27 سبتمبر 2018
.. والصين كخطر إمبريالي
بالنسبة لأميركا، الصين هي الخطر الحقيقي. وبالنسبة لروسيا، الصين ورقة لعب في العلاقة مع أميركا. لكن، ما هي الصين؟
منذ أخذت الصين التحوّل نحو الرأسمالية، بنت علاقات وثيقة مع أميركا، ووصلت، في تسعينات القرن العشرين، الى فتح مناطق صينية لنشاط الرأسمال الأميركي والأوروبي. وكان هذا يرى فيها سوقاً واسعاً استوجب بناء الصناعة في تلك المناطق، حيث كان يظهر أن الرأسمال الإمبريالي يتعامل مع الصين بوصفها سوقاً، من طرف، وأيدي عاملة رخيصة من طرف آخر. لهذا، كانت الصين ملجأ الرأسمال الفائض خلال تلك السنوات وبعدها. لكن، كان منظور الصين يقوم على مبدأ اكتساب الخبرة والتقنية خصوصاً. وهذا ما أفلحت به، واستطاعت تطوير صناعاتها بشكل لافت، بعد أن كانت السلع الأساسية في التقنيات العالية والسيارات والملابس وغيرها تصنّع "ماركات عالمية" أو صناعات "وطنية" في الصين.
انتقلت الصين، في مرحلة تالية، ومع عولمة العالم ودخولها منظمة التجارة العالمية، إلى التصدير، فقد باتت بضائعها "هي المدفعية بيدها" لدكّ كل الأسواق، خصوصاً وهي تقدّم سلعاً مختلفة مستويات السعر، من الرخيص جداً إلى الأغلى. وبالتالي، باتت تدمّر صناعات الغزل والنسيج في كل العالم تقريباً. ونشرت سلعاً مختلفة، غاية في الرخص، من الموبايل إلى القدّاحة، حتى بات يظهر أن كل السلع المتداولة عالمياً صينية. تحوّل، في هذه اللحظة، إلى إمبريالية تجارية تغزو العالم، وتصل إلى أقاصي الأرض بأسعارٍ بخسة، في عالمٍ كان يزحف الفقر الى كل أطرافه، وأخذت مطاعمها تنافس أرقى المطاعم، حتى في المراكز.
وهذا ما جعلها تراكم فائضاً ضخماً، أخذت تصدره كذلك، حيث باتت تصدّر الرأسمال إلى مختلف بقاع العالم، وتشتري العقارات والشركات الكبرى، وتوظف في البناء والطرق، والنفط. وضخت مئات مليارات الدولارات في أميركا اللاتينية (خمسين مليار في البرازيل وحدها)، وفي أفريقيا، وكذلك في أوروبا، حيث عملت على شراء شركات عملاقة وفنادق ضخمة وعقارات. ذلك كله إضافة إلى التوظيف في أميركا، وخصوصاً في سندات الخزينة التي تعني أن أميركا باتت مديناً لها. على الرغم من ذلك، ربما تكون هي البلد الذي يملك أكبر احتياطي نقدي من الدولارات (3,5 تريليونات دولار). وهي تتوسع لمدّ سيطرتها الاقتصادية على محيطها الآسيوي، وتضخِّم من قواتها العسكرية، وقد بدأت في بناء قواعد خارج حدودها، حيث أقامت قاعدةً بحرية في جيبوتي.
يُظهر ذلك كله أن التراكم المالي بات يصبّ في خزينتها، بعد أن باتت القوة الاقتصادية الثانية بعد أميركا، متفوقة على أوروبا واليابان، وبالتأكيد على روسيا.
ولا شك في أن تطورها السريع في إطار رأسمالي، على الرغم من سيطرة "حزب شيوعي" على السلطة، وحكمه بشكل دكتاتوري فظ، واستغلاله العمال بشكل عبودي، جعلها تتقدّم من أجل فرض سطوتها العالمية. وعلى الرغم من التشابك "المالي" والتجاري الضخم بينها وبين أميركا، فهي تتقدّم بهدوء، لكي تحلّ محلها عبر السيطرة على السوق العالمي والتحكّم بالدولار، من خلال التراكم الضخم الذي تملكه. وإذا لا تزال تحافظ على سعر مضبوط لليوان، عملتها الرسمية، وترفض تعويمه، أملاً في أن تفرضه بديلاً عن الدولار، إلا أن تشابكها الاقتصادي العالمي لم يمنع من أن تتسرَّب إليها أعراض مرض الرأسمالية، أي الطابع المالي للاقتصادي وسيطرة المضاربة وأسواق الأسهم. لهذا، بات يشار الى الفقاعة الصينية، والتي ظهرت في انهيار أسواق المال قبل فترة وجيزة. ومن ثم نجدها تعاني من أزمةٍ مجتمعيةٍ نتيجة الاستغلال الفظ للعمال والفلاحين، وتراكم مالي بات يؤسس لفقاعاتٍ مالية قابلة للانفجار.
على الرغم من ذلك كله، تسعى الصين إلى أن تفرض قوتها عالمياً، وأن تصبح قوةً عسكرية قادرة على الدفاع عن مصالحها الممتدة من أفريقيا الى أميركا اللاتينية، ومن أميركا إلى أوروبا. إنها الخطر الإمبريالي على أميركا. لكن، ربما على العالم.
