لم يكن مفاجئاً أن يُقْدِم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على تعيين المستشار أحمد الزند، المحسوب على نظام حسني مبارك، وزيراً للعدل خلفاً لمحفوظ صابر، بعدما استحق رئيس قضاة مصر بمواقفه وممارسته طوال السنوات الماضية صفة "عدو الثورة"، ليكون بذلك الأنسب من وجهة نظر النظام لقيادة وزارة العدل في هذه المرحلة.
ويأتي اختيار الزند، المنغمس بالعمل السياسي على الرغم من وظيفته القضائية، والمتشرب بكراهية كل معارض للنظام، في ظل النهج التصعيدي الذي يعتمده النظام ضد معارضيه من مختلف التوجهات السياسية؛ والتي يؤدي فيها القضاء دوراً أساسياً، إن من خلال أحكام الإعدام التي يصدرها بالجملة، على غرار تلك التي صدرت أخيراً بحق الرئيس المعزول محمد مرسي وعشرات آخرين، أو من خلال الأحكام المشددة بسجن الناشطين السياسيين.
كما لا يمكن فهم تعيين رئيس نادي القضاة في المنصب الجديد، وأدائه اليمين بسرية تامة، إلا في إطار عودة نظام مبارك بمختلف أركانه إلى الصدارة مجدداً، وبوضع أفضل من فترة المخلوع، ولا سيما أن كل التوجهات التي ينتهجها السيسي سواء في القرارات أو القوانين تعكس سيطرة رجال مبارك على الحكم.
اقرأ أيضاً: أشهر تصريحات الزند ضد ثورة يناير ورموزه
ويعد الزند أحد رموز التيار الذي يعتبر القضاء جزءاً من النظام السياسي المصري، فيحميه ويدافع عنه ويعاقب معارضيه بقرارات تتخذ صفة "أحكام باسم الشعب". وجاء اختياره في هذا التوقيت ليحسم الصراع الدائر بين الجناح المتطرف والجناح الأقل تطرفاً في السلطة المصرية، لصالح الأول، ولا سيما أن الزند الذي أغمض عينيه عن كل عمليات التزوير في انتخابات 2005 و2010، ودافع عن مبارك بعد قيام الثورة ضده، هو أحد العرابين الأوائل إعلامياً وميدانياً لأحداث 30 يونيو/حزيران 2013، وأحد الشخصيات البارزة في المعسكر المصطلح تسميته بـ "الدولة المصرية العميقة" الذي يعبر عن تحالف السلطة التنفيذية مع القوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام الرسمي والمؤيد للنظام الحاكم.
والسيسي الذي يتجه إلى أقصى اليمين في اختيار وزراء العدل، لم يكتف هذه المرة في أن يكون الوزير، كما جرت العادة في عهد حسني مبارك، قاضياً تكنوقراطياً مسناً بعيداً عن الحقل السياسي، بل اختار أحد رموز الحراك المناهض لجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل وغيرها من التيارات المعارضة، ليؤكد تعيينه استمرار جموح نظام 3 يوليو/تموز 2013 إلى مزيد من العدوانية ضد المعارضة، سواء كانت إسلامية أم مدنية أم شبابية أم حزبية. والزند، الذي يبلغ 69 عاماً، كان من أشد معارضي ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي يدعي السيسي أنه يحترمها ويعتبرها ثورة حقيقية، شأنها شأن "ثورة 30 يونيو/حزيران". وهو الوزير الوحيد في حكومة إبراهيم محلب الحالية الذي له تصريحات سابقة واضحة ضد ثوار يناير. ففي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال الزند إن "25 يناير ليست ثورة أصلاً، ولم تقنعني ولم تدخل دماغي، ويا ريتها ما قامت". كما هاجم مراراً عدداً من رموز الثورة الشبان ونشطائها، وتقدم ببلاغات إلى النائب العام ضد بعضهم. ويشتهر الزند بصمته عن كل عمليات التزوير في انتخابات 2005 و2010، ودافع عن مبارك بعد قيام الثورة ضده.
