وثائق ميتروخين[5-5]...عملية خاصة بالسفارة السعودية في عدن ودعم مالي لشيوعيي العراق والجزائر
تستعرض وثائق ميتروخين اليمنية الصلة الوطيدة للأجهزة الاستخبارية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو اليمن الجنوبي منذ عام 1972 مع المخابرات السوفيتية (كي جي بي) في ظل السياسة العدوانية التي كانت تبديها السعودية تجاه دولة الجنوب حينها، بينما تتناول الوثائق التي تخص العراق والتي اطلع "العربي الجديد" عليها في أرشيف تشرشل بجامعة كامبريدج جانبا من قناة المساعدات السوفييتية المالية للأحزاب الشيوعية العربية، فيما تتضمن الوثائق المتعلقة بالجزائر اهتمام "كي جي بي" برصد نشاط المعارضة الجزائرية في فرنسا وعلاقاتها بالأميركيين، وبصفة خاصة القنصل الأميركي في مارسيليا.
البداية من اليمن، والتي تذكر الوثائق التي ترجمها "العربي الجديد" عن الروسية، أن "كي جي بي" بدأ يتواصل مع الأجهزة الأمنية الخاصة في اليمن الجنوبي في 12 مايو/أيار 1972، متعهدا بتقديم مختلف أنواع الدعم وتنظيم العمل الاستخباراتي لمواجهة السياسة العدوانية السعودية تجاه دولة الجنوب، كما تتضمن الوثيقة ذاتها اسم وزير أمن الدولة، محمد سعيد عبد الله المعروف تنظيميا باسم "محسن"، وتضيف الوثيقة أن "كي جي بي" خصص 200 ألف روبل (حوالي 333 ألف دولار وفقا لسعر الصرف الرسمي وقتها في الاتحاد السوفييتي) لدعم الأجهزة الخاصة اليمنية، وتولّى تدريب أفراد التشفير، وكان يتم تسليم الشيفرات من دون مقابل مادي.
وشمل التعاون بين الأجهزة الاستخبارية في الاتحاد السوفييتي واليمن الجنوبي تبادلا للمعلومات حول نشاط الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والسعودية والوضع في الجزيرة العربية والخليج.
وتفيد الوثيقة ذاتها بزرع "معدات خاصة" ضمن السفارة السعودية في عدن، فيما أطلق عليه اسم عملية "خمسين" وتتضمن وثيقة أخرى متعلقة بالسعودية اسم عضو الحزب الشيوعي السعودي، منير المبارك، المصنف "عضواً سريّاً للغاية في الحزب"، وتم استقباله في موسكو للدراسة في عام 1982.
وبينما ينفي محمد سعيد عبد الله ما جاء في الوثائق، علق قادري أحمد حيدر المؤرخ في مركز الدراسات والبحوث التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، قائلا: "وقائع التعاون بين موسكو وحكومة اليمن الجنوبي أمنيا واستخباراتيا طبيعية"، مضيفا لـ"العربي الجديد": "الدول عندما تُبنى، تُشكَّل بموازاتها الأجهزة الأمنية وهو ما جرى في اليمن الجنوبي، ومن الطبيعي أن يوجد تعاون استخباري بين الدول المتحالفة مبني على المصالح كما هو قائم بين الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية أخرى الآن"، وهو ما يؤكده زميله الدكتور أحمد الجنيد، كبير الباحثين في مركز الدراسات والبحوث، قائلا لـ"العربي الجديد" إن دولة الجنوب في سبعينيات القرن الماضي شهدت دعما أمنيا وعسكريا منقطع النظير من موسكو، في ظل السياسة العدوانية التي كانت تبديها السعودية تجاه دولة الجنوب حينها، بل كانت تذهب بعيدا في عدائها من خلال دعم عصابات مسلحة ضد الدولة كعصابة "دهمس".
