مسعىً بدا محل تشكك لكثيرين، لإخراج بغداد من تحت المظلة الإيرانية، ووضعها تحت المظلة السعودية، فجرى الاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتنسيق بين البلدين، الفكرة الأساسية من ورائه أن تموّل الرياض عملية إعادة بناء المدن المدمرة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا الموصل، في محاولةٍ لتعزيز مواقع رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في مواجهة المعسكر الموالي لإيران، بقيادة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، والذي سقطت الموصل في عهده. من جهةٍ ثانية، قام تيلرسون بمحاولة جديدة لرأب الصدع في الصف الخليجي، بعد أزمة حصار قطر. المفارقة أن حظه من النجاح في جمع السعودية والعراق كان أكبر من حظه في جمع السعودية وقطر.
وكان لافتا خلال ذلك كله مطالبة تيلرسون المليشيات الموالية لإيران بالاندماج في الجيش العراقي، أو حل نفسها، أو الرحيل عن العراق. كما طالب الوزير الأميركي حلفاء بلاده الأوروبيين بوقف كل أشكال التعاملات التجارية مع طهران، والانضمام للولايات المتحدة في فرض عقوباتٍ على نشاطات الحرس الثوري.
في الأثناء، بدأت إدارة ترامب تعود إلى التركيز على الوضع السوري، لمنع إيران من الحصول على "الكوريدور" اللازم، لتحقيق التواصل الجغرافي بين مناطق نفوذها في العراق وسورية، ومنها إلى لبنان، بعد أن بدا وكأنها تراخت عن ذلك، في ذروة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، خشية فقدان دعم المليشيات الموالية لإيران في العراق. وكان لافتا إعلان إدارة ترامب أخيرا أن سياستها السورية تقوم على "منع طهران من بسط نفوذها في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، والتي تشمل دير الزور وجنوبها". وقد جاء هذا الكلام على لسان مستشار الرئيس ترامب لشؤون الأمن القومي، الجنرال هربرت مكماستر، والمولج بمهمة تنسيق استراتيجية مواجهة إيران، في محاضرته يوم 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، في معهد دراسات الحرب في واشنطن. وقد بدأت ترجمة هذا التوجه بتوفير دعم أميركي أكبر لوحدات حماية الشعب الكردية، للسيطرة على الجزء الأكبر من محافظة دير الزور، وكان آخرها الاستيلاء على حقل العمر، أكبر حقول سورية النفطية.
شعور موسكو بوجود تحرك أميركي-إسرائيلي مدعوم من دول خليجية لمحاصرة النفوذ الإيراني في سورية هو ما دفع، على الأرجح، وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى زيارة إسرائيل منتصف الشهر الجاري، في محاولةٍ، على ما يبدو، للتوصل إلى اتفاق حول طبيعة (وحدود) الدور الإيراني الذي يمكن أن تقبل به إسرائيل في سورية، للحيلولة دون توجيه ضربةٍ لمليشياتها هناك، توقع موسكو في حرج كبير. في هذا السياق أيضا، يمكن فهم تصريحات وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، الرافضة تسليم مدينة الرقة إلى قوات النظام السوري.
مع ذلك كله، لا تبدو فرص نجاح الجهود التي يبذلها مساعدو الرئيس ترامب لتنفيذ استراتيجية احتواء إيران كبيرة، فقد فشلت واشنطن في حمل السعودية على الاستجابة لدعوات الحوار لحل خلافاتها مع قطر، لسد الطريق على إمكانية استفادة إيران من الأزمة. كما أن دعم واشنطن الأكراد يهدد بتحويل الصراع في سورية من مواجهة قدّمها الإعلام الغربي للعالم باعتبارها "حرباً طائفية"، إلى حرب عربية - كردية، يجد فيها العرب في سورية والعراق أنفسهم أقرب إلى الموقف الإيراني، في مواجهة الأكراد المدعومين أميركياً. فوق ذلك، تغدو محاولات جمع عرب "الاعتدال" وإسرائيل في معسكر واحد، بذريعة مواجهة إيران بمثابة صاعق يهدّد "بخربطة" كل الاصطفافات الإقليمية، وإحداث نتائج عكسية، تفضي إلى تعزيز مواقع إيران، بدل عزلها.