منذ أخذت الصين التحوّل نحو الرأسمالية، بنت علاقات وثيقة مع أميركا، ووصلت، في تسعينات القرن العشرين، الى فتح مناطق صينية لنشاط الرأسمال الأميركي والأوروبي. وكان هذا يرى فيها سوقاً واسعاً استوجب بناء الصناعة في تلك المناطق، حيث كان يظهر أن الرأسمال الإمبريالي يتعامل مع الصين بوصفها سوقاً، من طرف، وأيدي عاملة رخيصة من طرف آخر. لهذا، كانت الصين ملجأ الرأسمال الفائض خلال تلك السنوات وبعدها. لكن، كان منظور الصين يقوم على مبدأ اكتساب الخبرة والتقنية خصوصاً. وهذا ما أفلحت به، واستطاعت تطوير صناعاتها بشكل لافت، بعد أن كانت السلع الأساسية في التقنيات العالية والسيارات والملابس وغيرها تصنّع "ماركات عالمية" أو صناعات "وطنية" في الصين.
انتقلت الصين، في مرحلة تالية، ومع عولمة العالم ودخولها منظمة التجارة العالمية، إلى التصدير، فقد باتت بضائعها "هي المدفعية بيدها" لدكّ كل الأسواق، خصوصاً وهي تقدّم سلعاً مختلفة مستويات السعر، من الرخيص جداً إلى الأغلى. وبالتالي، باتت تدمّر صناعات الغزل والنسيج في كل العالم تقريباً. ونشرت سلعاً مختلفة، غاية في الرخص، من الموبايل إلى القدّاحة، حتى بات يظهر أن كل السلع المتداولة عالمياً صينية. تحوّل، في هذه اللحظة، إلى إمبريالية تجارية تغزو العالم، وتصل إلى أقاصي الأرض بأسعارٍ بخسة، في عالمٍ كان يزحف الفقر الى كل أطرافه، وأخذت مطاعمها تنافس أرقى المطاعم، حتى في المراكز.
وهذا ما جعلها تراكم فائضاً ضخماً، أخذت تصدره كذلك، حيث باتت تصدّر الرأسمال إلى مختلف بقاع العالم، وتشتري العقارات والشركات الكبرى، وتوظف في البناء والطرق، والنفط. وضخت مئات مليارات الدولارات في أميركا اللاتينية (خمسين مليار في البرازيل وحدها)، وفي أفريقيا، وكذلك في أوروبا، حيث عملت على شراء شركات عملاقة وفنادق ضخمة وعقارات. ذلك كله إضافة إلى التوظيف في أميركا، وخصوصاً في سندات الخزينة التي تعني أن أميركا باتت مديناً لها. على الرغم من ذلك، ربما تكون هي البلد الذي يملك أكبر احتياطي نقدي من الدولارات (3,5 تريليونات دولار). وهي تتوسع لمدّ سيطرتها الاقتصادية على محيطها الآسيوي، وتضخِّم من قواتها العسكرية، وقد بدأت في بناء قواعد خارج حدودها، حيث أقامت قاعدةً بحرية في جيبوتي.
يُظهر ذلك كله أن التراكم المالي بات يصبّ في خزينتها، بعد أن باتت القوة الاقتصادية الثانية بعد أميركا، متفوقة على أوروبا واليابان، وبالتأكيد على روسيا.
ولا شك في أن تطورها السريع في إطار رأسمالي، على الرغم من سيطرة "حزب شيوعي" على السلطة، وحكمه بشكل دكتاتوري فظ، واستغلاله العمال بشكل عبودي، جعلها تتقدّم من أجل فرض سطوتها العالمية. وعلى الرغم من التشابك "المالي" والتجاري الضخم بينها وبين أميركا، فهي تتقدّم بهدوء، لكي تحلّ محلها عبر السيطرة على السوق العالمي والتحكّم بالدولار، من خلال التراكم الضخم الذي تملكه. وإذا لا تزال تحافظ على سعر مضبوط لليوان، عملتها الرسمية، وترفض تعويمه، أملاً في أن تفرضه بديلاً عن الدولار، إلا أن تشابكها الاقتصادي العالمي لم يمنع من أن تتسرَّب إليها أعراض مرض الرأسمالية، أي الطابع المالي للاقتصادي وسيطرة المضاربة وأسواق الأسهم. لهذا، بات يشار الى الفقاعة الصينية، والتي ظهرت في انهيار أسواق المال قبل فترة وجيزة. ومن ثم نجدها تعاني من أزمةٍ مجتمعيةٍ نتيجة الاستغلال الفظ للعمال والفلاحين، وتراكم مالي بات يؤسس لفقاعاتٍ مالية قابلة للانفجار.
على الرغم من ذلك كله، تسعى الصين إلى أن تفرض قوتها عالمياً، وأن تصبح قوةً عسكرية قادرة على الدفاع عن مصالحها الممتدة من أفريقيا الى أميركا اللاتينية، ومن أميركا إلى أوروبا. إنها الخطر الإمبريالي على أميركا. لكن، ربما على العالم.