اقرأ أيضاً: الزند وزيرا للعدل ...عكاشة يشكل الوزارة
كما تجاهل اختيار السيسي للزند المعايير الشكلية التي أطاحت بسلفه محفوظ صابر من الوزارة، بعد حديثه عن استحالة تعيين "أبناء عمال النظافة" في السلطة القضائية. فالزند، الذي لديه ابنان يعملان في القضاء، له تاريخ طويل في الاستهانة بفئات الشعب غير القضاة وإهانتهم. ففي مارس/آذار 2012، وصف الزند تعيين أبناء القضاة في وظائف آبائهم بأنه "زحف مقدس لن يوقفه الحاقدون والكارهون"، قاصداً بذلك موظفي المحاكم الذين كانوا يطالبون آنذاك بقبول تعيين أبنائهم المتفوقين في السلك القضائي، وليس كموظفين معاونين للقضاة فقط. وفي يناير/كانون الثاني 2014 وصف الزند طائفة القضاة المصريين بـ "الأسياد" والآخرين بـ "العبيد"، في معرض رده على حرق معارضين لأحكام القضاء صور بعض القضاة.
والزند أيضاً ليس بعيداً عن اتهامات تتعلق بالتلاعب بأسعار الأراضي المخصصة للقضاة، وبيع أراض كانت مملوكة لنادي القضاة، منها تورطه في بيع قطعة أرض تابعة لنادي القضاة بورسعيد لابن عم زوجته، بسعر 18 ألف جنيه للمتر، بإجمالي 9 ملايين و153 ألف جنيه لقطعة الأرض البالغ مساحتها 508.5 أمتار مربعة، في حين أن سعر المتر في تلك المنطقة يتجاوز 50 ألف جنيه. كما قُدم بلاغ ضد الزند، بالمستندات، يثبت تورطه في الحصول على 300 فدان بالساحل الشمالي بسعر 11 ألف جنيه للفدان، من دون فتح تحقيق فيها حتى أنه يوصف في أوساط القضاة بأنه "سمسار أراضي".
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات التي تمثل سلبيات عديدة في عرف الأجهزة الرقابية، تم اختيار الزند لمنصب وزير العدل. ويشكل اختياره أيضاً ذروة المواجهة بينه وبين عدوه القديم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أكبر جهاز رقابي على أعمال الحكومة، حيث كان الزند قد تفوق على جنينة (ممثل تيار استقلال القضاء) في انتخابات نادي القضاة عام 2009، وبعدها تراشق الاثنان مراراً باتهامات الفساد والتلاعب بأموال القضاة، حتى تم تعيين جنينة رئيساً للجهاز فبدأ في كشف مخالفات مالية في نادي القضاة تحت رئاسة الزند. وهو ما فاقم الخلافات بينهما إلى حد اتهام الزند لعدوه بأنه "إخواني". أمر جعل حتى القضاة يتلقون خبر اختياره بعدم الارتياح. فأعضاء ثاني أكبر هيئة قضائية وهي مجلس الدولة متحفظون بشدة على اختيار الزند، وكانوا يدعمون بقوة رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي المستشار حسام عبد الرحيم، والسبب أن الزند كان موقفه سلبياً خلال الأزمة التي اندلعت بين مجلس الدولة وهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة حول سلطات واختصاصات كل منها خلال إعداد دستوري 2012 و2014، بالإضافة إلى أن الزند أشاع كذباً عن رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد أمين المهدي أنه مهادن للإخوان والمعارضة، عندما تم ترشيحه وزيراً للعدل في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان، مما أدى لاستحداث حقيبة للعدالة الانتقالية وتوليته إياها، منعاً لإحراج الأخير وإثارة غضب قضاة مجلس الدولة.
ومن المفارقات التي سبقت تعيين الزند ما قاله الإعلامي توفيق عكاشة، وهو أحد الأذرع الإعلامية التي تحدث عنها السيسي حينما كان وزيراً للدفاع، إذ أشار إلى أن تعيين الزند وزيراً للعدل هو "مطلب شعبي". ولا يمكن فصل ما قاله عكاشة عن فكرة الترويج للرجل تمهيداً للإعلان عن تعيينه وزيرا للعدل، وهو يشير إلى أن اختيار الزند جاء عبر أجهزة سيادية، وليس بناء على ترشيحات من الحكومة أو الأحزاب الموالية لها.
