ما فتئت دول جوار ليبيا تدفع باتجاه حلحلة الأزمة الليبية، من خلال إقناع أطرافها بضرورة الوصول إلى تسوية سياسية تُنهي الفوضى التي تجاوز تأثيرها حدود البلاد.
لكن المبادرة الثلاثية المصرية الجزائرية التونسية التي تبحث، منذ أيام، على مستوى المندوبين الدائمين في جامعة الدول العربية، والتي ربما قد تتقدم إلى مستويات أخرى لتصل إلى هدفها في رعاية حوار ليبي ليبي، بعيد عن تأثير أطراف إقليمية أو دولية، يبدو أنها بدأت تتعرض للعرقلة.
ولم يعُد من نافل القول أن وصول إيطاليا إلى طرابلس، يوم أمس الثلاثاء، بالإعلان عن وجودها رسميا من خلال سفارتها، له صلة بالحراك القادم، فهي أكثر الدول الفاعلة اهتماما بالملف الليبي، وقادت جهودا كبيرة من أجل الوصول إلى اتفاق الصخيرات، وهناك من يزعم أن وصول المجلس الرئاسي لـ"حكومة الوفاق" إلى طرابلس، كانت تحت رعايتها، بل وحمايتها أيضا.
ويبدو أن هذا التواجد أثار غضب أطراف دولية أخرى تسعى إلى إيجاد موقع قدم لها في ليبيا، فقد أكدت مصادر مقربة من قيادة المشير خليفة حفتر أن روسيا عازمة على القيام بمناورات عسكرية قبالة الشواطئ الليبية، ابتداء من يوم 8 إلى 11 من يناير الجاري، بالتنسيق مع حليفها "حفتر".
وبحسب ذات المصادر، لـ"العربي الجديد"، فإن قطعا بحرية روسية رست قبالة شاطئ مدينة سرت وسط البلاد، أرسلت تحذيرا للطيران المدني الليبي من المرور فوق سماء المنطقة.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الخطوة الروسية التي يقف وراءها "حفتر"، جاءت بعد وصول قطع بحرية إيطالية، ظهر الاثنين، قبالة طرابلس، أشيع أنها جاءت لحماية البعثة الدبلوماسية الإيطالية، التي وصلت إلى طرابلس لمباشرة أعمالها في السفارة بشكل رسمي.
وطالب البرلمان، في بيان رسمي له أمس الثلاثاء، السلطات الإيطالية بـ"سحب بوارج بحرية محملة بالأسلحة والجنود، وصلت إلى المياه الإقليمية الليبية".
واعتبر بيان البرلمان أن "ذلك يكشف عن الأطماع والنوايا الاستعمارية لبعض الأطراف، تحقيقا لمصالحهم الضيقة، وتمسكا بالسلطة وحكم ليبيا"، مضيفاً "أن هذا الوضع غير شرعي ومخالف للاتفاقيات والقوانين الدولية، باتخاذ كافة الإجراءات الرادعة حتى تحترم السيادة الوطنية إلى حين وقتها".
وفي ذات الوقت، نقلت وسائل إعلام روسية أن رئيس البرلمان، عقيلة صالح، وجّه دعوة رسمية لمسؤولي وزارة الدفاع الروسية لزيارة ليبيا، للتشاور حول آلية مكافحة الإرهاب.
وفي الوقت الذي لم يصدر فيه أي رد رسمي من قبل السلطات الإيطالية، أفادت مصادر مقربة من "حكومة الوفاق" أن إيطاليا أجّلت تقديم أوراق سفيرها بشكل رسمي إلى وزارة خارجية "الوفاق"، والذي كان مقررا يوم أمس الثلاثاء، من دون توضيح أسباب هذا التأجيل.
وتقول شخصيات مقربة من حكومة "الوفاق"، إن الحضور الدبلوماسي الإيطالي المعلن في طرابلس، والحديث عن وجود بوارج حربية قريبة من طرابلس، جاء كخطوة لمنع طموح "حفتر" في الوصول إلى طرابلس، بعد أن تكررت تصريحات قيادات عسكرية مقربة منه، تعكس رغبته في دخول طرابلس، كان آخرها زيارة قام بها عسكري رفيع المستوي بقيادة "حفتر" لمعسكر اللواء الرابع التابع لـ"حفتر"، في منطقة العزيزية، والذي لا يبعد عن طرابلس سوى 20 كم جنوبا.
كما اعتبرت ذات المصادر، أن تحولا كبيرا في موقف "حفتر" وداعميه في البرلمان والقاهرة حدث مؤخرا، بسبب قبول أطراف معارضة له مطلب تعديل الاتفاق السياسي، ولكن نصوص الاتفاق السياسي تشترط أن تتكون لجنة مشتركة من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة للقيام بتعديل الاتفاق السياسي، مما أفقد "حفتر" وحلفاءه فرصة المناورة والمماطلة.
ويرى مراقبو الشأن الليبي أن نشر فيديو مسجل يظهر اعترافات "إرهابي" حول مصير الصحافيين التونسيين "سفيان الشورابي ونذير القطاري" ما هو إلا محاولة للتشويش على مبادرة دول الجوار الليبي الثلاثية، والتي وصلت إلى مستوى تبنيها من قبل الجامعة العربية، التي أوكلت مهمة قيادتها لمبعوثها لدى ليبيا، صلاح الجمالي (تونسي الجنسية).