وفقا لمعلومات وزارة الصناعة السورية فإن 10% فقط من معامل ومصانع حلب ما زالت تعمل حتى الآن. وتقول الوزارة، في مقال نشرته صحيفة تشرين الحكومية، إنه بين 40 ألف معمل كانت عاملة في محافظة حلب وريفها عام 2010، يوجد 4 آلاف معمل فقط يعمل اليوم.
تعرضت 70% من القاعدة الصناعية، أي حوالي 28 ألف منشأة، للتخريب بدرجات متفاوتة. أما الباقي، فقد تم نقل قسم منه إلى مناطق أخرى في البلاد وخاصة إلى المنطقة الساحلية، ونقل جزء آخر خارج البلاد (إلى تركيا بالدرجة الأولى)، أو أنها توقفت جراء الأوضاع الاقتصادية أو الأمنية.
وبحسب وزارة الصناعة، تقدر الخسائر التي مني بها القطاع الخاص الصناعي في المحافظة بقرابة 239 مليار ليرة سورية، في حين بلغت إجمالي خسائر القطاع الخاص الصناعي على مستوى البلاد حوالي 500 مليار ليرة. وبكلمة أخرى، كانت نصف خسائر القطاع الخاص الصناعي من حصة حلب، مما يؤكد الثقل الاقتصادي للمدينة وحجم الضرر الذي لحق بها.
بقيت المدينة، خلال العام الأول للثورة ولغاية صيف عام 2012، بمنأى عن الاضطرابات التي عصفت بالبلاد لكنها بعد ذلك الوقت بدأت تعاني بشدة من الحرب.
خراب كبير
يمكن اعتبار هذا الخراب تتويجا لقرن، تقريباً، من التحديات المرعبة التي مرت بها المدينة. إذ تسببت الحدود التي رسمت في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية بفصل المدينة عن مناطق شاسعة (والتي هي الآن تشكل الجزء الجنوب الغربي من تركيا اليوم). وساهم هذا الفصل بدرجة كبيرة في إضعاف اقتصاد المدينة. ومن ثم، وفي أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات حرمت عمليات التأميم، التي قام بها الناصريون ومن بعدهم البعثيون، البرجوازية من ملكياتها الكبيرة من الأراضي، وكذلك من شركاتها الصناعية. عقب ذلك، شهدت المدينة هجرة واسعة لنخبها باتجاه لبنان وأبعد منه إلى مختلف دول العالم.
من بعد ذلك، حمل وصول حافظ الأسد إلى السلطة معه تمركزاً قوياً جداً في الدولة السورية، معززاً العاصمة دمشق على حساب حلب. الآن، وعلى سبيل المثال، من بين 24 شركة مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية ليس هناك أية شركة مقرها حلب، في حين توجد 22 شركة مقراتها في دمشق.
واليوم، ما يثير القلق أكثر من الأرقام هو الهجرة الواسعة لنخب المدينة، والدمار الهائل الذي لحق بمناطق واسعة من المدينة بما فيها أسواقها التاريخية، وكذلك الانقسام العميق بين المدينة وريفها والذي كشفه النزاع الحالي.
السؤال الآن هو ليس حول تكلفة إعادة إعمار المدينة، بل حول إمكانية هذه المدينة العريقة من التعافي يوماً ما.
(خبير وباحث اقتصادي سوري)
اقــرأ أيضاً
تعرضت 70% من القاعدة الصناعية، أي حوالي 28 ألف منشأة، للتخريب بدرجات متفاوتة. أما الباقي، فقد تم نقل قسم منه إلى مناطق أخرى في البلاد وخاصة إلى المنطقة الساحلية، ونقل جزء آخر خارج البلاد (إلى تركيا بالدرجة الأولى)، أو أنها توقفت جراء الأوضاع الاقتصادية أو الأمنية.
وبحسب وزارة الصناعة، تقدر الخسائر التي مني بها القطاع الخاص الصناعي في المحافظة بقرابة 239 مليار ليرة سورية، في حين بلغت إجمالي خسائر القطاع الخاص الصناعي على مستوى البلاد حوالي 500 مليار ليرة. وبكلمة أخرى، كانت نصف خسائر القطاع الخاص الصناعي من حصة حلب، مما يؤكد الثقل الاقتصادي للمدينة وحجم الضرر الذي لحق بها.
بقيت المدينة، خلال العام الأول للثورة ولغاية صيف عام 2012، بمنأى عن الاضطرابات التي عصفت بالبلاد لكنها بعد ذلك الوقت بدأت تعاني بشدة من الحرب.
خراب كبير
يمكن اعتبار هذا الخراب تتويجا لقرن، تقريباً، من التحديات المرعبة التي مرت بها المدينة. إذ تسببت الحدود التي رسمت في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية بفصل المدينة عن مناطق شاسعة (والتي هي الآن تشكل الجزء الجنوب الغربي من تركيا اليوم). وساهم هذا الفصل بدرجة كبيرة في إضعاف اقتصاد المدينة. ومن ثم، وفي أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات حرمت عمليات التأميم، التي قام بها الناصريون ومن بعدهم البعثيون، البرجوازية من ملكياتها الكبيرة من الأراضي، وكذلك من شركاتها الصناعية. عقب ذلك، شهدت المدينة هجرة واسعة لنخبها باتجاه لبنان وأبعد منه إلى مختلف دول العالم.
من بعد ذلك، حمل وصول حافظ الأسد إلى السلطة معه تمركزاً قوياً جداً في الدولة السورية، معززاً العاصمة دمشق على حساب حلب. الآن، وعلى سبيل المثال، من بين 24 شركة مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية ليس هناك أية شركة مقرها حلب، في حين توجد 22 شركة مقراتها في دمشق.
واليوم، ما يثير القلق أكثر من الأرقام هو الهجرة الواسعة لنخب المدينة، والدمار الهائل الذي لحق بمناطق واسعة من المدينة بما فيها أسواقها التاريخية، وكذلك الانقسام العميق بين المدينة وريفها والذي كشفه النزاع الحالي.
السؤال الآن هو ليس حول تكلفة إعادة إعمار المدينة، بل حول إمكانية هذه المدينة العريقة من التعافي يوماً ما.
(خبير وباحث اقتصادي سوري)