ونقلت وكالة الأنباء البيلاروسية "بيلتا"، عن وزير الخارجية فلاديمير ميكيا، قوله إنني "بكل سرور أؤكد بداية شحن النفط من الولايات المتحدة إلى بيلاروسيا... هذا الأمر بات ممكنا نتيجة الاتفاقات التي توصلنا إليها أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في فبراير/شباط الماضي، ولقائه الرئيس ألكسندر لوكاشينكو".
وتندرج شحنة النفط الأميركية ضمن استراتيجية الحكومة البيلاروسية لتنويع مصادر الطاقة في البلاد وتأمين عمل متواصل لمصافي تكرير النفط في العام الحالي والأعوام المقبلة.
وأشار ميكا إلى أن بلاده "تنظر إلى التعاون مع الولايات المتحدة في المجال النفطي كعامل بارز في أمن الدولة في مجال الطاقة، وجزء مهم من العلاقات المتنامية في مجال التجارة والاستثمارات المتبادلة بين البلدين التي تملك إمكانات كبيرة للتطور، وكذلك كعامل لتأمين استقلال وسيادة بلادنا في مجال الاقتصاد".
من جهته، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، أن "الشحنة الأولى من النفط الأميركي تعد صفقة منافسة وتقوي سيادة بيلاروسيا واستقلالها، وتوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لتوفير فرص تجارية للشركات الأميركية المهتمة بالدخول إلى سوق بيلاروسيا"، لافتا إلى أن "الولايات المتحدة "نفذت التزاماتها التي قطعتها في فبراير".
وأوضح الناطق الصحافي باسم "بيلنفتخيم" ألكسندر تيشينكو أن بلاده "حدثت بشكل كبير قائمة شركائها في مجال النفط، وأضيف إلى الشركات الروسية موردون من أذربيجان والنرويج والسعودية".
وجاء الإعلان عن الشحنة الأميركية بعد أيام من وصول شحنة أولى من النفط السعودي في 11 مايو/أيار الحالي. ولم تستبعد بيلاروسيا حينها أن تتبعها شحنات أخرى في المستقبل، في إطار سعيها لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن الاعتماد الكامل على روسيا، بعد الخلافات العميقة حول تسعير النفط، المتواصلة منذ نهاية العام الماضي.
وفي بداية الشهر الحالي، كشف تيشينكو أن شركة "بيلنفتخيم" اشترت أول شحنة نفط من أرامكو السعودية، وحجمها 80 ألف طن. ورغم أن كلتي الشحنتين السعودية والأميركية ليستا كبيرتين، إلا أن أهميتهما تكمن في أن الحرب النفطية بين روسيا والسعودية والولايات المتحدة وصلت إلى بيلاروسيا، أقرب حلفاء الكرملين، والتي تعتمد بشكل شبه كامل على واردات الطاقة الروسية لتغطية احتياجاتها.
كما تساعد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في تقوية موقفه التفاوضي مع موسكو، بعد انتهازه فرصة تهاوي الأسعار وإغراق أرامكو السوق الأوروبية لشراء كميات بأسعار منافسة، وزيادة مخزونات بلاده.
واشتعلت المعركة الأخيرة بين روسيا وجارتها بيلاروسيا ضمن حروب النفط والغاز نهاية العام الماضي، بعد إصرار الكرملين على شروطه بشأن إمدادات النفط، وأسعار الترانزيت إلى أوروبا، ورفضه منح مينسك أسعارا تفضيلة للنفط والغاز، في حال لم تنفذ خطوات ملموسة للدفع بدولة الاتحاد بين البلدين الموقعة اتفاقية بشأنها قبل 20 عاما، وأهمها السلطة السياسية الموحدة، والعملة الموحدة، والاندماج العميق.
وفي بداية العام الحالي، اتهم الرئيس لوكاشينكو روسيا بمحاولة "تركيع" بلاده ، وأعلن لاحقا الاستغناء الجزئي عن النفط الروسي بنسب تراوحت بين30 و40 في المائة، واستوردت عمليا كميات من النرويج بأسعار أغلى.
وتستورد بيلاروسيا نحو 17.6 مليون طن من النفط الروسي مع حسم 17 في المئة من السعر العالمي، وتكسب نحو 1.5 مليار دولار من عائدات ترانزيت لحوالي 43.9 مليون طن من النفط الروسي تتجه إلى أوروبا عبر خط دروجبا (الصداقة). كما تعيد تصدير بعض المشتقات النفطية إلى بلدان البلطيق.
وفي إطار محاولاتها البحث عن مصادر إضافية للنفط، أعلنت بيلاروسيا أنها استوردت في إبريل/نيسان الماضي شحنتين بواقع 85 ألف طن لكل منهما، الأولى من النرويج عبر ليتوانيا، والثانية من أذربيجان عبر ميناء أوديسا الأوكراني.
وأعلن تيشينكو أن بيلاروسيا حصلت الشهر الماضي على نحو مليوني طن من النفط، منها 1.56 مليون من روسيا، وأشار إلى أن المخازن والمصافي النفطية وصلت إلى أقصى طاقتها.
ومنذ بداية العام، توقفت كل الشركات الروسية عن تصدير النفط إلى بيلاروسيا باستثناء "سافماب"، ولكن في إبريل/نيسان، ومع السقوط الحر لأسعار النفط، عاودت كبريات الشركات النفطية تصدير النفط إلى مينسك، وحينها قال وزير النفط البيلاروسي إن بلاده استوردت النفط بسعر أربعة دولارات للبرميل.
وفي حين يجمع الخبراء الروس على أن بيلاروسيا يمكن أن تستفيد على المدى القصير من خفض السعودية الأسعار وسياسة إغراق السوق الأوروبية، وانفتاح واشنطن وتسهيل عمل شركاتها فيها، إلا أن معظمهم يؤكد أنه على المدى البعيد، لن يكون النفط السعودي أو الأميركي خيارا استراتيجيا لبيلاروسيا نظرا لكلفة الشحن العالية عبر الناقلات، وبعدها نقل النفط عبر السكك الحديد أو استخدام أنابيب النفط السوفيتية القديمة من بولندا وأوكرانيا للضخ العكسي نحو بيلاروسيا.