وتعد عصابة "دهمس" التي كان يتزعمها علي دهمس من العصابات التي تلقت دعما سعوديا لتنفيذ تفجيرات وأعمال تخريبية في عدن، بدعوى أن الحزب الاشتراكي اليمني مكّن الجيش الأحمر السوفييتي من عدن، قبل أن يتم إلقاء القبض عليهم في عام 1982 في عهد الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية علي ناصر محمد.
الأجهزة الأمنية اليمنية الخاصة
في 12 مايو/أيار 1972، استقبل رئيس جهاز "كي جي بي" آنذاك، يوري أندروبوف، عضو اللجنة المركزية للجبهة القومية، وزير الداخلية اليمني الجنوبي صالح مصلح قاسم في الاتحاد السوفييتي، وتطرق اللقاء إلى مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المتبادل.
وفي يوليو/تموز 1973، بدأ ضابط اتصالات "كي جي بي" عمله في عدن، ليشمل تبادلا للمعلومات الاستخباراتية والتخطيط ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والسعودية وتدريب أفراد للمخابرات اليمنية وتزويدهم بمعدات خاصة سوفييتية الصنع.
وحتى مايو/أيار تسلم اليمنيون معدات خاصة بقيمة تزيد على 100 ألف روبل (حوالي 166 ألف دولار)، قبل أن توافق اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي في فبراير/شباط 1975 على تخصيص 200 ألف روبل أخرى (333 ألف دولار) على سبيل الدعم المالي للاستخبارات اليمنية. وفي يونيو/حزيران 1975، تسلمت وزارة أمن الدولة اليمنية مبلغا وقدره 100 ألف دولار أميركي.
وتوضح الوثيقة ذاتها أن "كي جي بي" كان يؤثر في قيادة الأجهزة الخاصة اليمنية بما يصب في مصلحة الاتحاد السوفييتي، وهو ما يعده الجنيد أمرا طبيعيا في ظل الدعم المتواصل لدولة الجنوب العربي شمل تدريب وتأهيل أمنيين وعسكريين ودعمهم بالسلاح، مشيرا إلى أن الدعم السوفييتي شمل أيضا سورية والعراق في فترة السبعينيات من القرن الماضي.
وشمل ذلك الدعم تأهيل كوادر الحزب الاشتراكي، وتقديم مساعدات للجنة المركزية للحزب والعمل على بناء مقرها في عدن، وبناء معهد "باذيب" للعلوم السياسية والحزبية الذي من خلاله كان يتم تأهيل كوادر الحزب وفق ما يقول الجنيد.
العراق
تتناول وثائق "ميتروخين" جانبا من مساعدات الاتحاد السوفييتي المالية للشيوعيين العراقيين، ومن بين الوقائع الواردة فيها على سبيل الثمال لا الحصر، تسليم سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، عزيز محمد، والملقب بـ"الرئيسي" مبلغا قدره 200 ألف دولار أميركي بواسطة مقيم "كي جي بي" في دمشق، بالإضافة إلى 168185 دولاراً لعضو اللجنة المركزية للحزب، كريم أحمد، عبر مقر "كي جي بي" في لبنان في مارس/آذار 1981.
وتشير وثائق أخرى إلى تقديم دعم للشيوعيين المصريين عبر بغداد في عهد السادات والتي استعرضتها الحلقة الثانية من الملف، كما كان عزيز محمد يستخدم جواز سفر سورياً باسم "عبد العزيز الخالد" في الاتحاد السوفييتي وعند السفر عبر الدول الأخرى.
وفي عام 1979، عقدت محادثات مع "الرئيسي" حول تنظيم بث إذاعي من إقليم كردستان العراق، كما تشير الوثيقة ذاتها إلى أن "مجموعتين كرديتين بقيادة مسعود برزاني وجلال طالباني يقدمان برامج تُستقبل في بغداد".
