أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن نداء استغاثة، لإنقاذ الوضع الصحي من الانهيار الكامل والوشيك الناتج عن الحصار المطبق منذ بدء "عاصفة الحزم".
وحذّرت وزارة الصحة من كارثة صحية متوقعة، بسبب العجز الذي وصلت إليه المستشفيات والخدمات الصحية، بالإضافة إلى خدمات التحصين والإسعاف في جميع محافظات الجمهورية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود وشح الأدوية والمستلزمات الطبية.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الصحة، أشارت إلى أن "انقطاع الكهرباء وانعدام الوقود جعل الوزارة وفروعها في كافة المحافظات عاجزة عن تشغيل سلسلة التبريد لحفظ ونقل اللقاحات وهي معرضة للتلف، ما سبب إيقافا كاملا لتطعيم الأطفال، ما يهدد بكارثة صحية شاملة ستؤدي إلى انتشار الإمراض والأوبئة، ومنها عودة شلل الأطفال وداء الحصبة الذي سبق أن تم التخلص منها".
وأكدت وزارة الصحة اليمنية أن المستشفيات ستصبح "عاجزة بشكل كلي عن تقديم خدماتها الصحية وتشغيل غرف العمليات والعنايات المركزة وحاضنات الأطفال الخدّج وتوفير احتياجاتها من الأدوية المنقذة للحياة والمستلزمات الطبية الضرورية وأدوية الأمراض المزمنة وكذا توقف مراكز الغسيل الكلوي، ما يهدد حياة عشرات الآلاف من المرضى"، مشيرة إلى أن انعدام الكهرباء سيتسبب في تلف مخزون الدم بمراكز نقل الدم والعجز عن توفيره للمصابين ومن يحتاجونه.
وأوضح البيان بأن "انقطاع المياه سيجعل البلاد عرضه لانتشار الأمراض وتتعرض حياة ملايين الأطفال للخطر والموت"، محذراً من ارتفاع "معدلات سوء التغذية بين الأطفال والأمهات، وهذا يعني ضياع الجهود التي بذلت خلال السنوات السابقة لمكافحة سوء التغذية باليمن".
ولفت البيان إلى أن "طواقم الإسعاف ستصبح عاجزة تماماً عن إسعاف الجرحى والمصابين وإنقاذ حياتهم"، مبيناً أن "حياة أطفال اليمن وجميع مواطنيها ذكوراً وإناثاً في خطر".
وناشدت الوزارة في بيانها ما وصفته بـ "الضمير الإنساني" وجميع الأطراف و"العقلاء ودول العالم من الأشقاء والأصدقاء ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية للعمل بسرعة لإنقاذ حياة اليمنيين"، عن طريق توفير الوقود والأدوية والغذاء.
إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في هيئة مستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء، أن المستشفى "لن تستطيع الصمود خلال الأيام القليلة القادمة في حال لم يتم تزويد المستشفى بالوقود والأدوية المطلوبة"، مشيراً إلى أن المستشفى يعجز عن تسديد ما عليه من مبالغ للتجار والمقاولين التي يقدمون له الأدوية والغذاء.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن إدارة المستشفى عمدت إلى تنفيذ "سياسة تقشف في كثير من الجوانب، بما فيها توقف العمل في بعض الأقسام وتقليل وجبات المرضى".
مستشفيات محافظة إب
إلى ذلك، أعلن عدد من مستشفيات محافظة إب (وسط اليمن) إغلاق أبوابه أمام المرضى بعد انتهاء مخزونه من الوقود، وانعدامه من الأسواق. كما أعلنت إدارة مستشفى الأمومة والطفولة أنها أغلقت جميع أقسام المستشفى جراء انعدام مادة الديزل، بعدما عجزت عن تقديم الخدمات الطبية. كما أغلق مستشفى ناصر في المحافظة أبوابه أمام المرضى للسبب نفسه. وفي السياق، أغلقت هيئة مستشفى الثورة العام في المحافظة بعض الأقسام الهامة فيها لشح الوقود، وكذلك الحال في مستشفى جبله في المحافظة، علماً أن هذه المستشفيات من أكبر المستشفيات في المحافظة.
أما مستشفى الجمهوري بمحافظة المحويت (غربا) فقد أرسل مذكرة إلى محافظ المحافظة (رئيس المجلس المحلي) فيها إشعار بانعدام المياه والوقود في المستشفى، الأمر الذي سيعرضها للتوقف التام خلال الأيام القادمة.
وقال مدير عام أكبر مستشفى بمحافظة المحويت الدكتور نبيل السلمي، في مذكرته، التي حصل "العربي الجديد" على نسخة حصرية منها، إن "المياه انعدمت تماماً في المستشفى، وأن الوقود على وشك النفاد، وهذا سيؤدي إلى إغلاق تام للمستشفى"، مشيراً إلى أن المستشفى يحتوي على أقسام حيوية غير قادرة على الاستمرار، من دون طاقة لأكثر من 24 ساعة.
ولفت مدير المستشفى إلى أن ثلاجة المستشفى مليئة بالجثث، وأن قسم الخدّج وقسم الكلى من أكثر الأقسام تضرراً بسبب انعدام الوقود. وخاطبت المستشفى قيادة محافظة المحويت بهدف توجيهها، بما يلزم وإخلاء للمسؤولية كما جاء في المذكرة.
وقال مصدر في المستشفى لـ"العربي الجديد" بأن مخزون الوقود في المستشفى لن يكفي لأكثر من عشرة أيام.
مساعدات
ووصلت الثلاثاء الماضي طائرة الشحن الثانية التابعة لمنظمة "يونيسيف" وعلى متنها 75 طناً من المساعدات الغذائية والصحية.
وأوضحت المسؤولة الصحية في مكتب المنظمة في اليمن، سلوى الأرياني، أن هذه المساعدات تتضمن مستلزمات طبية وأدوية ومستلزمات للمياه والصرف الصحي، مشيرة إلى أن هذه المساعدات تساعد 250 ألف طفل وأسرهم. وبينت أن هذه الشحنة لمصلحة "المحافظات المتضررة من الصراع، ومنها محافظات صعدة وعدن ولحج"، وأن المنظمة ستعمل على إيصال مساعدات أخرى إلى صنعاء حسب الاحتياجات.