وفي سياق التعليق على اختيار الزند، قال القيادي في حزب الكرامة، محمد بسيوني، إن اختيار وزير العدل الجديد يطرح الكثير من علامات الاستفهام، ولا سيما أن الرجل معروف بعدائه لثورة يناير؛ وهو محسوب على نظام المخلوع مبارك.
وأضاف بسيوني لـ "العربي الجديد"، أن اختيار الزند سيُدخل السيسي في معارك وهمية خلال الفترة المقبلة، مضيفاً "ليس معنى رفض الإخوان القبول برعاة الثورة المضادة في مصر، والصعود على أكتاف شهداء الثورة إلى قمة السلطة".
من جهته، أوضح الخبير السياسي، مختار غباشي، أن "الجميع فوجئ صباح الأربعاء بحلف الزند اليمين وزيراً للعدل، وهو ما يعني أن الأمر تم بشكل مفاجئ وسري للغاية حتى موعد الإعلان عن الأمر، وهو ما يؤكد أن المسألة برمتها كانت ستكون بمثابة مثار استهجان ورفض شعبي وسياسي". وأشار إلى أن النظام الحالي أو من يرتب للأوضاع داخل الرئاسة، أراد إتمام الأمر بشكل مفاجئ حتى لا يتعطل تعيين الزند وزيراً للعدل، وبذلك تكون موجة الغضب بعد توليه وليس قبلها.
اقرأ أيضاً: بالفيديو.. مصر تعيّن متهماً بالفساد وزيراً للعدل
ويأتي اختيار الزند، المنغمس بالعمل السياسي على الرغم من وظيفته القضائية، والمتشرب بكراهية كل معارض للنظام، في ظل النهج التصعيدي الذي يعتمده النظام ضد معارضيه من مختلف التوجهات السياسية؛ والتي يؤدي فيها القضاء دوراً أساسياً، إن من خلال أحكام الإعدام التي يصدرها بالجملة، على غرار تلك التي صدرت أخيراً بحق الرئيس المعزول محمد مرسي وعشرات آخرين، أو من خلال الأحكام المشددة بسجن الناشطين السياسيين.
كما لا يمكن فهم تعيين رئيس نادي القضاة في المنصب الجديد، وأدائه اليمين بسرية تامة، إلا في إطار عودة نظام مبارك بمختلف أركانه إلى الصدارة مجدداً، وبوضع أفضل من فترة المخلوع، ولا سيما أن كل التوجهات التي ينتهجها السيسي سواء في القرارات أو القوانين تعكس سيطرة رجال مبارك على الحكم.
اقرأ أيضاً: أشهر تصريحات الزند ضد ثورة يناير ورموزه
والسيسي الذي يتجه إلى أقصى اليمين في اختيار وزراء العدل، لم يكتف هذه المرة في أن يكون الوزير، كما جرت العادة في عهد حسني مبارك، قاضياً تكنوقراطياً مسناً بعيداً عن الحقل السياسي، بل اختار أحد رموز الحراك المناهض لجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل وغيرها من التيارات المعارضة، ليؤكد تعيينه استمرار جموح نظام 3 يوليو/تموز 2013 إلى مزيد من العدوانية ضد المعارضة، سواء كانت إسلامية أم مدنية أم شبابية أم حزبية. والزند، الذي يبلغ 69 عاماً، كان من أشد معارضي ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي يدعي السيسي أنه يحترمها ويعتبرها ثورة حقيقية، شأنها شأن "ثورة 30 يونيو/حزيران". وهو الوزير الوحيد في حكومة إبراهيم محلب الحالية الذي له تصريحات سابقة واضحة ضد ثوار يناير. ففي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قال الزند إن "25 يناير ليست ثورة أصلاً، ولم تقنعني ولم تدخل دماغي، ويا ريتها ما قامت". كما هاجم مراراً عدداً من رموز الثورة الشبان ونشطائها، وتقدم ببلاغات إلى النائب العام ضد بعضهم. ويشتهر الزند بصمته عن كل عمليات التزوير في انتخابات 2005 و2010، ودافع عن مبارك بعد قيام الثورة ضده.