وفي يناير/كانون الثاني 1980، قرر الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي تزويد الحزب الشيوعي العراقي في مناطق كردستان العراق ببضعة آلاف من مسدسات "سكوربيون" الآلية وألف صاروخ مضاد للدبابات.
من جانبه يعلق رائد فهمي، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، قائلا "الحزب الشيوعي العراقي منذ التأسيس لديه علاقات عربية وثيقة على مستوى الأحزاب الشيوعية الأخرى، وكذلك علاقات دولية وهي ليست خفية على أحد وعلنية، خاصة مع الحزب الشيوعي المصري وعلاقاتنا مع السوفييت ليست حصرية ففي تلك الحقبة كان السوفييت يقدمون الدعم لكل الأحزاب التحررية العربية بما فيها الفلسطينية كجبهة التحرير الفلسطينية ويقدمون المساعدات المختلفة لها ولغيرها من الأحزاب عبر قنوات معينة، وفي السبعينيات كانت العملية تتم بعلم حزب البعث في العراق، لكن بعد فترة الثمانينيات وخلال انتقالنا إلى مرحلة الكفاح المسلح إثر اعتقال كوادرنا وإغلاق مكاتبنا وأحكام الإعدام التي صدرت بحق قيادات الحزب صرنا نخوض مقاومة حقيقية ضد حزب البعث، وتلقينا مساعدات من السوفييت، لكنها بسيطة، إلى جانب دعم إعلامي وإيفاد الطلاب من العراق إلى روسيا للدراسة هناك على حسابهم".
ويضيف "كنا في مرحلة دفاع عن النفس خلال الثمانينيات، والدعم القادم سواء كان أسلحة إلى فرع الحزب شمال العراق أو أموال كان يصب في هذا الإطار ولم يكن يحمل أي طابع آخر، وكان مسؤول فرع الشمال (الكردي) بالحزب الشيوعي كريم أحمد في تلك الفترة"، وتابع "لا علم لي بأي نشاط للمخابرات الروسية مع الحزب الشيوعي، وكان الموضوع دعم ضمن إطار علاقات الاتحاد السوفييتي مع جميع الأحزاب التحررية العربية وظلت فلسطين قضيتنا المشتركة مع الأحزاب الشيوعية في الدول العربية الأخرى، ولنا رفاقنا في فلسطين ولبنان ومصر شاركوا في معارك ضد الاحتلال الإسرائيلي".
دعم الشيوعيين في الجزائر
على عكس الدعم السوفييتي الكبير بمئات آلاف الدولارات للأحزاب الشيوعية في سورية ومصر ولبنان والعراق، تتضمن وثائق "ميتروخين" المتعلقة بالجزائر أرقاما زهيدة نسبيا مثل تخصيص 15 ألف دولار أميركي للشيوعيين الجزائريين في عام 1975 و60 ألف دولار سنويا في أعوام 1975 - 1978، وكان يتم تسليم المبالغ عبر مندوب في باريس يدعى خطيب حفيد.
وتتضمن الوثائق ذاتها اسم "صادق هجرس الملقب بـ"عشر"، موضحة أن قسم "أ" بـ"كي جي بي" كان مهتما في الحصول بواسطته على معلومات حول نشاط المعارضة الجزائرية في فرنسا وعلاقاتها بالأميركيين، وبصفة خاصة القنصل الأميركي في مارسيليا.
وتوضح الوثائق أن التواصل بين مقيمي "كي جي بي" و"عشر" كان يتم عن طريق إرسال إشارات من جهاز إرسال من طراز "يوغ-15" إلى جهاز الراديو الخاص بـ"عشر"، وتواصل "العربي الجديد" مع هجرس والذي وعد بالرد على عدة أسئلة حول طبيعة العلاقة بين الشيوعيين الجزائريين و"كي جي بي" غير أن الموقع لم يتلق رداً حتى كتابة هذه السطور.
