أكّد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم السبت، أنّ دولة قطر ظلّت تدعو إلى الحوار كنهج لحل الأزمات، وأنّ الأزمة الخليجية قامت من دون أي أساس، معرباً عن أمله في أن تسود الحكمة يوماً ما، وأن تأتي البلدان إلى طاولة الحوار في سبيل حل هذه الأزمة التي افتعلتها دول الحصار الأربع (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر)، مشيراً إلى وجود 2600 حالة انتهاك لحقوق الإنسان بسبب الحصار، مؤكداً "ونحن ملزمون بحماية شعبنا".
وقال وزير الخارجية، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر السياسات العالمية في المغرب، إن "دول الخليج كانت أكثر أجزاء الشرق الأوسط استقراراً، فقد كانت مركز الاستقرار، وكانت نموذجاً ومثالاً للتعاون الجماعي لتحقيق هدف مشترك، ألا وهو الحفاظ على أمن المنطقة، وخلق مستقبل أكثر ازدهاراً وتحقيق تكامل اقتصادي أفضل لخدمة مستقبل شعوبها".
وتابع "أنا على يقين من أن الجميع يدركون أنني أتحدّث عن منطقة الخليج التي كانت على هذا النحو قبل بضعة أشهر، حتى بدأت أزمة من العدم ومن دون أي أساس، لنجد أن دول الخليج ودول مجلس التعاون الخليجي كمنظمة، وعلى وجه التحديد دولة قطر، قد وصلت فجأة إلى الصفحة الأولى في كل وسائل الإعلام التي تتحدّث عن الشرق الأوسط. أزمة تعصف بإحدى أكثر مناطق الإقليم استقراراً. منطقة تعتبر مصدراً للطاقة من نفط وغاز مسال، وهي منطقة واقعة في أحد أكثر أقاليم العالم تعقيداً، والآن تصبح موقعاً لأزمة جديدة في نفس الإقليم".
وأضاف: "هناك فشل في النظام الدولي، حيث نجده عاجزاً عن الوفاء باحتياجات المدنيين، وعن حمايتهم من أن يصبحوا جزءاً من أي صراع سياسي. نجد النظام العالمي قد فشل في حماية المدنيين في مناطق الصراع المختلفة، مثل سورية واليمن وليبيا والآن في قطر".
وتساءل الوزير القطري: "لماذا لا توجد آلية في النظام الدولي، في القرن الحادي والعشرين، لمنع حدوث ذلك؟ ولماذا لا توجد أي آلية حقيقية لحماية الشعب القطري، والشعب السوري، وشعوب العالم. لحماية الإنسانية من هذه التصعيدات؟".
وأعرب عن اعتقاده أن "هذا تحدٍ عالمي بالغ الأهمية، وآمل أن يتمكن هذا التجمع هنا من التوصل إلى بعض التوصيات من أجل أن يجتمع المجتمع الدولي ليواجه قانون القوة بقوة القانون، بل من أجل تمكين النظام العالمي نفسه من حماية الشعوب".
وأردف قائلاً: "لا أريد أن أمضي الكثير من الوقت لشرح حالتنا، ولكني أعتقد أنها حالة مماثلة تماماً للحالات الأخرى، ولكن ليس على نفس المستوى، ونأمل ألا تصل لهذا المستوى من التوتر أبداً، كما نأمل أن تحل الأزمة قريباً جداً، ليس لأننا نرى أن هناك الكثير من التحديات، ولكن لأن المنطقة تعيش حالة من التوتر، ولا نعتقد أن هذه المنطقة تستطيع تحمل المزيد من الأزمات".
وفي ما يتعلق بحياد الموقف الأميركي، قال عبدالرحمن آل ثاني، "لقد كانت الولايات المتحدة متسقة وواضحة جداً في موقفها منذ البداية. فهم يريدون حل هذه الأزمة. صحيح، نحن البلد الذي يتعرّض لهذا العدوان من هذه الدول الأربع، وقد كنا نتوقع المزيد من الحلفاء والمزيد من الأصدقاء أن يعلنوا رفضهم لانتهاك القانون الدولي وللأثر الإنساني الناتج عن هذه الأزمة. وقد كانت الولايات المتحدة في مقدمة هذه الدول. وقد رفضوا الحصار ورفضوا استمرار هذه الأزمة وهم يحاولون الدعوة إلى الحوار".
واستدرك قائلاً "لكن في أي صراع أو أي أزمة، هناك دائماً طرفان، وإذا كان أحد الطرفين غير راغب في المشاركة والحوار، فلا يمكن وضع حد لهذه الأزمة، وحتى لو جاء أحد الأطراف مرغماً إلى طاولة الحوار، فإنهم لن يأتوا بنيّة حسنة لحل المشكلة"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ "قطر ستبقى متمسكة بموقفها؛ أن أفضل طريقة هي الحوار. ومتى ما قرر الآخرون أنهم يريدون حل هذه الأزمة ستكون قطر على الطاولة في انتظارهم مع أصدقائنا وحلفائنا، سواء من الولايات المتحدة أو الدول الصديقة الأخرى".
وحول مستقبل العلاقات مع إيران، قال وزير الخارجية "لقد كانت علاقتنا مع إيران ثابتة لسنوات، لم نغيّر سياستنا، على الرغم من أن لدينا الآن وضعاً مختلفاً وظروفاً مختلفة، فعندما يتم حصار قطر من ثلاثة اتجاهات فلن يبقى لدينا سوى طريق واحد فقط باتجاه الشمال، سواء كان للطيران أو لإرسال الشحنات، الأمر الذي يحتم علينا تكثيف اتصالاتنا مع إيران. ولكن في النهاية، ستظلّ هناك اختلافات سياسية بين قطر وإيران، لأن السياسات تنبني عادة على المبادئ والتقييم".
وفي 5 يونيو/ حزيران الماضي قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصاراً برياً وجوياً، إثر حملة افتراءات، قبل أن تقدّم ليل 22 ــ 23 من الشهر نفسه، عبر الوسيط الكويتي، إلى قطر، قائمة مطالب تضمنت 13 بنداً تمسّ جوهر سيادة الدوحة، وتهدف إلى فرض الوصاية عليها.
(قنا)