27 سبتمبر 2018
وطن في فوضى
كل الكلام هو عن الفوضى. بالضبط، لأن كل ما يجري فوضى. لكن، لا أحد يناقش لماذا حدثت هذه الفوضى، حين نهضت الشعوب لتغيير واقعها؟
الفوضى واضحة بلا شك، في سورية، حيث مارس النظام كل الوحشية، وعانت الثورة فوضى منعتها من الانتصار، فأصبح توصيف الوضع أننا نعيش حالة استعصاء، استعصاء مخلوط بالفوضى في كل المناطق. وفي العراق، حدث حراك لإسقاط العملية السياسية، أو لتغيير موازين القوى فيها فشهدنا الفوضى. وهناك وهنا، دخلت أميركا، لكي تحارب داعش التي باتت "قوة عالمية"، تستحق الحشد، على الرغم من ضآلة عديدها في مقابل الأعداد الموجودة في سورية أو العراق للقوى التي تقاتل النظامَين. وأصبحنا في سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وانقسام ليبيا والصراع بين "أخوة السلاح"، والتلميح الأميركي لفرض "الإسلاميين" في السلطة.
واضح أن الثورات استطاعت أن تضعف النظم فقط، وهو الباب الذي فتح على الفوضى. هل يعني ذلك رفض الثورات؟ لا بالتأكيد، وأصلاً، الأمر لا يتعلق بالموافقة أو الرفض، لأن الشعوب تتحرك نتيجة وضعها الذي بات لا يطاق، وحيث أصبحت على حافة الموت. لهذا، تحركت من دون استشارة أحد، على الرغم من أنها بحاجة شديدة إلى "أحد"، وهذا ما لا يناقش، أو يولى أي اهتمام.
فمن الطبيعي أن يؤدي حراك الشعب، وبهذه القوة، إلى ضعف النظم، وإلى انفلات الصراعات، وأصلاً ليس من الممكن تحقيق التغيير من دون ضعف النظم. بالتالي، كان من الطبيعي أن نغرق في الفوضى، بعد أن ضعفت النظم أو انهارت، أو باتت عاجزة عن الحكم، كما في ليبيا. السؤال الجوهري هنا هو: ما السبب؟ الثورات؟ وهل نستطيع منع شعبٍ من الثورة، وأصلاً كانت الثورة مفاجأة لكل النخب والأحزاب. ولهذا، عجزوا عن أن يلعبوا دوراً فيها، وكانوا، أصلاً، نسوا أن هناك ثورات، وأن الشعوب يمكن أن تثور.
بالتالي، الفوضى أمر طبيعي لغياب القوى السياسية التي مهمتها، في لحظة الثورة، أن تنظم وتطور الحراك، لكي يوصل إلى انتصار يحقق مطالب الشعب، كي يعود الشعب إلى "الهدوء والسكينة". وبغير ذلك، سيبقى يثور ويقاتل، ويسعى إلى التغير، وبالتالي، ستضعف النظم أكثر، وربما تتهاوى. وسيكون الوضع مفتوحاً على تدخلاتٍ كثيرة، وعلى صراعات "ماضوية" أو مناطقية، أو تنافسية. حيث سيحاول كل طرف، خارجي أو كامن في البنية، أن يحقق ضمن هذه الفوضى مصالحه هو. وبهذا تتراكم الفوضى، وتتوسع. لكن، هذا ليس المسار الممكن، حين ينهض الشعب من أجل التغيير، لأنه بات يعرف ماذا يريد، حتى، وإنْ دخل في متاهاتٍ نتيجة عدم المعرفة بكيف يتحقق. بالتالي، سيفرض ذلك طرح السؤال عن النقص الذي يفضي إلى ذلك.
هذا ما أشرنا إليه منذ البدء، حيث لماذا الفوضى؟ بالضبط، لأن الحراك عفوي، يعرف ماذا يريد ومن يعادي، لكنه لا يعرف كيف يحقق الإرادة، ويؤسس ما يحقق مطالبه. بمعنى أن الفوضى أمر طبيعي، في وضعٍ تغيب فيه البدائل، وتتلاشي القوى التي تنظم وتتكتك، وتخطط وتعرف كيف توجه الحشد، ومن ثم كيف تتقدم لكي تنتصر.
فالثورات عفوية، وهذا يعني أنها من دون تنظيم ومن دون "وعي"، ولهذا، هي تضغط فتضعف وتفكك، لكنها لا تستطيع فرض بديلها، بعد أن أضعفت النظم وفككتها. الثورات ينقصها، إذن، الخطوة الأهم، والتي تتعلق بكيف تسيطر على السلطة، بدل أن تترك الوضع في فوضى؟ وما هو البديل الذي تطرحه، لكي تفرضه بعد استيلاء الشعب على السلطة؟ هذا يعني أنه ينقصها "العقل" و"المنظّم". وفي هذا حديث كثير حول أزمة الأحزاب المعنية بمطالب الشعب، لكن الثورات لا تنتظر، بل لا بد من أن تتبلور القوى التي تسهم في فرض سلطةٍ بديلة، فالشعب يريد سلطةً بديلة، سلطته هو.