ومن أجل إخفاء الاتصالات بين الشيوعيين الجزائريين وموسكو، توضح إحدى وثائق "ميتروخين" أنه كان يتم اللجوء إلى بعض الأساليب البسيطة مثل السفر إلى موسكو عن طريق باريس في عام 1975 للمشاركة في اجتماع ممثلي الأحزاب الشيوعية العربية، وإرسال التهاني إلى السفارة السوفييتية بالبريد العادي لإثبات عدم وجود أي اتصالات غير رسمية بين الحزب الشيوعي والسفارة.
البداية من اليمن، والتي تذكر الوثائق التي ترجمها "العربي الجديد" عن الروسية، أن "كي جي بي" بدأ يتواصل مع الأجهزة الأمنية الخاصة في اليمن الجنوبي في 12 مايو/أيار 1972، متعهدا بتقديم مختلف أنواع الدعم وتنظيم العمل الاستخباراتي لمواجهة السياسة العدوانية السعودية تجاه دولة الجنوب، كما تتضمن الوثيقة ذاتها اسم وزير أمن الدولة، محمد سعيد عبد الله المعروف تنظيميا باسم "محسن"، وتضيف الوثيقة أن "كي جي بي" خصص 200 ألف روبل (حوالي 333 ألف دولار وفقا لسعر الصرف الرسمي وقتها في الاتحاد السوفييتي) لدعم الأجهزة الخاصة اليمنية، وتولّى تدريب أفراد التشفير، وكان يتم تسليم الشيفرات من دون مقابل مادي.
وشمل التعاون بين الأجهزة الاستخبارية في الاتحاد السوفييتي واليمن الجنوبي تبادلا للمعلومات حول نشاط الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والسعودية والوضع في الجزيرة العربية والخليج.
وتفيد الوثيقة ذاتها بزرع "معدات خاصة" ضمن السفارة السعودية في عدن، فيما أطلق عليه اسم عملية "خمسين" وتتضمن وثيقة أخرى متعلقة بالسعودية اسم عضو الحزب الشيوعي السعودي، منير المبارك، المصنف "عضواً سريّاً للغاية في الحزب"، وتم استقباله في موسكو للدراسة في عام 1982.
وبينما ينفي محمد سعيد عبد الله ما جاء في الوثائق، علق قادري أحمد حيدر المؤرخ في مركز الدراسات والبحوث التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، قائلا: "وقائع التعاون بين موسكو وحكومة اليمن الجنوبي أمنيا واستخباراتيا طبيعية"، مضيفا لـ"العربي الجديد": "الدول عندما تُبنى، تُشكَّل بموازاتها الأجهزة الأمنية وهو ما جرى في اليمن الجنوبي، ومن الطبيعي أن يوجد تعاون استخباري بين الدول المتحالفة مبني على المصالح كما هو قائم بين الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية أخرى الآن"، وهو ما يؤكده زميله الدكتور أحمد الجنيد، كبير الباحثين في مركز الدراسات والبحوث، قائلا لـ"العربي الجديد" إن دولة الجنوب في سبعينيات القرن الماضي شهدت دعما أمنيا وعسكريا منقطع النظير من موسكو، في ظل السياسة العدوانية التي كانت تبديها السعودية تجاه دولة الجنوب حينها، بل كانت تذهب بعيدا في عدائها من خلال دعم عصابات مسلحة ضد الدولة كعصابة "دهمس".
وتعد عصابة "دهمس" التي كان يتزعمها علي دهمس من العصابات التي تلقت دعما سعوديا لتنفيذ تفجيرات وأعمال تخريبية في عدن، بدعوى أن الحزب الاشتراكي اليمني مكّن الجيش الأحمر السوفييتي من عدن، قبل أن يتم إلقاء القبض عليهم في عام 1982 في عهد الرئيس الأسبق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية علي ناصر محمد.
