دائمًا ما تعطينا البدايات مساحة تفكير في معنى الزمن. فهنا مع بداية العام الميلادي الجديد، فرصة للتقييم الذاتي وفرصة لالتقاط الأنفاس للبدء من جديد بأحسن مما كنا عليه، في ظل وتيرة الحياة المتسارعة.
يجدر بنا مع كل بداية أن نقف مع أنفسنا نقيم أهدافنا، طموحاتنا، ونرتب قائمة أحلامنا بعد ما انقضى عام كامل، فلا تحرم نفسك لحظات التأمل والصفاء بينك وبين خلجات نفسك تنظم فيها مسارات تفكيرك وأولوياتك، وتطبطب جراحك من تصرفات البشر وصروف الزمان وتُفرغ نفسك من الهموم المتتابعة في الحياة. جرب أن تبتعد عن أجهزتك الإلكترونية وبرامج التواصل واختل مع ذاتك في ساعة صفاء وستجد نفسك منصتاً جيداً لنفسك ومستمعاً لها. فإن حاجة الإنسان لطقوس تأمل مثل هذه تمنحه قوة وإرادة وشجاعة لمواجهة معتركات العام المقبل، ومازال في الوقت متسع لها.
تمر على الإنسان لحظات جميلة ومشاعر من الأمل وأوقات مباركة عايشها في عامه المنصرم، من المهم أن تبقى ويحتفظ بها الفرد في ذاكرته، لأن جُل ما يرجوه الإنسان هو السعادة والعيش الكريم والإيمان العميق بأن سعادتنا رهينة اختيارنا، كل ذلك مرهون بالتسليم لله، والإيمان بأن كل أوراق الحياة بيد الله، لا بيد البشر، فليس هناك أكثر طمأنينة من قلب المتوكلين. وقدرة الإنسان على أن يعيش بالأمل ويعمل بالأمل، فهي الطاقة المختزنة للقيام بكل ما نحلم به ونتمناه.
انتبه أن يتغلب أملك على عملك لأن هنا تكمن المشكلة فإن تحقيق الأهداف المرتبطة بشكل أساسي ومباشر بالعمل والسعي وشحذ الهمم. أو حين تتغلب آمالنا أعمالنا فقد تنسينا الاحتفاء بقيمة اليوم وما فيه من مواقف جميلة مع أشخاص إيجابيين لا نعي لها بالًا غارقين بآمال مرسومة على ورق دون عمل وسعي. فلا تندب حظك ما دمت لا تعمل للتغيير ولا تسعى لإحداثه في الحياة، الحياة التي لا جمال لها دون كرامة وحرية، المجد الذي لا يُنال إلا بالبذل والتضحية. عش مؤمنًا برسالة تعيش لأجلها وتتبناها وتحسن في العمل لأجلها.
مع بزوغ عام جديد آمل أن يعيد الشباب قائمة أمنياته وأولويات بذله وعطائه، فهناك كرامة وحرية نتمنى أن تعم العالم العربي والإسلامي. أؤمن أن هذه الأمنيات لن تتحقق إلا بتغير قناعة ما في نفوسنا، حال ما آمنا أن كل وطن عربي في هذا العالم هي أوطاننا فستشرق شمس العزة قريبًا وأحلامنا الغُرّ ستُهدى لنا!
*البحرين