الفوضى واضحة بلا شك، في سورية، حيث مارس النظام كل الوحشية، وعانت الثورة فوضى منعتها من الانتصار، فأصبح توصيف الوضع أننا نعيش حالة استعصاء، استعصاء مخلوط بالفوضى في كل المناطق. وفي العراق، حدث حراك لإسقاط العملية السياسية، أو لتغيير موازين القوى فيها فشهدنا الفوضى. وهناك وهنا، دخلت أميركا، لكي تحارب داعش التي باتت "قوة عالمية"، تستحق الحشد، على الرغم من ضآلة عديدها في مقابل الأعداد الموجودة في سورية أو العراق للقوى التي تقاتل النظامَين. وأصبحنا في سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وانقسام ليبيا والصراع بين "أخوة السلاح"، والتلميح الأميركي لفرض "الإسلاميين" في السلطة.
واضح أن الثورات استطاعت أن تضعف النظم فقط، وهو الباب الذي فتح على الفوضى. هل يعني ذلك رفض الثورات؟ لا بالتأكيد، وأصلاً، الأمر لا يتعلق بالموافقة أو الرفض، لأن الشعوب تتحرك نتيجة وضعها الذي بات لا يطاق، وحيث أصبحت على حافة الموت. لهذا، تحركت من دون استشارة أحد، على الرغم من أنها بحاجة شديدة إلى "أحد"، وهذا ما لا يناقش، أو يولى أي اهتمام.
فمن الطبيعي أن يؤدي حراك الشعب، وبهذه القوة، إلى ضعف النظم، وإلى انفلات الصراعات، وأصلاً ليس من الممكن تحقيق التغيير من دون ضعف النظم. بالتالي، كان من الطبيعي أن نغرق في الفوضى، بعد أن ضعفت النظم أو انهارت، أو باتت عاجزة عن الحكم، كما في ليبيا. السؤال الجوهري هنا هو: ما السبب؟ الثورات؟ وهل نستطيع منع شعبٍ من الثورة، وأصلاً كانت الثورة مفاجأة لكل النخب والأحزاب. ولهذا، عجزوا عن أن يلعبوا دوراً فيها، وكانوا، أصلاً، نسوا أن هناك ثورات، وأن الشعوب يمكن أن تثور.
بالتالي، الفوضى أمر طبيعي لغياب القوى السياسية التي مهمتها، في لحظة الثورة، أن تنظم وتطور الحراك، لكي يوصل إلى انتصار يحقق مطالب الشعب، كي يعود الشعب إلى "الهدوء والسكينة". وبغير ذلك، سيبقى يثور ويقاتل، ويسعى إلى التغير، وبالتالي، ستضعف النظم أكثر، وربما تتهاوى. وسيكون الوضع مفتوحاً على تدخلاتٍ كثيرة، وعلى صراعات "ماضوية" أو مناطقية، أو تنافسية. حيث سيحاول كل طرف، خارجي أو كامن في البنية، أن يحقق ضمن هذه الفوضى مصالحه هو. وبهذا تتراكم الفوضى، وتتوسع. لكن، هذا ليس المسار الممكن، حين ينهض الشعب من أجل التغيير، لأنه بات يعرف ماذا يريد، حتى، وإنْ دخل في متاهاتٍ نتيجة عدم المعرفة بكيف يتحقق. بالتالي، سيفرض ذلك طرح السؤال عن النقص الذي يفضي إلى ذلك.
هذا ما أشرنا إليه منذ البدء، حيث لماذا الفوضى؟ بالضبط، لأن الحراك عفوي، يعرف ماذا يريد ومن يعادي، لكنه لا يعرف كيف يحقق الإرادة، ويؤسس ما يحقق مطالبه. بمعنى أن الفوضى أمر طبيعي، في وضعٍ تغيب فيه البدائل، وتتلاشي القوى التي تنظم وتتكتك، وتخطط وتعرف كيف توجه الحشد، ومن ثم كيف تتقدم لكي تنتصر.
فالثورات عفوية، وهذا يعني أنها من دون تنظيم ومن دون "وعي"، ولهذا، هي تضغط فتضعف وتفكك، لكنها لا تستطيع فرض بديلها، بعد أن أضعفت النظم وفككتها. الثورات ينقصها، إذن، الخطوة الأهم، والتي تتعلق بكيف تسيطر على السلطة، بدل أن تترك الوضع في فوضى؟ وما هو البديل الذي تطرحه، لكي تفرضه بعد استيلاء الشعب على السلطة؟ هذا يعني أنه ينقصها "العقل" و"المنظّم". وفي هذا حديث كثير حول أزمة الأحزاب المعنية بمطالب الشعب، لكن الثورات لا تنتظر، بل لا بد من أن تتبلور القوى التي تسهم في فرض سلطةٍ بديلة، فالشعب يريد سلطةً بديلة، سلطته هو.