الأجهزة الأمنية اليمنية الخاصة
في 12 مايو/أيار 1972، استقبل رئيس جهاز "كي جي بي" آنذاك، يوري أندروبوف، عضو اللجنة المركزية للجبهة القومية، وزير الداخلية اليمني الجنوبي صالح مصلح قاسم في الاتحاد السوفييتي، وتطرق اللقاء إلى مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المتبادل.
وفي يوليو/تموز 1973، بدأ ضابط اتصالات "كي جي بي" عمله في عدن، ليشمل تبادلا للمعلومات الاستخباراتية والتخطيط ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والسعودية وتدريب أفراد للمخابرات اليمنية وتزويدهم بمعدات خاصة سوفييتية الصنع.
وحتى مايو/أيار تسلم اليمنيون معدات خاصة بقيمة تزيد على 100 ألف روبل (حوالي 166 ألف دولار)، قبل أن توافق اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي في فبراير/شباط 1975 على تخصيص 200 ألف روبل أخرى (333 ألف دولار) على سبيل الدعم المالي للاستخبارات اليمنية. وفي يونيو/حزيران 1975، تسلمت وزارة أمن الدولة اليمنية مبلغا وقدره 100 ألف دولار أميركي.
وتوضح الوثيقة ذاتها أن "كي جي بي" كان يؤثر في قيادة الأجهزة الخاصة اليمنية بما يصب في مصلحة الاتحاد السوفييتي، وهو ما يعده الجنيد أمرا طبيعيا في ظل الدعم المتواصل لدولة الجنوب العربي شمل تدريب وتأهيل أمنيين وعسكريين ودعمهم بالسلاح، مشيرا إلى أن الدعم السوفييتي شمل أيضا سورية والعراق في فترة السبعينيات من القرن الماضي.
وشمل ذلك الدعم تأهيل كوادر الحزب الاشتراكي، وتقديم مساعدات للجنة المركزية للحزب والعمل على بناء مقرها في عدن، وبناء معهد "باذيب" للعلوم السياسية والحزبية الذي من خلاله كان يتم تأهيل كوادر الحزب وفق ما يقول الجنيد.
العراق
تتناول وثائق "ميتروخين" جانبا من مساعدات الاتحاد السوفييتي المالية للشيوعيين العراقيين، ومن بين الوقائع الواردة فيها على سبيل الثمال لا الحصر، تسليم سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، عزيز محمد، والملقب بـ"الرئيسي" مبلغا قدره 200 ألف دولار أميركي بواسطة مقيم "كي جي بي" في دمشق، بالإضافة إلى 168185 دولاراً لعضو اللجنة المركزية للحزب، كريم أحمد، عبر مقر "كي جي بي" في لبنان في مارس/آذار 1981.
وتشير وثائق أخرى إلى تقديم دعم للشيوعيين المصريين عبر بغداد في عهد السادات والتي استعرضتها الحلقة الثانية من الملف، كما كان عزيز محمد يستخدم جواز سفر سورياً باسم "عبد العزيز الخالد" في الاتحاد السوفييتي وعند السفر عبر الدول الأخرى.
وفي عام 1979، عقدت محادثات مع "الرئيسي" حول تنظيم بث إذاعي من إقليم كردستان العراق، كما تشير الوثيقة ذاتها إلى أن "مجموعتين كرديتين بقيادة مسعود برزاني وجلال طالباني يقدمان برامج تُستقبل في بغداد".
وفي يناير/كانون الثاني 1980، قرر الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي تزويد الحزب الشيوعي العراقي في مناطق كردستان العراق ببضعة آلاف من مسدسات "سكوربيون" الآلية وألف صاروخ مضاد للدبابات.