اقرأ أيضاً: الزند وزيرا للعدل ...عكاشة يشكل الوزارة
والزند أيضاً ليس بعيداً عن اتهامات تتعلق بالتلاعب بأسعار الأراضي المخصصة للقضاة، وبيع أراض كانت مملوكة لنادي القضاة، منها تورطه في بيع قطعة أرض تابعة لنادي القضاة بورسعيد لابن عم زوجته، بسعر 18 ألف جنيه للمتر، بإجمالي 9 ملايين و153 ألف جنيه لقطعة الأرض البالغ مساحتها 508.5 أمتار مربعة، في حين أن سعر المتر في تلك المنطقة يتجاوز 50 ألف جنيه. كما قُدم بلاغ ضد الزند، بالمستندات، يثبت تورطه في الحصول على 300 فدان بالساحل الشمالي بسعر 11 ألف جنيه للفدان، من دون فتح تحقيق فيها حتى أنه يوصف في أوساط القضاة بأنه "سمسار أراضي".
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات التي تمثل سلبيات عديدة في عرف الأجهزة الرقابية، تم اختيار الزند لمنصب وزير العدل. ويشكل اختياره أيضاً ذروة المواجهة بينه وبين عدوه القديم المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أكبر جهاز رقابي على أعمال الحكومة، حيث كان الزند قد تفوق على جنينة (ممثل تيار استقلال القضاء) في انتخابات نادي القضاة عام 2009، وبعدها تراشق الاثنان مراراً باتهامات الفساد والتلاعب بأموال القضاة، حتى تم تعيين جنينة رئيساً للجهاز فبدأ في كشف مخالفات مالية في نادي القضاة تحت رئاسة الزند. وهو ما فاقم الخلافات بينهما إلى حد اتهام الزند لعدوه بأنه "إخواني". أمر جعل حتى القضاة يتلقون خبر اختياره بعدم الارتياح. فأعضاء ثاني أكبر هيئة قضائية وهي مجلس الدولة متحفظون بشدة على اختيار الزند، وكانوا يدعمون بقوة رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي المستشار حسام عبد الرحيم، والسبب أن الزند كان موقفه سلبياً خلال الأزمة التي اندلعت بين مجلس الدولة وهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة حول سلطات واختصاصات كل منها خلال إعداد دستوري 2012 و2014، بالإضافة إلى أن الزند أشاع كذباً عن رئيس مجلس الدولة الأسبق محمد أمين المهدي أنه مهادن للإخوان والمعارضة، عندما تم ترشيحه وزيراً للعدل في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان، مما أدى لاستحداث حقيبة للعدالة الانتقالية وتوليته إياها، منعاً لإحراج الأخير وإثارة غضب قضاة مجلس الدولة.
ومن المفارقات التي سبقت تعيين الزند ما قاله الإعلامي توفيق عكاشة، وهو أحد الأذرع الإعلامية التي تحدث عنها السيسي حينما كان وزيراً للدفاع، إذ أشار إلى أن تعيين الزند وزيراً للعدل هو "مطلب شعبي". ولا يمكن فصل ما قاله عكاشة عن فكرة الترويج للرجل تمهيداً للإعلان عن تعيينه وزيرا للعدل، وهو يشير إلى أن اختيار الزند جاء عبر أجهزة سيادية، وليس بناء على ترشيحات من الحكومة أو الأحزاب الموالية لها.
وأضاف بسيوني لـ "العربي الجديد"، أن اختيار الزند سيُدخل السيسي في معارك وهمية خلال الفترة المقبلة، مضيفاً "ليس معنى رفض الإخوان القبول برعاة الثورة المضادة في مصر، والصعود على أكتاف شهداء الثورة إلى قمة السلطة".
من جهته، أوضح الخبير السياسي، مختار غباشي، أن "الجميع فوجئ صباح الأربعاء بحلف الزند اليمين وزيراً للعدل، وهو ما يعني أن الأمر تم بشكل مفاجئ وسري للغاية حتى موعد الإعلان عن الأمر، وهو ما يؤكد أن المسألة برمتها كانت ستكون بمثابة مثار استهجان ورفض شعبي وسياسي". وأشار إلى أن النظام الحالي أو من يرتب للأوضاع داخل الرئاسة، أراد إتمام الأمر بشكل مفاجئ حتى لا يتعطل تعيين الزند وزيراً للعدل، وبذلك تكون موجة الغضب بعد توليه وليس قبلها.
اقرأ أيضاً: بالفيديو.. مصر تعيّن متهماً بالفساد وزيراً للعدل