ماذا يعني تحذير المشاركين في الدورة العشرين للمؤتمر من تراجع دور الثقافة ودعوتهم "إلى ضرورة التنسيق في مقاومة الأرهاب"؟ تحذير ودعوات لا تعدو أكثر من إعادة لشعارات الحكومات العربية ورطانتها، حيث تدّعي محاربة الإرهابيين، وتدعم في الوقت نفسه مؤسسات وتنظيمات تحضّ على العنف في داخل بلدانها بشرط ألاّ تعترض هذه الجِهات على انتهاكات الأنظمة لحقوق مواطنيها.
وما الذي يقصده المؤتمرون بـ"نشر قيم الاعتدال والوسطية وتوظيفها في التربية والإعلام والثقافة"، وهي قيم يتنازعون على تعريفها وتوظيفها وغاياتها، لأنّ كل نظام عربي يزعم أنه ممثّل لـ"الاعتدال" و"الوسطية"، وبات من مهامّ وزارات الثقافة ترويج هذه الدعاية في كل مهرجان وفعالية ثقافية أو فنية.
بعد ترديد "إسطوانة الإرهاب"، تُقرّ سلسلة من التكريمات والاحتفاليات المجانية، فيُخصّص الوزراء يوماً للمخطوط العربي، متناسين أن بعضهم ينتمي إلى حكومات فرّطت في إرثها الحضاري الذي يتواصل نهبه وتدميره إلى اليوم، وينسحب الأمر ذاته إلى توصيتهم بـ"الاهتمام باللغة العربية تدريساً واستعمالاً وتطويراً من خلال التأليف والإبداع والبحث العلمي والترجمة منها"، فهل سنشهد بعدها تحويل الأموال المرصودة للاحتفال بمناسبات وطنية وأعياد الزعماء إلى دعم اللغة العربية مثلاً؟
وكذلك أوصى المؤتمرون بـ"جائزة عربية للمبدع الشاب"، بينما يتعرّض مبدعون عرب، والشباب منهم خاصةً، للتضييق على حرياتهم أو للاعتقال حتى اللحظة.
لم تأت التوصية الأخيرة مختلفة عن سابقاتها، فقد دعا الوزراء إلى "تعزيز التنسيق الثقافي العربي بما يخدم المشروع الثقافي العربي المستقبلي"، وحتى لا نذهب بعيداً بالسؤال عن ماهية هذا المشروع وأهدافه جاءت تكملته واضحةً للجميع بـ"توحيد الجهود الرسمية والشعبية في مواجهة الفكر المتطرّف الذي يستنزف جهود التنمية المستدامة"، في تعمية على حقيقة أن الفساد والاستبداد اللذين أخفقا في تحقيق التنمية المستدامة تسبّبا في ظهور كل هذا التطرف.