من جانبه يعلق رائد فهمي، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، قائلا "الحزب الشيوعي العراقي منذ التأسيس لديه علاقات عربية وثيقة على مستوى الأحزاب الشيوعية الأخرى، وكذلك علاقات دولية وهي ليست خفية على أحد وعلنية، خاصة مع الحزب الشيوعي المصري وعلاقاتنا مع السوفييت ليست حصرية ففي تلك الحقبة كان السوفييت يقدمون الدعم لكل الأحزاب التحررية العربية بما فيها الفلسطينية كجبهة التحرير الفلسطينية ويقدمون المساعدات المختلفة لها ولغيرها من الأحزاب عبر قنوات معينة، وفي السبعينيات كانت العملية تتم بعلم حزب البعث في العراق، لكن بعد فترة الثمانينيات وخلال انتقالنا إلى مرحلة الكفاح المسلح إثر اعتقال كوادرنا وإغلاق مكاتبنا وأحكام الإعدام التي صدرت بحق قيادات الحزب صرنا نخوض مقاومة حقيقية ضد حزب البعث، وتلقينا مساعدات من السوفييت، لكنها بسيطة، إلى جانب دعم إعلامي وإيفاد الطلاب من العراق إلى روسيا للدراسة هناك على حسابهم".
ويضيف "كنا في مرحلة دفاع عن النفس خلال الثمانينيات، والدعم القادم سواء كان أسلحة إلى فرع الحزب شمال العراق أو أموال كان يصب في هذا الإطار ولم يكن يحمل أي طابع آخر، وكان مسؤول فرع الشمال (الكردي) بالحزب الشيوعي كريم أحمد في تلك الفترة"، وتابع "لا علم لي بأي نشاط للمخابرات الروسية مع الحزب الشيوعي، وكان الموضوع دعم ضمن إطار علاقات الاتحاد السوفييتي مع جميع الأحزاب التحررية العربية وظلت فلسطين قضيتنا المشتركة مع الأحزاب الشيوعية في الدول العربية الأخرى، ولنا رفاقنا في فلسطين ولبنان ومصر شاركوا في معارك ضد الاحتلال الإسرائيلي".
دعم الشيوعيين في الجزائر
على عكس الدعم السوفييتي الكبير بمئات آلاف الدولارات للأحزاب الشيوعية في سورية ومصر ولبنان والعراق، تتضمن وثائق "ميتروخين" المتعلقة بالجزائر أرقاما زهيدة نسبيا مثل تخصيص 15 ألف دولار أميركي للشيوعيين الجزائريين في عام 1975 و60 ألف دولار سنويا في أعوام 1975 - 1978، وكان يتم تسليم المبالغ عبر مندوب في باريس يدعى خطيب حفيد.
وتتضمن الوثائق ذاتها اسم "صادق هجرس الملقب بـ"عشر"، موضحة أن قسم "أ" بـ"كي جي بي" كان مهتما في الحصول بواسطته على معلومات حول نشاط المعارضة الجزائرية في فرنسا وعلاقاتها بالأميركيين، وبصفة خاصة القنصل الأميركي في مارسيليا.
وتوضح الوثائق أن التواصل بين مقيمي "كي جي بي" و"عشر" كان يتم عن طريق إرسال إشارات من جهاز إرسال من طراز "يوغ-15" إلى جهاز الراديو الخاص بـ"عشر"، وتواصل "العربي الجديد" مع هجرس والذي وعد بالرد على عدة أسئلة حول طبيعة العلاقة بين الشيوعيين الجزائريين و"كي جي بي" غير أن الموقع لم يتلق رداً حتى كتابة هذه السطور.
ومن أجل إخفاء الاتصالات بين الشيوعيين الجزائريين وموسكو، توضح إحدى وثائق "ميتروخين" أنه كان يتم اللجوء إلى بعض الأساليب البسيطة مثل السفر إلى موسكو عن طريق باريس في عام 1975 للمشاركة في اجتماع ممثلي الأحزاب الشيوعية العربية، وإرسال التهاني إلى السفارة السوفييتية بالبريد العادي لإثبات عدم وجود أي اتصالات غير رسمية بين الحزب الشيوعي والسفارة.